الاقتصاد يحتل صدارة البرامج الانتخابية في إيران

26 فبراير 2016
الشعب الإيراني يتطلع إلى إيجاد حلول اقتصادية لأزماته(فرانس برس)
+ الخط -
احتلت الشعارات الاقتصادية مساحة كبيرة في الحملات الترويجية لبرامج المرشحين، في انتخابات مجلس الشورى الإسلامي، في إيران، المقرر بدء إجرائها، اليوم الجمعة، حيث يدرك الجميع أن المواطن الذي تحمّل همّ العقوبات الاقتصادية لسنوات طويلة، سيختار من يقدم له البرنامج الاقتصادي الأمثل الذي سيحل مشكلاته المعيشية والاجتماعية.
الوجوه الاقتصادية البارزة، تواجدت أكثر في قوائم المرشحين عن التيار المحافظ، فيما أن التيار الإصلاحي وحتى المعتدل اعتمدا على الوجوه السياسية أكثر من تلك الاقتصادية، في قوائمهما الانتخابية المختلطة والمكونة من أعضاء من التيارين في كثير من الحالات، ولعل نجاح الحكومة المعتدلة الحالية تحت قيادة حسن روحاني، بالتوصل لاتفاق نووي مع الغرب والذي طوى صفحة الحظر الاقتصادي، يمنح الاعتدال والإصلاح معاً، نقطة قوة.
المحافظون الذين اختاروا المشاركة في السباق التشريعي بقائمة واحدة موحدة، تحت اسم "ائتلاف المحافظين" أو "الجبهة المتحدة للمحافظين" اختاروا شعار "المعيشة، الأمن، التطور" لحملتهم الانتخابية في كل المدن الإيرانية، ويركز مرشحوهم على تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، بعيداً عن الانفتاح الكبير على الغرب، الذي يتخوف منه معظم المحافظين، ولاسيما المتشددين منهم.
وقد أعلن رئيس قائمة المحافظين والرئيس السابق للبرلمان، غلام علي حداد عادل، إنه من الضروري التركيز على ثغرات الاقتصاد الإيراني وحل مشكلات المواطنين، داعياً الإيرانيين للاقتراع لصالح برلمان قوي، قادر على إرشاد السياسات الاقتصادية للحكومة الحالية.
واعتبر عادل، أيضاً، أن ارتباط اقتصاد إيران بعلاقات مع الخارج، دون الاعتماد على امتيازات الداخل، أمر مقلق، وهو ما تكرر في تصريحات عدد من مرشحي المحافظين أيضاً. وأشار الرجل إلى أن قائمته الموحدة عن العاصمة طهران وحدها تتضمن ما يزيد عن عشرة متخصصين اقتصاديين وكلهم قادرون على وضع حلول للمشكلات الراهنة، حسب رأيه.
وخلال "مهرجان الشباب الفاطميين الكبير" والذي أقامه المحافظون في إطار دعايتهم الانتخابية، مساء الإثنين الماضي، تحدث المرشحون عن أهدافهم الاقتصادية في محاولة للحصول على معظم أصوات المقترعين، بغية الجلوس على أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان الجديد، فقال المرشح يحيى آل اسحاق، إن المهم حالياً هو التركيز على مطالب الشباب، وحل مشكلاته.
فيما المرشح مهرداد بذرباش، اعتبر في تصريحاته أنه من الضروري تحسين القدرة الاقتصادية للمواطن الإيراني، مشيراً إلى بعض المشكلات، ومنها ارتفاع مستوى الواردات الإيرانية مقارنة بصادراتها، قائلاً: إن إيران خلال العامين الماضيين باتت تستورد 90% من بضائعها من الصين، تزامناً وانخفاض القدرة الإنتاجية للبلاد، وهذان أمران يجب معالجتهما، حسب رأيه.
وأشار بذرباش، إلى أنه في الأعوام الماضية أيضاً، كان ما يقارب 200 إيراني، يخسرون عملهم يومياً، ليزيد عدد من يعانون من البطالة إلى 3 ملايين شخص تقريباً، مضيفاً أنه إذا ما وصل المحافظون للبرلمان القادم سيعملون على حلحلة المشكلات التي تواجه مختلف المؤسسات.
أما المرشح عن العاصمة طهران مسعود ميركاظمي، وهو وزير النفط السابق في عهد الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد، فهو من أشد منتقدي الحكومة المعتدلة الحالية، وقال في ذات المهرجان الانتخابي، إنه من الضروري إقرار خطط لبناء اقتصاد مقاوم، يعتمد على الاكتفاء الذاتي، وعلى الموارد الداخلية، ويرفع مستوى الإنتاج، وهو ما من شأنه رفع مستوى معيشة الإيرانيين.

