سورية: معوقات تواجه هيئات توثيق العقارات في مناطق المعارضة

28 ديسمبر 2017
صعوبة تداول العقارات في بعض المناطق بسبب الحرب (الأناضول)
+ الخط -
استحدثت المعارضة السورية بدائل لتداول العقارات، لسد فراغٍ المؤسسات، بعيدا عن نظام بشار الأسد بنقل ملكية العقارات والمصالح العقارية في المناطق المحرّرة، ولا سيما في محافظتي حلب وإدلب شمالي البلاد، ومناطق أخرى جنوبي سورية. إلا أن هذه البدائل تواجه العديد من المعوقات، أبرزها ضعف الإمكانيات، وعدم حصولها على اعتراف دولي لمعاملاتها.
وبعد فترةٍ من الحاجة الكبيرة لهذا القطاع لمؤسسات رسمية، نتيجة رغبة المدنيين في استمرار عمليات البيع والشراء للأملاك العقارية، سواء كانت أراضي أو منازل أو عقارات أخرى، تمكّنت المعارضة من تشكيل هيئة عقارية تمارس مهام البيع والشراء والتسجيل وغيرها.

وفي هذا الإطار، تعمل مديرية المصالح العقارية في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة، على تسيير عمليات البيع والشراء، وتتبع لها خمس دوائر متفرّعة عنها، وفي مدن وبلدات "أريحا، معرة النعمان، جسر الشغور، حارم، سراقب، بنّش، تفتناز ومعرة مصرين". وانتهجت هذه المؤسّسات نظاماً داخلياً لا يختلف كثيراً عن النظام السابق الذي كان تابعا لحكومة بشار الأسد، من حيث عمليات البيع والشراء ومحاكم التوثيق وغيرها، ولكن مع وجود نقص في إتمام هذه المعاملات مقارنة بمحاكم التوثيق لدى النظام السوري بسبب ضعف الإمكانيات.

وفي شتاء عام 2015، تمكّنت فصائل المعارضة وفصائل أخرى معها، منضوية ضمن "جيش الفتح"، من طرد قوات النظام من كامل محافظة إدلب وريفها. وبعد نحو ثلاثة أشهر، وفي مطلع شهر يونيو/حزيران من نفس العام تحديداً، قامت "إدارة إدلب" التابعة لجيش الفتح، بتفعيل مديرية المصالح العقارية التي لا تزال تعمل حتّى يومنا هذا.
وفي هذا السياق، يقول المحامي عدنان أبو الوفا، لـ "العربي الجديد": "إن مدى الاعتراف بهيئة العقارات ومحاكم التوثيق التابعة للمعارضة، لا يزال مجهولاً حتّى اليوم".

وأضاف أن هذه المحاكم التابعة لمديرية المصالح العقارية تشهد بشكلٍ قانوني على عمليات البيع والشراء وتوثّقها، وتقوم بأرشفتها وفقاً للمعايير القانونية المعمول بها في كل دول العالم، من دون أي نقص، غير أنّه اعتبر أن مدى اعتمادها دولياً يخضع لعدّة عوامل، تأتي على رأسها الظروف السياسية القادمة، والجهة التي سوف تسيطر وتقوم بحكم البلاد، إضافةً إلى دور المنظمات الدولية ومدى اعترافها بمؤسّسات المعارضة السورية.
ومن جانبه، يقول وزير الإدارة المحلّية في هذه الحكومة، محمد المذيب، لـ "العربي الجديد": "إن هذه المديرية التابعة لوزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقّتة يتم فيها تثبيت البيوع بين الأطراف وتنفيذ القرارات الصادرة عن المحاكم، سواء القرارات القديمة التي فصلت فيها محاكم النظام السوري سابقاً، أو القرارات الصادرة عن محاكم المعارضة السورية حالياً استناداً للأسس المعمول بها".

