الموضة الإسلامية تجتاح الأسواق العالمية

01 ابريل 2017
ارتفعت أعداد محلات الأزياء الإسلامية في بريطانيا (Getty)
+ الخط -
احتلّت الأزياء الإسلامية مركزاً لها في أسبوع الموضة في بريطانيا هذا العام. ولم تمض فترة وجيزة حتّى أصدرت المحكمة الأوروبية العليا، قراراً يجيز لأرباب العمل حظر ارتداء الرموز الدينية، ومن ضمنها الحجاب أثناء فترة الدوام. قد لا يبدو مستغرباً هذا التناقض ضمن العالم الأوروبي الذي تختلط فيه الأجناس والأعراق، وبين آراء مختلفة تتراوح بين العلمانية والتدين والحيادية والتطرف. لذلك، من الطبيعي أن يشجّع من جهة على ارتداء الملابس الإسلامية، لتعرض بين أهم ماركات التصاميم العالمية، ويُفرَض من جهة أخرى، قانونٌ يجعل من الحجاب عائقاً أمام الكثير من النساء المسلمات في الحصول على وظيفة ما، كما يُحرَم آخرون من ارتداء أي رموز دينية من منطلق الحيادية في أماكن العمل.





وعلى الرغم من التخبُّط بين مؤيِّد لتلك الملابس ومُعارِض لها، نرى أنَّ هذه الأزياء اكتسحَت السوق الأوروبيّ مع ارتفاع أعداد المسلمين في القارة والذين يعتبرون أصحاب الديانة الثانية الأكبر في بريطانيا، ويبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين من أصل 64.4 مليوناً في البلاد.

أمّا عن اهتمام المرأة المسلمة بالأزياء، فهذه ليست ظاهرة حديثة، بل تعود لسنوات. بيد أنّ كبار المصممين والعلامات التجارية العالمية، اعترفت حديثاً بأهمية هذه الفئة المستهلكة، والتي تنفق نحو 230 مليار دولار على الملابس، وفق تقرير الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2015 – 2016. ومن المرجّح أن تصل إلى 327 مليار دولار بحلول عام 2019. وتفوق هذه الأرقام أسواق الملابس الحالية مجتمعة، في كل من بريطانيا (107 مليارات دولار) وألمانيا (99 مليار دولار) والهند (96 مليار دولار).

وفي هذا الشّأن، قالت، رينا لويس، أستاذة الدراسات الثقافيّة في كليّة لندن للأزياء، ومؤلّفة كتاب "الموضة الإسلامية"، لـ "العربي الجديد"، إنّها خلال عشر سنوات من البحث في الأزياء الإسلامية، وغيرها من الملابس ذات الصلة بالإيمان الديني، وصلتها تقارير من نساء يشعرن بتجاهلهنّ من قبل صنّاع الأزياء، مع تجنّب المسلمين تماماً. بيد أنّها منذ أن نشرت كتابها "الأزياء الإسلامية" في عام 2015، استيقظت العديد من دور الأزياء لتولي اهتماماً لهذه الملابس، ومنها: "دولشي آند غابانا" والتي كشفت النقاب عن مجموعة من العباءات، ومتاجر "أونيكلو" التي أصدرت مجموعة منوّعة من الحجاب، كذلك ماركات DKNY و"أوسكار دي لارنتا" و"تومي هيلفيغر" و"مانغو" التي صمّمت لمرة واحدة مجموعات أزياء مع اقتراب شهر رمضان.





وأكملت لويس، أنّ التقارير تفيد أنّ الأزياء الإسلامية تعتبر أحد القطاعات الأسرع نمواً والتي تقدّر قيمتها بأكثر من 200 مليار جنيه إسترليني مع حلول عام 2020، مع توقّعات أن يصبح 29 في المئة من سكّان العالم مسلمين بحلول عام 2030.