كل هذه الشعارات وغيرها، من قبيل ضرورة محاربة الفساد، وإيجاد فرص عمل للمواطنين، وبناء الاقتصاد بعيداً عن العلاقات مع الغرب، هي ما ركز عليها التيار المحافظ، فيما أن التيار الإصلاحي الذي يعود للسباق الانتخابي هذه المرة، بعد أن نفض غبار السنين الماضية والتي تراكمت فوق اسم الإصلاح إثر غياب رموزه عن الساحة عقب احتجاجات عام 2009، يسعى مرشحوه للترويج بأن تحسين اقتصاد البلاد وحل مشكلاته المتراكمة يكون بالانفتاح على الآخرين وبتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية معهم.
شعار لائحة ائتلاف الإصلاحيين هو "الأمل، الاستقرار، التطور الاقتصادي"، وهو الذي تم الترويج له مع بداية الدعاية الانتخابية، وهذا قبل الإعلان، مساء الاثنين، عن أن الإصلاحيين باتوا يشاركون بقائمة تسمى "أميد" والتي تعني "الأمل" بالعربية، وهي لائحة مشتركة بينهم وبين مرشحين معتدلين، ويأتي المرشح الرئاسي الإصلاحي السابق محمد رضا عارف على رأس القائمة.
وفي الحديث عن الشعارات الاقتصادية، ذكرت الإصلاحية، إلهة كولايي، خلال مؤتمر عقده الإصلاحيون في جامعة أمير كبير في مدينة طهران، أخيراً، أن البلاد تحتاج لخطط واقعية للخروج من الركود الاقتصادي الذي تعيشه، وهذا لا يتم إلا عبر علاقات اقتصادية جيدة مع الآخرين حسب رأيها.
وأضافت كولايي أن التصويت للقوائم التي يتواجد فيها مرشحو الإصلاح أمر ضروري، فالبلاد تمر بظروف غير مرضية، منتقدة تشكيلة البرلمان الأخير، حيث سيطر المحافظون عليه لثلاث دورات متتالية، معتبرة أن النواب صوتوا على قوانين دفعت بمعيشة الإيرانيين واقتصاد إيران نحو ظروف أسوأ.
أما تيار الاعتدال، والذي يشترك مع الإصلاحيين أحياناً في عدد من القوائم الانتخابية، فيعتمد على الاتفاق النووي كشعار قوة سيشد المقترع الإيراني نحو صناديقه، وهناك لوائح ترفع شعارات اقتصادية واضحة، كلها تدعو للتنمية وحل المشكلات.
الجدير بالذكر، أن هناك قوائم أخرى ترفض تصنيفها سياسياً، تحت لواء المحافظين أو الإصلاحيين، ومنها قائمة "صوت الشعب" التي يترأسها النائب الحالي، علي مطهري، وهي لائحة غير سهلة في هذا السباق التشريعي، وفيها أسماء محافظة وإصلاحية على حد سواء، هذه اللائحة أخذت خط الوسط، وابتعدت عن شعارات الجميع، ونقلت وكالة فارس للأنباء عن مطهري قوله، إن المطالب الاقتصادية للإيرانيين لا يمكن لها أن تنتهي، ولا يجب منح وعود كبرى، وخذل المواطن لاحقاً، فالاقتصاد يعاني من مشكلات كثيرة تحتاج لخطط طويلة المدى، داعياً لعدم استغلال مطالب الشعب، رغم أنه اعتبر أن إلغاء العقوبات سيحسن الوضع، لكنه وضع يحتاج لعملية ترميم طويلة، في إشارة منه الى كثرة المشكلات الاقتصادية التي تعانيها البلاد، والتي تحتاج لوقت طويل ولخطط حقيقية ومجدية وربما طويلة الأمد، في وقت مازالت فيه بعض العقوبات قائمة، ومازالت السوق العالمية تعاني من تدهور أسعار النفط، الذي تعتمد عليه إيران أيضاً.
وبالنسبة للمواطنين، بدا واضحاً أنهم مازالوا يريدون لمس نتائج حقيقية للانتخابات تنعكس على حياتهم اليومية، فقالت السيدة افتخاري، لـ"العربي الجديد"، وهي في عقدها الرابع من العمر، إنه رغم الاتفاق النووي مازالت الأسعار مرتفعة، ، وأشارت إلى أن ما يريده الإيرانيون من البرلمان القادم هو إقرار خطط عملية تقف بوجه تحكم بعض التجار بالأسعار حسب أهوائهم.
من جهته قال الشاب حميد، لـ"العربي الجديد"، وهو طالب في جامعة طهران، إن ما يهمه وزملاؤه هو إيجاد فرص.


اقرأ أيضا: إيران تتجه لطلب إعفائها من نظام حصص أوبك
المساهمون