وأضاف المذيب، أنّه في حال اتفق شخصان على عملية بيع وشراء فيما بينهما، يقومان بإصدار قيد وبيان مساحة لهذا العقار، ثم يتّجهان إلى المديرية العامة للمصالح العقارية، وهناك يتم تدقيق الوثائق والتأكّد من هوية المالك بأنّه حقيقي وهو المالك الفعلي للعقار، أو التحقّق من الوكالة في حال كان البائع موكّلاً عن صاحب العقار بالوكالة الرسمية.
وتابع الشرح: "يتم بعدها المصادقة على عملية البيع والسعر في دار العدل، ثم يقوم مكتب التوثيق بتحميل بيانات العقار على الحاسوب وإرسال نسخة منها إلى المحافظة وإلى وزارة الإدارة المحلية ويحتفظ هو بثلاث نسخ، ثم يتم التنازل عن العقار أمام اثنين من الشهود، لتتم عملية البيع وأرشفتها بشكلٍ رسمي لحفظ الحقوق، وفي اليوم ذاته يحصل الشاري على سند ملكية".

وأوضح المذيب أن المصالح العقارية لا تقوم فقط بالبيع والشراء، وإنما بمعاملات حصر الإرث والتوزيع وكل الأمور التي لها علاقة بالعقارات.
ولا تخلو عملية توثيق العقود العقارية من المشاكل، إذ أنّها عملية معقّدة تحتاج إلى جهد كبير وقواعد بيانات لهذه العقارات. وتتلخّص أبرز مشاكل المعارضة في هذا الصدد في عدم اكتسابها اعترافاً عالمياً، فضلاً عن حرب تحصيل الصحائف العقارية من النظام الذي يُسيطر عليها.
وفي هذا السياق، يقول وزير الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة: "إن الهيئة الإدارية في وزارة الإدارة المحلية ناقشت مؤخّراً ضرورة تجميد العمل بالوكالات، ولا سيما تلك المشكوك في أمرها".

وأشار المذيب، إلى أن هناك عقاراتٍ أصحابها من مدن ساحلية وكانوا قد اشتروها في مناطق مثل إدلب أو درعا، لأن عملهم في هذه المحافظات، لافتاً إلى أن من يعملون في آلة الأفرع الأمنية والعسكرية التابعة لنظام الأسد يحاولون بيع عقاراتهم عن طريق توكيل أشخاص في هذه المناطق، وتابع: "لكننا لا نتدخّل إطلاقاً في أمور المدنيين أيّاً كان توجّههم السياسي، فالتركيز فقط على من يخدمون في أفرع النظام الأمنية والعسكرية".
أمّا المشكلة الأخرى، فتتلخّص في عملية الاعتراف، إذ أن الوثائق الصادرة عن مؤسّسات المعارضة تعترف بها بعض دول الجوار السوري فقط، ولا تحظى باعترافٍ عالمي، كما لا تحظى باعتراف النظام الذي اعتقل كل شخصٍ يحملها، وفقاً للمذيب، الذي كشف عن اجتماع أجري، أخيراً، مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وهناك وعود بأنّه قريباً ستحصل الحكومة المؤقّتة على اعتراف عالمي بوثائقها.

وأوضح أن الحكومة المؤقّتة تحاول حالياً الحصول على كافة الوثائق العقارية، لتمنع النظام من استخدامها لتهريب العقارات إلى جنسيات أخرى، موضحاً أن معظم الوثائق العقارية في سورية يملكها النظام، وهناك تخوّف من نقل ملكيات المعارضين إلى المقاتلين الأجانب الموالين للنظام، ومنهم الإيرانيون.
وتعرضت العقارات في سورية لدمار واسع بسبب الحرب المستمرة منذ نحو 7 سنوات. وقالت منظمة "الأسكوا"، قبل عامين، إن 1.7 مليون منزل تهدمت في سورية بسبب الحرب. وتصدّرت حلب قائمة المحافظات المتضررة، حيث دمّر ما يقرب من نصف منازلها، وتقدّر بـ424 ألف منزل مدمّر كلياً أو جزئياً. يليها ريف دمشق بدمار نصف منازله أيضاً، ثم حمص بحوالى 200 ألف منزل مدمّر. وجاءت إدلب في المرتبة الرابعة، ومحافظة درعا خامسة.


المساهمون