المعطلون عن العمل يشعلون الاحتجاجات التونسية مجدداً

13 ابريل 2017
الجهات الداخلية تعاني التهميش (فرانس برس)
+ الخط -
استبق الغضب الشعبي في عدد من المحافظات التونسية، ما قد تحمله خطة التنمية التي يناقشها البرلمان من معالجات لتشغيل العاطلين عن العمل في الجهات الداخلية. 

وناقش البرلمان التونسي، أول من أمس الأربعاء، أول خطة تنمية للبلاد بعد الثورة، وسط تجاذبات سياسية واتهامات من المعارضة بأن الحكومة غير قادرة على تنفيذ ما ورد في هذه الخطة التي استغرق إعدادها أكثر من سنتين.

وتأتي بوادر الأمل التي يحملها أول منوال تنمية ما بعد الثورة، في الوقت الذي تعيش المحافظات التونسية على وقع هبّة شبابية ترجمها الشباب الغاضب بنصب الخيام والاعتصام في الشوارع إلى حين تحقيق مطالبهم بالتشغيل وتوضيح الرؤية المستقبلية للحكومة بتحريك عجلة التنمية في الجهات الداخلية.

وعبّر عاطلو محافظات تطاوين (جنوب) والكاف (شمال غرب) والقيروان (وسط) عن رفضهم القطعي للوعود الحكومية بالرفع من الطاقة التشغيلية للمؤسسات في مناطقهم، مطالبين بإعطائهم الأولوية في كل الانتدابات التي تتم في المؤسسات الناشطة بهذه الجهات.

ولا يبدي المحتجون استعداداً لمزيد من الصبر في انتظار تنفيذ المشاريع المدرجة في خطة التنمية، مؤكدين أن الوضع في الجهات لم يعد يحتمل المزيد من التأخير، خاصة أن طول الإجراءات المرافقة لتنفيذ المشاريع أدى إلى حالة إحباط عام في البلاد نتيجة تأخر مشاريع برمجت ورصدت لها الاعتمادات منذ سنة 2013.

ويحتاج تمويل خطة التنمية (2016-2020) الذي كان محل مناقشات موسعة من قبل البرلمانيين والمجتمع المدني، إلى 25 مليار دولار لتنفيذه، حصلت منها الحكومة على جزء كبير من تعهدات التمويل في مؤتمر الاستثمار 2020 في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وعلّق وزير التكوين المهني والتشغيل عماد الحمامي، على تعاطي الحكومة مع انتشار شرارة الغضب في عدد من الجهات بأن حكومة الشاهد صارحت التونسيين بحقيقة الوضع الاقتصادي منذ البداية، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية لن تقدم الوعود الزائفة لاستيعاب غضب العاطلين من العمل بل ستبحث الحلول الجذرية لمنع تعكر الأوضاع.

وقال الحمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن من أهم الحلول التي تعول عليها الحكومة لفك عزلة الجهات هو المصادقة على مشروع الطوارئ الاقتصادية بالتوازي مع المصادقة على خطة التنمية، مشيراً إلى أن الحكومة مكبلة في غياب التشريعات التي تسهل انطلاق المشاريع الكبرى، وهو ما يجعلها في اصطدام دائم مع غضب المحتجين في مختلف المحافظات.

ويجد المسؤول الحكومي مبررات لحالة الاحتقان في الجهات، مشيرا إلى أن الغضب يدفع الحكومة إلى استعجال الحلول وإشراك كل الأطراف المشاركة في الحكم والمنظمات من أجل تحمل مسؤولياتها في حلحلة الأزمة.

ونبه الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة العمالية الأكثر تمثيلا في تونس) في بيان الاثنين الماضي، من تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية والشعبية في محافظتي الكاف وتطاوين، معتبرا أن هذا الحراك ينذر بالانتشار في كل المناطق الدّاخليّة المهمّشة جرّاء استمرار الحكومة الحالية انتهاج سياسة الإقصاء والتهميش التي كرّسها النظام لعقود.

ودعا اتحاد الشغل الحكومة إلى إقامة حوار جادّ ومسؤول مع شباب التحرّكات الاجتماعية ومع منظّمات المجتمع المدني بما يضمن تكريس التصوّرات المحقّقة لإنقاذ هذه الجهات من مآسي التهميش والإقصاء.

وأكّد الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل البشير السعيدي، تبنّي المنظمة احتجاجات شباب الجهة، مشيرا إلى أن المحافظة طال انتظارها ولا يمكن للأهالي مزيد الانتظار من أجل تحقيق وعود رسمية سبق للحكومات السابقة أن تعهدت بها لكنها لم تنفذ.

وقال السعيدي لـ "العربي الجديد" إن المنظمة النقابية سبق أن أخطرت الحكومة بخطورة الوضع الاجتماعي في الجهة، داعيا إلى الإسراع في تثمين الموارد الإنشائية في الجهة وتغيير خطة التنمية التي حرمت الجهة ومناطقها الداخلية من عوامل النماء والعيش الكريم، وفق قوله.

وأضاف السعيدي أن ما لا يقل عن 10 مستثمرين أودعوا مطالب لاستغلال الثروات الإنشائية في الجهة وفتح مصانع تمكن من خلق فرص جديدة، غير أن بيروقراطية الإدارة وبطء القرار السياسي حرم محافظة تطاوين كما غيرها من المحافظات الغاضبة من التنمية وحق أهاليها في الشغل.

وتواجه الحكومة انتقادات كبيرة بسبب المسارعة إلى إعلان الحلول بمجرد بروز أزمات في هذه الجهة أو تلك، في الوقت الذي كان بوسعها معالجة الوضع في حالات السلم دون الوصول إلى مرحلة الضغط الشعبي.
المساهمون