ارتفعت أعداد محلات الأزياء الإسلامية في بريطانيا، مع ازدياد الطلب عليها، والصعوبات التي تواجهها المرأة المسلمة في البحث عن ملابس تتناسب ورغبتها. ولم يقتصر الأمر على محلاّت انتشرت في شوارع البلاد، بل سرعان ما انتقلت إلى مواقع للبيع على الإنترنت، ومنها "أمازون" الذي يعتبر أكبر سوق إلكتروني.
من جهته، قال، أنيس سيلوود، شريك إداري من محلاّت " شكر" (Shukr)، للألبسة الإسلامية، لـ "العربي الجديد" إنّ "شكر" انطلقت في عام 2001، وهي أوّل شركة لتصميم الملابس الإسلامية، وأنتجت مجموعة مبتكرة من ملابس الرّجال والنساء التي تجمع بين المبادئ الإسلامية والموضة المعاصرة. وأضاف أنّ "شكر" لا تركّز فقط على العبايات التقليدية الموجودة في العالم الإسلامي، لكنّها أدخلت خطاً فريداً من التصاميم للمرأة والرجل.






ويكمل سيلوود، أنّ بضائع شكر، هدفت منذ البداية إلى تلبية احتياجات المجتمعات المسلمة التي تعيش في أميركا الشمالية وأوروبا، حين كانت الحاجة ماسّة لارتداء ملابس إسلامية معاصرة تتناسب مع المسلمين الذين يقيمون في الغرب، خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول..

أمّا العلامات التجارية الشهيرة، يقول سيلوود، فهي مجرّد بداية للاستيقاظ على الإمكانات التجارية لسوق الملابس الإسلامي، لذلك، شهدنا على مدى سنوات قليلة ماضية، البعض منها يعلن عن مجموعات وتصاميم لتسويقها للمسلمين. ومن المحتمل أن يكونوا متأثرين بدراسات الاقتصاد الإسلامي التي أجرتها، "طومسون رويترز"، والتي تبيّن أنّ السوق الإسلامي العالمي للملابس بشكل عام وصل إلى 243 مليار دولار في عام 2015، ويقدّرون أنّ ما يقارب 44 مليار دولار أنفق منه على الملابس المتواضعة.
ويلفت سيلوود إلى أنّهم لم يشاركوا في أسبوع الموضة الإسلامية على الرّغم من أنّهم شاركوا بعروض الموضة في العام الماضي، ويشير إلى أنّها تتطلّب مستوى كبيراً من الالتزام والتكلفة، لذلك يفضّلون بذل جهودهم التسويقية على الإنترنت.
وتركّز شكر على بيع الملابس العالية الجودة، وهي واحدة من عدد قليل من شركات الملابس الإسلامية التي تنتج مجموعات موسمية كاملة لكل من الرجال والنساء. ومعظم زبائنها في بريطانيا من مسلمي البلاد من الهند وباكستان وبنغلادش والعرب. أمّا خارج بريطانيا، فينصبُّ تركيزهم الرئيسي على الأسواق العربية. ويجذب موقعهم الإلكتروني الكثير من الزبائن من دول الخليج مثل الإمارات والكويت والمملكة العربية السعودية.

وبغيةُ التعرُّف إلى التحدّيات التي تواجهها المرأة المسلمة التي تبحث عن الملابس الإسلامية في السوق البريطاني، تحدَّث "العربي الجديد" إلى عدد من الفتيات والسيدات. قالت نور (26 عاماً) فلسطينية بريطانية، إنّها تشتري معظم ملابسها من تركيا أو الأردن، لكنَّها، أحياناً، تحاول التنسيق بين قطع متعددة من الملابس، كأن تشتري مثلاً فستاناً من "دبنهامز" وبلوزة بأكمام طويلة من متجر آخر، حتى تحصل على الزي الإسلامي الذي يتناسب وإيمانها ومعتقداتها.



أمّا ماجدة (28 عاماً)، فهي باكستانية بريطانية، قالت إنّ والدتها تجد ما يلزمها من ملابس شرعية في متاجر في منطقتي ساوثهول وهانسلوه، كونها ترتدي العباءات، أمَّا هي فتحاول الجمع بين الموضة المعاصرة التي تتناسب وعمرها مع احترام مبادئ دينها، لذلك تشتري ملابسها من أي متجر وتنسّق بينها لتبدو بمظهر محتشم.

(مصدر الصور: Getty)


المساهمون