"الاختفاء في سيسيل هوتيل"... أين إليسا لام؟

16 فبراير 2021
قاد الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تحقيقاً موازياً لتحقيق الشرطة (Getty)
+ الخط -

في عام 2013، حزمت فتاة كندية، تُدعى إليسا لام، حقائبها، وشدّت الرحال إلى لوس أنجيلس. هناك، نزلت في فندق اسمه "سيسيل هوتيل". واظبت على الاتصال بوالديها، الآسيويين المهاجرين، يومياً. هكذا، إلى أن توقّفت مكالماتها، واختفت نهائياً، ليبدأ التحقيق في ملابسات اختفائها الغامض. في سلسلة وثائقية تتألّف من أربع حلقات، بدأت "نتفليكس" أخيراً بعرضها تحت عنوان Crime Scene: The Vanishing at the Cecil Hotel، نتعرّف إلى تفاصيل اختفاء إليسا لام، من خلال مجموعة لقاءات مع المحققين الرئيسيين في هذه القضية، إضافة إلى مديرة الفندق، وضيوف آخرين.

يصحبنا الوثائقي، أيضاً، في الشوارع الخلفية والخفية للوس أنجيلس. الفندق يقع في منطقة "يعيش" فيها قرابة 8000 مشرّد. يفترشون الأرض وينامون هناك. بعضهم خرج من مستشفى الأمراض العقلية، وآخرون من السجن. منطقة مخيفة، مليئة بالعنف، وقع فيها كثير من جرائم القتل، إلى جانب أنّها مرتع لتجّار المخدرات ومتعاطيها، إضافة إلى العاملين والعاملات في الجنس. 

الفندق نفسه يُعدّ ملجأً لكل هؤلاء أيضاً، بمن فيهم القتلة؛ إذ كان القاتل المتسلسل ريتشارد راميريز أحد أبرز روّاده. هو فندق يبدو كما لو أنّه خارج منظومة السلطة والمؤسسة الأمنية. متروك ليقطنه كل هؤلاء، ولا أحد يتدخّل إلى أن وقعت جريمة من شأنها أن تحدث جدلاً إعلامياً. وكما تقول مديرته: "كثير من المرّات نتصل بهم ولا يجيبون".

على صعيد آخر، نرى في السلسلة ما يُسمى بـ "الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي" وتأثيرهم. كل منهم يريد أن يصبح نجماً، أن يصبح شخصية مؤثرة، لاجئاً إلى يوتيوب، لينشر لنفسه فيديوهات يتحدّث فيها عن اختفاء الفتاة، لاعباً دور المحقق. كثيرون انهمكوا بالأمر، وناشرين التحليلات "الجنائية"، مخترعين نظريات تتعلّق باختفائها. حتى إن بعضهم لم يتوانَ عن الترويج إلى أن الفندق مسكون بالعفاريت، وقد يكون شبح ما اختطف الفتاة، وقتلها. 

سينما ودراما
التحديثات الحية

راح كثيرون يمضون في نظريات المؤامرة؛ مشيرين إلى أن جهاز الشرطة متواطئ مع قاتل ما، يسعى إلى تخليص النظام من مشرّدي الفندق والمنطقة المحيطة فيه. وحين اكتشف الجميع أن اختفاءها لم يكن سوى حادث هي من تسببت به لنفسها، شعروا بالإحباط؛ ذلك أنّ الأمر كان أبسط مما تخيلوا، وبطبيعة الحال ما من أشباح ولا مؤامرات تزيد من حدّة الإثارة في قضية بدت غامضة كهذه.

بعيداً عن مصير الفتاة المأساوي، يستوقفنا مطولاً هذا اللهاث لدى أولئك الـ يوتيوبرز والناشطين على السوشال ميديا. سباق محموم في ما بينهم؛ كلهم يقرأون تقارير الشرطة، وكلّهم يشاهدون الفيديو الذي ظهرت فيه إليسا لام في مصعد الفندق.. كلّهم ينهمكون في تحقيق موازٍ لتحقيق الجهاز المعني، ويخرجون بنتائج ليست واقعية، وترتكز فقط على معلومات ناقصة يعتقدون أنها حقائق مطلقة. ربّما، في مجتمعات فردية كهذه، يجد هؤلاء لنفسهم فرصة ألّا يكونوا مجرّد أفراد وحسب، بل يشعرون في قيمتهم كمجموعات تتحرّك معاً ولديها قضية. لكن، تمادى الأمر واتّهموا شخصاً بقتلها، لمجرّد أنه نزل مرة في الفندق، وشعروا بارتياب منه لأنه مغنّي "بلاك ميتال"، وظنّوا أنه قدّمها كقربان للشيطان... هؤلاء المتحمسون، بزعم أنهم يبحثون عن الحقيقة، كادوا أن يودوا بحياة الشاب بعد حملة تنمّر إلكتروني كبيرة شنّوها ضده، فانتهى به الأمر محاولاً الانتحار.

المساهمون