30 ألف صانع أسنان في المغرب يدافعون عن مهنتهم

15 أكتوبر 2015
مصاعب تواجه صناعة الأسنان (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -


في زمن مضى لم تكن تطرح أسئلة كثيرة حول مهنتهم. تجدهم في كل حي، إليهم يهرع الناس عندما تتمكن منهم الآلام، لم يسأل أحد عن مؤهلاتهم أو مدى اعتراف الدولة بهم.. الناس تحس بالامتنان لهم، لأنهم يجدون لهم الدواء لآلامهم.

صناع الأسنان لا يصنعون فقط الأطقم، كما توحي بذلك صفتهم، بل يتولون قلع الضرس الفاسد أو التخفيف من الآلام التي تلم بمن يلوذون بهم، ويتولون توفير الأطقم لمن تهالكت وتساقطت أسنانه، هم ملاذ الأشخاص الذين يعانون من ضيق ذات اليد، والذين لا قبل لهم بتكاليف العلاج عند أطباء الأسنان.

في حديثهم تحس كثيراً من القلق وخيبة الأمل، بعد تبني الحكومة مشروع قانون يغير قواعد اللعب في المهنة، حيث يرون أنه يضعهم في موقع التابع لأطباء الأسنان ويسلبهم حقوق مكتسبة، استحقوها في نظرهم على مدى عقود.

صانعو الأسنان يرون أن تبني الحكومة مشروع القانون الذي يهم مزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية، والذي صادقت عليه الحكومة منذ حوالي عشرة أشهر، جاء تحت ضغط أطباء الأسنان، الذين يريدون التحكم في السوق. هم يعتبرون أن الأمر لا علاقة له، في المقام الأول، بالحرص على الدفاع عن صحة المواطن.

ثمة بند في مشروع القانون لا يلقى القبول لدى صانعي الأسنان. فهو يفرض عليهم أن ينضبطوا للمقاس والشكل الذي يحدده الطبيب للمريض عند تصنيع الأطقم، ولا يمكن لصانع الأسنان أن يتولى أخذ المقاس أو تركيب الطقم، بل إن ذلك يعود للطبيب.

لم يكفوا، في الفترة الأخيرة، عن الاحتجاج، ويؤكدون أنهم يمثلون حوالي 30 ألف صانع أسنان في المغرب، حيث يعتبرون أن وضعهم تحت إمرة حوالي 4000 طبيب أسنان، لا يستقيم، حيث سيصبحون تحت رحمتهم ويفرضون عليهم السعر الذي يرونه مناسباً لهم.

صانع الأسنان، أحمد المراكشي في الدار البيضاء، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أنهم زاولوا هذه المهنة قبل أن يكون ثمة أطباء أسنان في المغرب، فهو يشير إلى أن أول كلية طب الأسنان لم تعرف في المغرب سوى في الثلاثين عاماً الأخيرة، حيث كان صانعو الأسنان قبل ذلك يتولون علاج الأسنان وقلعها وتصنيع وتركيب الأطقم.

رئيس نقابة صانعي ومركبي الأسنان، محمد عفيفي، يشير في تصريحات صحافية، إلى أن هؤلاء المهنيين الذي يتخصصون في صناعة الأسنان لهم خبرة كبيرة، ما يؤهل بعضهم في بعض الأحيان، لتوفير أطقم أسنان لا يستطيع طبيب الأسنان نفسه توفيرها. فهم الأقدر، بحكم التجربة، على الاستجابة لانتظارات من يلجأون إليهم بأسعار تناسب قدرتهم الشرائية.

اقرأ أيضاً: ثلث الأسر المغربية تقترض لمواجهة مصاريفها

مشروع القانون الذي يحتج ضده صانعو الأسنان، اعتمدته الحكومة، كي يحال على البرلمان الذي سيقول كلمته فيه. هذا ما يدفع صانعي الأسنان إلى السعي لإسماع صوتهم نواب الأمة، عبر الاحتجاج أمام مقر المجلس في الرباط.

المحتجون يعتبرون أن مشروع القانون مطعون فيه، على اعتبار أن وزارة الصحة، لم تستشر المهنيين، عندما كانت بصدد إعداده ولا يستبعدون اللجوء إلى القضاء الدستوري من أجل إسقاطه. فهم يرون أنه لا يمكن اللجوء لوضع قانون دون طلب رأي المعنيين به.

ولم تكف الهيئة الوطنية لأطباء الأسنان عن التنديد بما تعتبره محلات تركيب الأطقم بالمغاربة، حيث ترى أنها لا تحترم المعايير الواجبة في هذا المجال، بل إنها تحذر من الأمراض التي يتسبب فيها ذلك، مثل السل و مرض فقدان المناعة المكتسبة، و أمراض الكبد.

ولم تكف الهيئة عن الكشف عمّا تعتبرها حالات وفاة يتسبب فيها أشخاص متطفلون على طب الأسنان، حيث جاء ذلك في سياق كشف وزارة الداخلية عن وجود حوالي نصف ممارسي تركيب أطقم الأسنان ليس لديهم أي ترخيص.

أحد صانعي الأطقم، رفض ذكر اسمه، يؤكد أن تلك محض افتراءات، تروج من أجل النيل من سمعة العاملين في هذه المهنة، فهو يرى أن من يطلق عليهم الدجالين لا يمثلون سوى قلة قليلة في المهنة، كما في جميع القطاعات المهنية الأخرى، التي لم تسلم من الدخلاء.

ويوضح أن وضع ممارسي تلك المهنة، تحت إشراف أطباء الأسنان، سينجم عنه تراجع في إيراداتهم، على اعتبار الأطباء سيفرضون السعر الذي يناسبهم لقاء أخذ المقاسات وصناعة الأطقم، التي سيمنع على صانعي الأسنان تركيبها، إذا ما أجاز البرلمان مشروع القانون الذي وضعته وزارة الصحة.



اقرأ أيضاً: ارتفاع الفقر في ريف المغرب يغذي الفوارق الاجتماعية

دلالات
المساهمون