The Fast and the Furious: الفيلم نفسه كل عامين

22 ابريل 2017
فين ديزل (Getty)
+ الخط -
لم يتصور أحد من منتجي فيلم The Fast and the Furious عام 2001 أنه سيكون في ظرف سنوات قليلة نواة لواحدة من أنجح وأهم السلاسل السينمائية في الألفية، وسيستمر حتى ثمانية أجزاء وربما ما هو أكثر في الطريق. ولكن هذا ما حدث، ويحقق The Fate of the Furious (الجزء الثامن من السلسلة) أرقاماً قياسية حالياً في شباك التذاكر الأميركي والعالمي، رغم أنه أصبح تكراراً فقيراً ومتواضعاً لنفس الشكل والصراعات والمواقف وحتى مشاهد الحركة من أجزاء سابقة، دون طموح فني أو محاولة للتغيير، ومع ذلك يظل هذا التكرار مفهوماً: لماذا تغير ما يحبه الجمهور إذا جلب لك ملياراً ونصف مليار دولار كل عامين؟
في الجزء السابق، الذي عرض في 2015، استفادت السلسلة إلى أبعد حد من وفاة نجمها بول ووكر قبل نهاية التصوير، فتحوّل الفيلم إلى وداعية شخصية "برايان أوكونر" ولـ"ووكر" نفسه، وأضاف جمهوراً جديداً للسلسلة، وهو الأمر الذي يتم استثماره في الجزء الثامن الذي يبدأ من حيث انتهى الأخير، "برايان" تقاعد، "دومينيك" ابتعد عن سباقات السيارات وعالم الجريمة ويقضي شهر عسل هادئا، وبقية الفريق يعيش حياة طبيعية، ولكن ظهور سيدة غامضة تدعى "سيفر" يطيح بكل هذا، فهي تقرر إغراء "دوم" من أجل عمليات إرهابية بمخطط غامض في أنحاء مختلفة من العالم.

إذا نظرنا إلى شكل الأفلام الأخيرة من السلسلة، سنجد أنها تتبع تماماً نفس (القالب) السردي: تبدأ بقرار تقاعد أو حياة هادئة للأبطال، ثم ظهور شخص شرير لديه مخطط غامض مرتبط بسباق السيارات، ويصبح عليهم الاتحاد لمواجهته والحصول على حريتهم، وهكذا يدور كل فيلم بالحبكة ذاتها. والأسوأ من ذلك أنه لا تغير حتى في طبيعة الشخصيات أو ردود أفعالها أو تعاملها مع المواقف بين كل فيلم وآخر، كل منهم يظهر تماماً بالـ"كاركتر" الذي يتوقعه الناس، دون أي خدش في القالب المتكرر لعشر سنوات على الأقل، فالشخصية القوية العنيفة تكون كذلك، والقائد يظل حكيماً ومهتماً بالعائلة، والجبان الخائف سيكرر فزعه في كل مرة، مع مسحة كوميدية تضيف للفيلم خفة مطلوبة جماهيرياً، حتى الأشرار تتغير وجوههم (وصولاً لممثلة كبيرة بحجم تشارليز ثيرون في هذا الجزء) دون أن يتغير شيء في جوهر تصرفاتهم أو حتى جملهم الحوارية، فهم أشخاص ثنائيو الأبعاد بمخطط غامض يهدد وحدة الفريق، الذي سينتصر في النهاية.

الشيء الوحيد الذي يتغير في أجزاء السلسلة هو المدن التي تدور فيها الأحداث، وهو أمر يتم تصديره دعائياً كل مرة، وفي هذا الجزء نتحرك من شواطئ كوبا إلى شوارع نيويورك إلى سهول جليدية في القطب الشمالي، ولكن المحبط أنه حتى في الجانب المرتبط بالـ"أكشن" والصراع لا شيء جوهرياً يتغير إلا "الخلفية التي يصنعها المكان"، وخلاف ذلك تتكرر أيضاً نفس التحديات بالحلول ذاتها، حتى شكل التصوير والمونتاج وشريط الصوت، والتي تعتمد كلها على نقلات سريعة جداً وحادة بين لقطات متعاقبة كعجلة السيارة والمقوّد وعداد السرعة وغيرها، حتى هذا أصبح "قالباً" لا يتغير مهما تغير المخرجون، لتكون النتيجة النهائية هي أننا نشاهد نفس الحبكة والشخصيات والمؤثرات الخاصة والشكل الفني، والمدينة فقط هي المختلفة! للدرجة التي أصبح من الصعب، حتى بالنسبة لأكثر مشاهدي السلسلة إخلاصاً، أن يفرق بين أجزائها المختلفة، باستثناء الأجزاء الأولى التي كانت إمكانياتها ومؤثراتها أضعف ولكن مع ذلك تحمل شيئاً أكثر طزاجة وخصوصية من القالب الذي وضعت فيه الأجزاء الأخيرة.

حقق الفيلم حتى الآن 107 ملايين دولار داخل أميركا، و544 مليوناً حول العالم، وذلك في 6 أيام عرض فقط! مما يعيدنا لسؤال: ما احتمالية تغيير المضمون الذي يحبه الجمهور بالفعل؟ وربما يأخذنا لسؤالٍ أبعد وهو، متى يمل الجمهور ويتوقف عن مشاهدة الفيلم نفسه كل عامين؟ وهل ستستطيع السلسلة تجديد نفسها وتبحث عن شكل آخر أم سيكون الوقت قد انتهى ويجب حينها أن تتوقف تماماً؟
دلالات
المساهمون