أوروبا تدرس خطوات لمنع استحواذ الشركات الأجنبية على صناعاتها

18 يونيو 2020
الأدوية من الصناعات التي تسعى أوروبا لحمايتها (فرانس برس)
+ الخط -
مع استمرار الاستثمار السنوي للشركات الصينية في أوروبا، في الصعود والوصول إلى مستويات جديدة، يضع الاتحاد الأوروبي قواعد جديدة لمنع الشركات المدعومة من دول مثل الصين والولايات المتحدة، من الاستحواذ على  صناعاتها الرائدة أو الفوز بعقود عامة.

وقامت العديد من البلدان حول العالم بتوسيع قواعد الفرز الاستثماري، منذ بداية جائحة كورونا، لحماية الأصول الاستراتيجية من شراء "المستثمرين الأجانب الانتهازيين" بثمن بخس وإن كانت المؤشرات تظهر انهيار نشاط الدمج والاستحواذ الصيني الخارجي خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020، مقارنة بالسنوات الماضية، وفق أحدث الأبحاث الصادرة عن شركة المحاماة العالمية الرائدة "بيكر ماكنزي" بالشراكة مع مجموعة "روديوم".

فقد انخفض عدد الصفقات الخارجية للشركات الصينية المعلن عنها إلى 30 شهرياً بين يناير/كانون الثاني ومايو/ أيار 2020، مقارنة مع حوالي 90 معاملة شهرياً في نفس الفترة من عامي الذروة 2016-2018.

وبالمقارنة مع نفس الفترة من عام 2019، انخفضت الصفقات الخارجية الجديدة للشركات الصينية بنسبة 71% في الحجم و88% من حيث القيمة.

لذلك، وبحسب ما أوردت شبكة "سي أن أن" الأميركية، تقول المفوضية الأوروبية، في اقتراح كشف عنه، أمس الأربعاء، إنها تحتاج إلى سلطات جديدة لمنع المنافسة غير العادلة في سوقها الموحدة الضخمة والحفاظ على "الاستقلال الذاتي للكتلة".

وفي هذا الشأن، تقول مارغريت فيستاجر، مسؤولة المفوضية المسؤولة عن المنافسة والسياسة الرقمية، في بيان، إنّ الأوروبيين يحتاجون إلى الوسائل والأدوات المناسبة لضمان، ألا تؤدي الإعانات الأجنبية إلى تشويه سوقهم، تماماً كما يفعلون مع الإعانات الوطنية.

ويسعى الفرع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، للحصول على سلطة تسمح له بالتدقيق مع الشركات التي قد تستخدم إعانات من الحكومات الأجنبية، بهدف تقويض المنافسين في الكتلة. كذلك سيراجع عمليات الاستحواذ على شركات الاتحاد الأوروبي من قبل منافسين أجانب.

وفي حال تبيّن أن المشتري الأجنبي يستفيد بشكل غير عادل من الإعانات، فقد يضطر إلى إعادة الأموال أو بيع الأصول لإرضاء السلطات الأوروبية. لكن في بعض الحالات، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يمنع عمليات الشراء بأكملها.

وتخطط لجنة الفرع التنفيذي في الاتحاد الأوروبي أيضاً، لمنع منح العقود العامة إلى الشركات الأجنبية التي تتلقى إعانات حكومية ثم تقوم بالمزايدة على عقود المشتريات العامة بأسعار أقل من أسعار السوق.

وفي السياق، يقول المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي فيل هوجان، إنّ الاتحاد الأوروبي يعتبر من بين أكثر الاقتصادات انفتاحاً في العالم، حيث يجذب مستويات عالية من الاستثمار من شركائه التجاريين. ومع ذلك، فإن انفتاحهم يواجه تحديياً متزايداً من خلال ممارسات التجارة الخارجية، بما في ذلك الإعانات التي تشوه ساحة المنافسة للشركات في الاتحاد الأوروبي.

وستنطبق القواعد الجديدة على جميع الشركات الأجنبية، بما في ذلك الشركات الأميركية التي قد تلاحق الصفقات خلال الأزمة الاقتصادية التي سببتها جائحة كورونا. لكن المراقبين يقولون إن الهدف الرئيسي لهذا المقترح هو الصين.

وفي الوقت ذاته، أدّت جائحة كورونا، إلى مخاوف جديدة بشأن حماية الرعاية الصحية في أوروبا، والقطاعات الطبية والصيدلانية من عمليات الاستحواذ الأجنبية، من أجل ضمان القدرة الكافية على مواجهة تفشي فيروس كورونا الجديد أو أمراض أخرى في المستقبل. كما ساهم انهيار أسعار الأسهم في تعريض الشركات في القطاعات الأخرى للخطر أيضًا.

وتفرض الحكومات قيوداً متزايدة على الاستثمار الأجنبي، على الرغم من التزام مجموعة العشرين بمواصلة استمرار الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة خلال جائحة كورونا.

وإلى جانب قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة في عام 2019 وقواعد الولايات المتحدة في عام 2020، أصدر الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار من العام الجاري إرشادات محدثة لفحص الاستثمار الأجنبي المباشر، تحث الدول الأعضاء على دعم الأمن العام الأوروبي من خلال حماية "الشركات والأصول الحيوية" في الصناعات ذات الصلة بالصحة من الشراء الأجنبي.

وفرضت إسبانيا عتبة 10% على تدفقات الاستثمار الأجنبية غير الأوروبية وأصدرت مبادئ توجيهية لحماية الأمن والنظام العام والصحة، بينما حددت فرنسا النسبة بـ 25%، في حين قامت إيطاليا بتوسيع نظام الفحص الخاص بها مؤقتًا.

وفي تغييرات أكثر ديمومة، وسّعت ألمانيا نظام مراجعة الاستثمار الأجنبي لتشمل قطاع الرعاية الصحية، في حين أعلنت كل من السويد ونيوزيلندا وبولندا عن خطط لفحص التشريعات.

وفي الوقت نفسه، بعد سنوات من المداولات، ستقترح المملكة المتحدة قريباً نظاماً جديداً للفرز عبر مشروع قانون للأمن القومي والاستثمار تأخر طويلًا. ومن المتوقع أن يدخل اقتراح اللجنة التنفيذية، فترة استشارة عامة حتى 23 سبتمبر/أيلول المقبل، بهدف إدخال تشريع جديد في عام 2021.

المساهمون