كيف سيساهم تحالف ميركل وشولتز في تأسيس"أوروبا العظمى"

14 يناير 2018
ثقة تملأ الألمان بالانتعاش الاقتصادي (Getty)
+ الخط -
يضع إطلاق المفاوضات التمهيدية بين الحزب المسيحي الديمقراطي والاشتراكيين الديمقراطيين لتشكيل تحالف حكومي موسع، ألمانيا، صاحبة رابع أكبر اقتصاد بالعالم، في قلب أوروبا، كما يرفع من آمال بناء مشروع "أوروبا العظمى"، الذي أطلقه رئيس المفوضية جين كلود يونكر في سبتمبر/أيلول الماضي وينال رضى كل من فرنسا وألمانيا.
وفي أول استجابة لإعلان التحالف، ارتفعت العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" إلى أعلى مستوياتها في تعاملات الجمعة، لتكسر حاجز 1.21 مقابل الدولار.
وينهي التحالف بين الحزبين اللذين يدعمان بقوة مشروع الوحدة الأوروبية أزمة تشكيل الحكومة في ألمانيا، لينطلق نمو الاقتصاد الألماني فوق معدل 2.2% الذي توقعه صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير. ومعروف ان الاقتصاد الألماني يعد الماكينة الرئيسية في قيادة أوروبا نحو الرخاء الاقتصادي وصمام الأمان في لحظات الأزمات المالية.

وبهذا الاتفاق الألماني، سيكون الطريق ممهداً لتحالف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبناء "دولة أوروبا العظمى". وهو المشروع الاستراتيجي الذي أطلقه رئيس المفوضية الأوروبية جين كلود يونكر في منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، ويدعو لتشكيل اتحاد مثالي بديل للشكل الرخو للاتحاد الحالي الذي عمق من أزمات أوروبا خلال السنوات الماضية.
وتدعو استراتيجية يونكر لبناء "دولة أوروبا الواحدة" التي سيكون لها وزير مالية واحد وبنك مركزي واحد وميزانية موحدة ووزير دفاع واحد وسياسة خارجية واحدة، مثلما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية.
ويذكر أن حجم الاقتصاد الألماني يقدر بحوالى 3.467 ترليونات دولار في نهاية العام 2016، كما يقدر حجم الاقتصاد الفرنسي بحوالى 2.465 ترليون دولار في نهاية نفس العام.

وفي حال نجاح استراتيجية "دولة أوروبا الواحدة"، فسيتحول اقتصاد دول منطقة اليورو المقدر حالياً بحوالى 15 ترليون يورو "حوالى 18 ترليون دولار"، حسب تقديرات "يورو ستات" إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة.
ويذكر أن حجم الاقتصاد الأميركي يقدر بحوالى 19 ترليون دولار، فيما يقدر الاقتصاد الصيني الثاني من حيث الضخامة بحوالى 11 ترليون دولار. ولكن ما يميز أوروبا عن أميركا، أنها ستتمكن عبر هذا المشروع من بناء دولة ديمقراطية رأسمالية تحترم اتفاقات التجارة الدولية وعولمة المال والاقتصاد، وهو ما يمنحها احتراماً عالمياً مقارنة بالولايات المتحدة التي انتهجت سياسة مغايرة مع قدوم الرئيس الحالي دونالد ترامب.

وهذه "الرؤية المتفائلة" لبناء دولة أوروبية واحدة، تضع تصوراً جديداً لبناء "أوروبا العظمى"، يقوم على بناء دولة فيدرالية واحدة تبتلع 30 دولة قائمة، بدلاً من الاتحاد المرن القائم الآن بين دول الكتلة الأوروبية.
وجاءت تعليقات رئيس الحزب الاشتراكي الألماني مارتن شولتز لمحطة تلفزيون "زد.دي.إف" الألمانية بعد ساعات من موافقة حزبه على خطة المفاوضات مع ميركل حول تشكيل حكومة ائتلافية، داعمة لهذه الاستراتيجية. إذ قال شولتز في تعليقاته التي نقلتها رويترز يوم الجمعة "سيكون هناك وزير مالية أوروبي".

وتتوافق تصريحات شولتز مع رؤية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي دعا فيها إلى إجراء إصلاحات عميقة داخل منطقة اليورو وإلى تأسيس صندوق مالي لدعم اقتصاديات منطقة اليورو والإصلاح المالي، وتكون مقدمة لتأسيس "ميزانية استثمارية" في دول الاتحاد الأوروبي. كما تدعو الوثيقة التي اقترحها ماكرون كذلك إلى تحويل "صندوق الاستقرار المالي الأوروبي"، إلى "صندوق نقد أوروبي".
وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد أنشأت "صندوق الاستقرار المالي" أثناء أزمة اليورو في العام 2011، وكان من أهم الأدوات المالية التي استخدمتها أوروبا في إنقاذ الاقتصاد اليوناني واقتصادات الجنوب الأوروبي الضعيفة.

وحسب ما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإن الاتفاق الألماني سيسمح لهذا البلد بزيادة مساهمتها في ميزانية الاتحاد الأوروبي.
ويذكر أن خروج بريطانيا من الاتحاد قد ترك فجوة مالية كبيرة في الميزانية الأوروبية تحتاج تغطيتها إلى دولة بثقل ألمانيا المالي لتغطيتها. ومن جانبه وصف المفوض الأوروبي جين كلود يونكر الاتفاق الألماني "بأنه خطوة إيجابية مهمة تجاه تطوير النقاش الجاري حول بناء مستقبل أوروبا".
وفي أول تأثير إيجابي للاتفاق الألماني في أسواق المال الصعود الكبير في سعر صرف اليورو في ختام تعاملات الأسبوع يوم الجمعة. حيث قفز سعر صرف اليورو فوق 1.21 دولار للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، وسط تنامي توقعات بأن يلمح البنك المركزي الأوروبي إلى استعداده لإنهاء برنامجه الضخم للتحفيز النقدي. وارتفع اليورو 0.8% إلى 1.2134 دولار، وهو أقوى مستوياته منذ 31 ديسمبر/ كانون الأول من العام 2014.

ومن المتوقع أن يساهم مشروع "أوروبا العظمى" في زيادة جاذبية الموجودات الأوروبية، خاصة تدفق الاستثمارات على السندات التي تصدرها الحكومات. وبالتالي، فإن الاتفاق الفرنسي الألماني على مستقبل توحيد أوروبا في دولة واحدة سيكون له تأثير مباشر على جاذبية سندات الدول الضعيفة مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا.

المساهمون