آلة "الشخشيخة"..من طرد الأرواح إلى تسكينها

26 ديسمبر 2016
استخدمت من أجل طرد الأرواح الشريرة (Getty)
+ الخط -
"الشخشيخة" و"الشخليلة" أسماء مصرية لآلة موسيقية قديمة، تسمى بالإنكليزية سيستروم (Sistrum). وكانت آلة مقدسة عند الفراعنة. ويعتقد مؤرّخُون أنها ربما ظهرت في شعائر عبادة "باستيت"، إلهة القطط، والتي ظهرت في الرسوم على جدران المعابد، وهي تحمل هذه الآلة بيدها اليمنى، ومفتاح الحياة بيدها اليسرى.

استمدت الشخشيخة اسمها من صوتها، فالفراعنة سموها "سششت" كصوت خشخشة سيقان البردي ، حين تحتك ببعضها. كذلك استخدمتها الأسر الحاكمة لمصر القديمة في طقوس العبادة. وورد ذكرها في البرديات القديمة، كما استمرت في الظهور بعد دخول المسيحية، إذ ظهرت، أيضاً، في الطقوس الدينيّة في مصر وإثيوبيا، وما زالت تستخدم حتى الآن في بعض الكنائس. أي أنَّها آلة ارتبطت بشكل أساسي بطقوس العبادة، ولم تأخذ مكانها في العالم الموسيقي إلا مؤخراً.

تكوَّنت الشخشيخة الفرعونية من جزء علوي على شكل قوس عليه زهرة معدنية، ثم ثلاثة أعواد متتالية عليها حلقات معدنية تصدر الصوت عند اصطدامها بعضها ببعض، أما اليد فهي على شكل الإله حتحور. ويوجد بالمتحف القبطي بالقاهرة شخشيخة مصنوعة في جبل الكولا، وهي إحدى قرى مركز إدفو حالياً، في القرن الرابع الميلادي.

ظهرت الشخشيخة في الموسيقى العربية ولكن بشكل مختلف، إذ صُنِعَت من كرة بداخلها بعض الكرات المعدنية المجوفة، ويهزها العازف بيديه بإيقاعات مختلفة لتصدر أصواتها مصاحبة للآلات الموسيقية الأخرى. وقد ظهر عبد الحليم حافظ في أحد أفلامه القديمة وهو يؤدّي أغنية "شغلوني" ممسكاً بالشخشيخة ويهزها.

يتحدث المؤرخ اليوناني القديم، بلوتارك، عن القوَّة الروحيَّة والدور الذي تؤديه السيستروم (الشخشيخة) في الطقوس الدينية في روايته عن إيزيس وأوزوريس، إذ يقول: "تكشف السيستروم عن أن كل ما في الوجود يحتاج إلى الهز لإيقاظه، أو زعزعته دون توقف حتى يستمر الكون بالحركة واليقظة؛ فلا ينعس ويتخدر ويضيع".

ظهرت أنواعٌ جديدة من الشخشيخة مع تطور الصناعات المعدنية وأصبحت من الألعاب المفضلة لإلهاء الأطفال الرضع، وتصنع من البلاستيك والخشب والمعدن. كذلك تتحدّث الحكايات الشعبية عن القديس، أبو طربو القبطي، والذي كان يحب العزف عليها ضمن عدة آلات موسيقية إيقاعية من أجل طرد الأرواح الشريرة.

وكان يستخدم في الموسيقى التي تؤخذ العلاج الطبيعي والروحي والنفسي. كان الأطفال يستمعون لـ "أبو طربو" وهو يرتل ألحان المزامير، ويعلم الأطفال العزف على الشخشيخة ليصاحبوه. إذ كانت الشخشيخة من ضمن آلات الطرق القبطية، ولكنها صنعت لغرض دنيوي وأصبحت من ألعاب الأطفال المهمة والمنتشرة في العصر القبطي.

أعيدت الشخيشخة للحياة في القرن التاسع عشر في الأوركسترا الغربية الموسيقية، وظهرت بصورة متقطعة في بعض الأعمال الموسيقية، مثل: أوبرا "حصار طروادة" للملحن الفرنسي، هكتور برليوز، كذلك استبدلت الآلة القديمة بشكل جديد من الآلات الإيقاعية التي تصدر صوتاً شبيهاً بها، وهي الدف ذو الصاجات المعدنية حول إطاره، ولا تزال هذه الدفوف التي يسميها المصريون "المزاهر" تستعمل في الموسيقى الشعبية والعربية التقليدية في الأفراح والمناسبات.




دلالات
المساهمون