6 أسئلة عن ركود الاقتصاد الأميركي.. إليك التفاصيل

29 سبتمبر 2022
ثمة اقتناع على نطاق واسع بأن انكماشاً لفصلين متتاليين يعني الدخول في الركود (Getty)
+ الخط -

يبدو أنّ علامات ساعة ركود اقتصاد الولايات المتحدة قد بدأت تلوح في الأفق بوضوح، بعد انكماشه المحقق في النصف الأول من عام 2022، وتنامي مخاوف التباطؤ على نطاق واسع. فكيف تعرف متى يحصل الركود عملياً؟

إليك التفاصيل.

لقد انكمش الاقتصاد الأميركي في النصف الأول من هذا العام، حسبما أكدت الحكومة في تقرير، اليوم الخميس، وفي الوقت نفسه، انخفض عدد الساعين للحصول على إعانات البطالة إلى أدنى مستوى له في 5 أشهر، وهو رقم غالباً ما يعكس وتيرة تسريح العمال. ويشير الانخفاض إلى أنّ الشركات تحتفظ بموظفيها رغم تباطؤ النمو، وأن المسرَّحين يجدون وظائف جديدة سريعاً.

ولا يزال التوظيف قوياً، فيما معدل البطالة يقترب من أدنى مستوياته منذ 50 عاماً. ونظراً لقوة سوق العمل، يعتقد القليل من الاقتصاديين أنّ الاقتصاد في حالة ركود فعلي الآن. فمع تمكّن المستهلكين من الحفاظ على الإنفاق تزامناً مع تقلص العجز التجاري، يتوقع الاقتصاديون أنّ الاقتصاد قد نما، وإن ببطء، في الفصل الممتد من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ 6 أشهر من الانكماش هي تعريف غير رسمي للركود يجري تداوله منذ زمن بعيد. ومع ذلك، لا يوجد شيء بسيط في اقتصاد ما بعد كورونا، حيث يكون النمو سلبياً، لكن سوق العمل قوي، وفقاً لوكالة "أسوشييتد برس" التي أفادت بأنّ اتجاه الاقتصاد قد أربك صانعي السياسة في مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) كما العديد من الاقتصاديين في القطاع الخاص منذ توقف النمو في مارس/آذار 2020 عندما ضربت جائحة كورونا وطُرد 22 مليون أميركي فجأة من سوق العمل.

في غضون ذلك، لا يزال التضخم قريباً من أعلى مستوياته في 4 عقود، رغم انخفاض تكاليف الغاز والأسعار الأخرى في الأسابيع الأخيرة. وهو لا يزال مرتفعاً لدرجة أنه رغم الزيادات التي حصل عليها العديد من العمال، فإنّ القوة الشرائية للأميركيين آخذة في التأكل.

ويشعر بالألم بشكل غير متناسب الأسر ذات الدخل المنخفض، والأسر من ذوي الأصول الإسبانية، الذين يكافح الكثير منهم لدفع ثمن الضروريات، مثل الطعام والملابس والإيجار.

وشدد رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول على أن البنك المركزي سيرفع سعر الفائدة الرئيسي إلى أعلى مستوى بحسب الحاجة في سبيل لجم التضخم وإعادته إلى الهدف المنشود البالغ 2%، وقد أشار هو ومسؤولون آخرون إلى أنهم سيفعلون ذلك حتى لو أدى إلى الركود.

لكن كيف نعرف بالضبط متى يكون الاقتصاد في حالة ركود؟ في ما يأتي بعض إجابات عن أسئلة مفيدة على هذا الصعيد:

1 - من يقرر متى يبدأ الركود الاقتصادي؟

يعلن رسمياً حالات الركود "المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية"، وهو مجموعة من الاقتصاديين تُعرِّف الركود بأنه "انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي ينتشر في مناحي الاقتصاد كافة، ويستمر أكثر من بضعة أشهر".

وتنظر لجنة خاصة منبثقة من المكتب في اتجاهات التوظيف كإجراء رئيسي في تحديد فترات الركود.

كذلك تقيّم العديد من البيانات الأخرى، بما في ذلك مقاييس الدخل والعمالة والإنفاق المعدل حسب التضخم ومبيعات التجزئة وإنتاج المصانع.

وهي تضع وزناً ثقيلاً على الوظائف ومقياساً للدخل المعدل حسب التضخم الذي يستثني مدفوعات الدعم الحكومي مثل الضمان الاجتماعي.

ومع ذلك، لا يُعلن المكتب عادة حدوث ركود إلا بعد فترة طويلة من بدئه، وأحياناً بعد مدة تصل إلى عام.

2 - هل انكماش الاقتصاد ربعين متتابعين يعني الركود؟

هذه قاعدة عامة شائعة، لكنها ليست تعريفاً رسمياً، مع أنها كانت تدبيراً مفيداً في الماضي. فقد لاحظ الخبير الاقتصادي في "معهد أميركان إنتربرايز" ذي الميول اليمينية، مايكل سترين، أنه في كل من العشر مرات الماضية التي انكمش فيها الاقتصاد رُبعين متتاليين، أفضى الأمر إلى حدوث الركود.

