هيئة تحرير الشام تشدّد قبضتها على سوق صرافة إدلب

17 يناير 2022
ضوابط جديدة لشركات الصرافة في شمال سورية (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

استكمالاً لخطواتها الأخيرة الهادفة إلى السيطرة على كامل سوق الصرافة في محافظة إدلب شمال غربي سورية، بدأت "حكومة الإنقاذ" التي تعتبر الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بتنفيذ خطوات أخرى جديدة، تهدف إلى تحصيل المزيد من الضرائب من الصرافين والتحكم في أحجام الأموال التي تدخل السوق، وتوجيه الصرافين نحو أعمال أخرى من خلال تحليلات وتوجيهات تصدر عن مركز تابع لها.

ويتوجّب على جميع الصرافين العاملين في إدلب الحصول على ترخيص من "مؤسسة النقد" التابعة للإنقاذ، وتفرض هذه الأخيرة مبالغ على كل صراف تتراوح بين 2500 و5000 دولار، وتصل أحيانا إلى 50 ألفاً، وذلك بحسب المكتب وطريقة عمله وتوسعه في المحافظة، وفق أحد الصرّافين في المحافظة.

وأشار صرّاف، فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن مؤسسة النقد تعمل يومياً على فرض الأسعار المخصصة للتداول وتصدرها عبر "بنك شام" الذي يتبع لها بشكل مباشر، وتحيل غير الملتزمين بتلك الأسعار من الصرافين إلى اللجنة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام.

أضافت حكومة الإنقاذ إلى هذه الخطوات أخيراً إطلاق تطبيق لمعرفة أسعار الصرف يعمل على الأجهزة المحمولة، إضافة إلى مركز تحت اسم "ركاز للدراسات الاقتصادية" يصدر دراسات وتحليلات وتوقعات يوجّه من خلالها سوق الصرافة في إدلب إلى ما ترغب به سلطات الأمر الواقع في إدلب.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال رئيس الحكومة السورية المؤقتة المعارضة عبد الحكيم المصري، إن حكومة الإنقاذ تسيطر على كل شيء في إدلب، لكن الخطوات الأخيرة جاءت استكمالاً لمشروعها الذي يهدف إلى جمع المزيد من الأموال من خلال التحكم في كل ورقة نقدية تدخل المنطقة، وفرض المزيد من الإتاوات على الصرافين، وهذا يمكن مشاهدته من خلال شركة وتد للمحروقات ومؤسسة النقد، إضافة إلى فرضها التعامل بالليرة التركية في المنطقة.

وأكّد رئيس الحكومة السورية المؤقتة المعارضة أنه لا يحق لأي جهة التدخل في عمل الصرافين كما تفعل حكومة الإنقاذ، وبهذه الخطوة تتساوى هذه الحكومة بحكومة النظام السوري التي تفرض أيضاً على الصرافين هناك أسعاراً غير حقيقية، إذ يبلغ سعر الصرف في السوق السوداء أكثر من 3500 ليرة، بينما يحدّد البنك المركزي السوري سعر الصرف بنحو 2500 ليرة، ويفرض عقوبات على المخالفين.

بدوره، قال الباحث الاقتصادي، يحيى السيد عمر، لـ"العربي الجديد" إنه من غير المستبعد أن تسعى هيئة تحرير الشام للسيطرة على سوق الصرافة، فهي ومنذ عدة سنوات تسعى للسيطرة على كافة الجوانب الاقتصادية بدءاً من المحروقات وليس انتهاءً بالمعابر، فقضية السيطرة على سوق الصرف ليست مستبعدة، والهدف من هذا الأمر واضح ويتمثل في فرض ضرائب على مكاتب الصرافة، وهذا قد يدفع صغار الصيارفة إلى ترك السوق في حال تم فرض ضرائب مرتفعة.

واستبعد الباحث الاقتصادي أن تتخلى الهيئة عن الليرة التركية، فلا وجود لبدائل حقيقية وفعالة، فالليرة السورية على الرغم من استقرارها النسبي فهي مهددة بالانهيار كنتيجة حتمية لانهيار اقتصاد البلاد، وبالنسبة للدولار الأميركي فلا يمكن اعتماده لعدم وجود مصادر مستقرة له، فالخيارات غير واسعة في قضية العملة، لذلك من المستبعد أن يتم التخلي عن الليرة التركية.

ويرتبط دخل سكان المنطقة بالليرة التركية التي واصلت انخفاضها خلال الفترة الأخيرة مقابل الدولار الأميركي، حيث سجلت نحو 14 ليرة لكل دولار، خلال الفترة الأخيرة.

أما في ما يتعلق بتأثير هذا الأمر في حال حصوله على هجرة رؤوس الأموال، فقال عمر: "الأمر مرهون بسياسات الهيئة، وإن كانت لا ترغب في الضغط على أصحاب رؤوس الأموال، كونهم يشكلون دعماً لاقتصاد المنطقة، وبالتأكيد لا ترغب الهيئة في الضغط على المؤشرات الاقتصادية، كونه يؤثر سلباً على صورتها الداخلية والخارجية، لا سيما أنها تسعى لتسويق نفسها كفريق سياسي معتدل وناجح في إدارة المنطقة اقتصادياً".

ويعيش سكان إدلب تحت ضغوط معيشية متفاقمة في ظل إجراءات اتخذتها حكومة الإنقاذ ضاعفت من أعبائهم، ومنها إقرارها في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، زيادة غير معلنة على أسعار الضرائب للمواد التي تدخل معبر الغزاوية الواصل بين إدلب ومنطقة عفرين في ريف حلب من الجانبين (الذي يقع تحت سيطرة المعارضة أو النظام السوري)، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تصل إلى إدلب، في خطوة أثارت سخط التجار والمستهلكين.

المساهمون