مساع إماراتية للاستحواذ على مشروع استراتيجي بليبيا: ربط منخفضات خليج سرت بالمتوسط

09 يناير 2018
مصادر: مشروع كهذا سيحول الاهتمام العالمي إلى ليبيا(فرانس برس)
+ الخط -



كشفت مصادر ليبية مطلعة النقاب عن مساع إماراتية تجري في الخفاء منذ أكثر من سنة لتفعيل مشروع استراتيجي بالبلاد يقضي بربط منخفضات خليج سرت بالبحر المتوسط، حيث تحاول أبوظبي الاستحواذ على المشروع، وتجاوز منافسة شديدة من دول كبرى طامحة في تنفيذه كبريطانيا.

وخليج سرت يقع في ليبيا وهو جزء من الشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط ويمتد بطول 800 كلم من مدينة بنغازي شرقا حتّى مدينة مصراتة غربا، وتقع على شاطئه معظم موانئ تصدير النفط الليبي، والتي من أقدمها ميناء السدرة الذي يسمّى به الخليج أحيانا.

وقالت المصادر التي تحدث لـ"العربي الجديد"، وفضلت عدم الكشف عن هويتها، إن المشروع المطروح أمام السلطات الليبية من قبل دول كبرى من بينها بريطانيا، منذ العقد الماضي، تعرقل 

بسبب سياسات الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، لكن سيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر أخيرا على منطقة الهلال النفطي شجعت دولة الإمارات من خلال اتصالاتها بحفتر ومسؤولين ليبيين على طرح الملف مجددا ومحاولة إحيائه، على أن تكون أبوظبي صاحبة الامتياز الأول في تنفيذه.

ورجحت المصادر نفسها أن يكون أهم أسباب دعم الإمارات لحفتر، ولا سيما في سيطرته على الهلال النفطي، هو السيطرة والاستحواذ على المشروع الاستراتيجي من دول كبرى، خاصة المطلة منها على البحر المتوسط.

وعن تفاصيل هذا المشروع، أوضحت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن "ملف المشروع الذي تم طرحه على القذافي، وماطل كثيرا في تنفيذه بعد تعرضه لضغوط كبيرة، يقضي بربط منخفضات خليج سرت بالبحر المتوسط، إذ سيسهل الوصول إلى وسط أفريقيا ويجعل مدة الرحلة أقصر".

وذكرت المصادر أن "وصول مياه البحر المتوسط إلى عمق منخفضات الصحراء عبر سرت ستكون له آثار إيجابية وكبيرة على ليبيا، من جانب تجدد المناخ والحد من زحف الرمال وتطوير الزارعة والمراعي والمنتجات الحيوانية، والأكثر من ذلك سيمكن ليبيا من أن تكون سوقا بارزا ومعبرا مهما بين أفريقيا وأوروبا".

وقالت إن "مشروعا كهذا سيحول الاهتمام العالمي إلى ليبيا، وهو ما لا ترغبه الإمارات، ولذا تسعى، مستبقةً دولاً أوروبية أخرى كبريطانيا، لأن تكون حاضرة فيه بقوة، بل ومن خلالها".

وحسب المصادر، فإن "دولاً بارزة كبريطانيا على علم بهذه المساعي، وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون يقصد الإمارات بتعليقه التهكمي الذي أثار موجة غضب عندما قال إن سرت ستتحول إلى دبي أخرى"، في إشارة لتصريحات جونسون أمام المؤتمر العام لحزب المحافظين في مانشستر مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما قال "إن الشركات البريطانية لديها رؤية رائعة لتحويل مدينة سرت إلى دبي أخرى".

وكشفت المصادر أن "مسؤولين إماراتيين بالفعل وصلوا في وقت سابق إلى مناطق القنين والمغيزل القريبة من سرت للوقوف على صحة الدراسات الأجنبية المقدمة إلى نظام القذافي السابق"، لافتة إلى أن دولة الإمارات في طور الاستعداد لتبني هذا المشروع ليكون تنفيذه من خلالها.

 بحسب المصادر، سوف تصطدم أبوظبي بدول لها وجود فعلي بالمنطقة كبريطانيا من خلال شركة نفط "BP" العاملة بخليج سرت منذ العام 2007 في مجالات الاستكشاف وإنتاج النفط، كما أن "قوات البنيان المرصوص المرابطة في سرت المرتبطة بدعم بريطاني إيطالي ستكون عقبة أخرى".

وعن تعامل نظام القذافي مع هذا المشروع، قالت المصادر إن "القذافي تعرض لضغوط كبيرة من قبل دول أوروبية خلال العقد الماضي، لكنه في كل مرة كان يماطل، فالمشروع سيؤثر سلبا على مشروعه المائي النهر الصناعي، الذي يعتبره القذافي المعجزة الثامنة من معجزات الدنيا، كما أن الخطر الحقيقي للمشروع سيكون على موانئ وحقول النفط التي يعتبر الخليج والهلال النفطي من أغنى المناطق الليبية بالطاقة".

وتابعت المصادر أن "القذافي وافق على عقد ورشة موسعة في طرابلس في فبراير/ شباط من عام 2007 بمشاركة أكثر من 170 باحثاً من ليبيا وبريطانيا وألمانيا وسويسرا وإيطاليا واليابان وأستراليا وكندا ومصر والأردن وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا، لكن تقارير مؤسسة النفط الليبية التي أكدت تهديد المشروع لمصادر الطاقة في ليبيا جعلت القذافي يرفض تنفيذ المشروع رغم نتائجه الإيجابية على البلاد في مناحي أخرى اقتصادية ومناخية".

ولفتت إلى أن "القذافي كوّن هيئة ترأسها صهره محمد فركاش، بسبب عدم وثوقه بشكري غانم، رئيس وزراء إحدى الحكومات في عهده، والذي يعتقد أنه صاحب المشروع، وهو واحد من الشخصيات التي جاء بها سيف، نجل القذافي، إبان مشروعه الإصلاحي في ليبيا خلال العقد الماضي".

ورجحت المصادر أن "مساعي الإمارات للتواجد بقوة في هذا الملف ستكون له عدة أهداف من بينها التأثير على قدرة ليبيا في إنتاج النفط والغاز"، مؤكدة أن دولاً أخرى كالسعودية وروسيا وفرنسا، ربما يكون لها وجود، كما أن القاهرة سيكون لشركاتها نصيب أكبر في تنفيذ أجزاء من المشروع.

المساهمون