في الوقت نفسه، لا يزال نمو الوظائف قوياً ولا يزال المستهلكون يفتحون محافظهم وينفقون المزيد، وهي اتجاهات نادراً ما تحدث في أثناء فترات الركود.

3 - ألا يعتقد الكثيرون أن الركود الاقتصادي قادم؟

صحيح، لأنّ الكثير من الناس يشعرون الآن بأعباء مالية أكبر. فمع ارتفاع الأجور بعد التضخم بالنسبة إلى معظم الناس، أدى ارتفاع الأسعار إلى تآكل القدرة الشرائية للأميركيين.

وذكرت "وول مارت" أنّ ارتفاع تكاليف الوقود والغذاء أجبر المتسوقين على تقليل مشترياتهم من الإنفاق التقديري مثل الملابس الجديدة، وهي علامة واضحة على ضعف الإنفاق الاستهلاكي الذي يُعد المحرك الرئيسي للاقتصاد.

وخفضت "وول مارت"، أكبر متاجر التجزئة في الولايات المتحدة، توقعات أرباحها، قائلة إنها ستضطر إلى أن تعرض حسومات على المزيد من المنتجات، كالأثاث والإلكترونيات.

وقد ساعد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة في ارتفاع متوسط معدل الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عاماً إلى أكثر من 6%، مقارنة بأقل من 3% قبل عام، ما جعل شراء المساكن أمراً أكثر صعوبة.

ومن المحتمل أن تؤثر الفوائد المرتفعة برغبة الشركات في الاستثمار في المباني الجديدة والآلات والمعدات الأخرى.

وإذا خفضت الشركات الإنفاق والاستثمار، فستبدأ أيضاً في إبطاء التوظيف.

كذلك إن زيادة الحذر بين الشركات بشأن الإنفاق بحرّية قد يؤدي في النهاية إلى تسريح العمال.

وإذا فقد الاقتصاد وظائفه وزاد خوف الجمهور، فسيقلل المستهلكون إنفاقهم على نحو متزايد.

4 - ما بعض علامات الركود الاقتصادي الوشيك؟

يرى الاقتصاديون أنّ أوضح إشارة إلى حدوث ركود، تتمثل بالتزايد المطّرد لفقدان الوظائف وارتفاع معدل البطالة.

ولاحظت الخبيرة الاقتصادية والموظفة السابقة في مجلس الاحتياط الفيدرالي، كلوديا سهام، أنه منذ الحرب العالمية الثانية، دائماً ما أدت إلى الركود زيادة معدل البطالة بمقدار نصف نقطة مئوية على مدى عدة أشهر.

ويراقب العديد من الاقتصاديين عدد الساعين للحصول على إعانات البطالة كل أسبوع، ما يشير إلى ما إذا كانت حالات التسريح تزداد سوءاً.

وانخفضت الطلبات الأسبوعية للحصول على مساعدة البطالة إلى أدنى مستوى لها في 5 أشهر، ما يعني أنه في خضم نقص العمالة، يلجأ عدد قليل من أرباب العمل إلى تسريح العمال.

5 - أي علامات أخرى على الركود الاقتصادي تجب مراقبتها؟

يراقب العديد من الاقتصاديين أيضاً التغييرات في مدفوعات الفائدة، أو العوائد، على السندات المختلفة لإشارة ركود تُعرف باسم "منحنى العائد المقلوب".

ويحدث هذا عندما ينخفض العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات إلى أقل من العائد على سندات الخزانة قصيرة الأجل، مثل سندات الخزانة لمدة 3 أشهر.

وهذا غير عادي. فغالباً ما تدفع السندات طويلة الأجل للمستثمرين عائداً أكبر مقابل تقييد أموالهم لفترة أطول.

ويعني "منحنى العائد المقلوب" عموماً أنّ المستثمرين يتوقعون ركوداً سيجبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة. وغالباً ما تسبق المنحنيات المقلوبة فترات الركود. ومع ذلك، قد يستغرق حدوثه من 18 إلى 24 شهراً بعد انعكاس منحنى العائد.

عملياً ولعدة أسابيع، تجاوز العائد على سندات الخزانة لأجل عامين عائد 10 سنوات، الأمر الذي يشير إلى أن الأسواق تتوقع ركوداً قريباً.

لكن رغم ذلك، يقول العديد من المحللين إن مقارنة عائد 3 أشهر بعشر سنوات له سجل أفضل في التنبؤ بالركود.

6 - هل سيواصل البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة حتى مع تباطؤ الاقتصاد؟

لقد وضعت المؤشرات الاقتصادية الأميركية، مثل تباطؤ النمو مع التوظيف القوي، مجلس الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب.

ويستهدف رئيسه جيروم باول "هبوطاً ناعماً"، بحيث يضعف الاقتصاد بدرجة كافية لإبطاء التوظيف ونمو الأجور من دون التسبب بركود، وإعادة التضخم إلى المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي عند 2%.

ومع ذلك، أقرّ باول بأن تحقيق مثل هذه النتيجة أصبح أكثر صعوبة. ففي الأسبوع الماضي، أوضح أن "المركزي" سيواصل رفع أسعار الفائدة حتى في ظل ضعف الاقتصاد الذي قد ينزلق إلى الركود إذا ما كان هذا الأمر مطلوباً لترويض التضخم.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون