منتدى الدوحة يطمئن العالم على إمدادات الغاز

23 فبراير 2022
أمير قطر يتوسط الرئيسين الجزائري والإيراني خلال القمة (كريم جعفر/ فرانس برس)
+ الخط -

أرسلت القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز المنعقدة في الدوحة، التي عُقدت أمس الثلاثاء، تحت شعار "الغاز الطبيعي: رسم مستقبل الطاقة"، رسائل طمأنة إلى العالم على السعي من أجل توفير إمدادات الغاز، وسط عواصف تصاعد الأزمة الأوكرانية، بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا.

وفي المقابل جاء الرد الغربي سريعاً بحزمة عقوبات كان من ضمنها ما أعلنه المستشار الألماني أولاف شولتز عن تعليق المصادقة على خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم 2".

وقال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في افتتاح منتدى الدول المصدرة للغاز، أمس: "نجدد دعوتنا إلى تعزيز الحوار والتعاون بين الدول الأعضاء من جهة، وبين المصدّرين والمستوردين من جهة أخرى، لضمان أمن إمدادات الغاز الطبيعي واستقرار أسواق الغاز العالمية".

وأضاف أن بلاده ستواصل دعم مصالح الدول المصدّرة للغاز والعمل مع الشركاء لتلبية الطلب المتزايد لهذا المصدر الحيوي.

وتابع أنّ منتدى الدول المصدرة للغاز "لعب دوراً كبيراً في تعزيز مُساهمة الغاز الطبيعي في دعم الاقتصادات ومواجهة التحديات البيئية، وهو ما يسهم أيضاً في تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة".

قمة وسط عواصف

لم تكن قمة منتدى الدوحة بعيدة عن الأحداث العاصفة في أوكرانيا وتأثيراتها على مختلف الأسواق، ولا سيما الغاز، إذ التأمت هذه القمة وسط مخاوف من تأثر إمدادات الغاز إلى أوروبا، مع تصاعد الأزمة الأوكرانية. ووصف الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز محمد هامل القمة بأنها "تمثل لحظة تاريخية" في مسيرة المنتدى.

وأكد هامل، في كلمة مكتوبة موجهة إلى القمة، أنّ رؤساء الدول والحكومات المجتمعين في الدوحة سيحددون خلال القمة الاتجاه المستقبلي للمنتدى باعتباره الفضاء الذي يجمع مختلف أعضائه.

وتعد روسيا أحد أكبر المصدرين للغاز إلى أوروبا، إذ توفر موسكو قرابة 40% من واردات القارة العجوز من الغاز. وفي 9 أشهر من عام 2021، قدمت شركة "غازبروم" الروسية 51% من الغاز الذي استوردته أوروبا.

وتشير بيانات شركة "غازبروم" الروسية إلى أن صادراتها من الغاز الطبيعي إلى الدول الأوروبية، باستثناء تركيا وصربيا، بلغت في 2020 قرابة 157 مليار متر مكعب، وأبرز الدول الأوروبية المستوردة كانت دول أوروبا الغربية.

ومن جانبه، قال وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة، سعد الكعبي، أمس الثلاثاء في جلسة بمنتدى الدول المصدرة للغاز بالدوحة، إن الدول المنتجة للغاز لا توافق على فرض عقوبات اقتصادية على أي من الدول الأعضاء بالمنتدى خارج إطار الأمم المتحدة. ولم يحدد الوزير القطري الدول الأعضاء التي قد تستهدفها عقوبات.

ويضم المنتدى الذي يطلق عليه أحياناً اسم "أوبك الغاز"، 11 دولة عضواً، منها روسيا وإيران.

وقال وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري إن أسعار الغاز المتزايدة في أوروبا بدأت قبل الأزمة في أوكرانيا، وترجع إلى نقص الاستثمار في هذا القطاع.

ومن جانبه، قال وزير الطاقة الروسي، نيكولاي شولجينوف، أمس، إن الدولة تعتزم مواصلة تصدير الغاز الطبيعي دون انقطاع، حسبما نقلت "رويترز". وأضاف شولجينوف في منتدى الدوحة: "نسعى لتحقيق التوازن في الأسواق العالمية للغاز".

عمل على استقرار العرض والطلب

يسعى منتدى الدوحة إلى بناء آلية لحوار أكثر جدوى بين منتجي الغاز ومستهلكيه من أجل استقرار وأمن العرض والطلب في أسواق الغاز الطبيعي العالمية، حسب المشاركين في المنتدى.

وأعاد "إعلان الدوحة" الصادر أمس، في ختام القمة السادسة للدول المصدرة للغاز، التأكيد على الحقوق السيادية للدول الأعضاء حول مصادرها الخاصة بالطاقة، وكذلك رغبتها في تطوير مصادر الغاز الطبيعي لفائدة المستهلكين والمنتجين.وأكد البيان الالتزام

بأهداف الدول المصدرة للغاز والإقرار بالدور الأساسي للغاز الطبيعي للإيفاء باحتياجات الطاقة لتحقيق كل أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وخاصة الوصول إلى طاقة مستدامة بسعر معقول، وتحقيق التطور الاقتصادي، وإيجاد أطر شفافة وغير تمييزية في السياسات المختلفة حول استهلاك الطاقة في دول العبور.

وشدد البيان على الدور الرائد للدول الأعضاء التي لديها الحصة الكبرى وعلى زيادة وتيرة المرحلة الانتقالية وأهمية مواصلة الاستثمار والموارد الطبيعية ذات الصلة.

مأزق إمدادات الغاز

وفي هذا السياق، يقول الباحث في العلاقات الروسية الأوروبية، باسل الحاج جاسم، في حديث مع "العربي الجديد"، إن قمة الدوحة لمنتدى الدول المصدرة للغاز لها أهمية إضافية، كونها تأتي في وقت تشتعل فيه الأزمة الأوكرانية، وسط تزايد التوتر بين موسكو والغرب، وهو ما ساهم في ارتفاع أسعار الغاز، بالإضافة إلى اتجاه الأنظار داخل الاتحاد الأوروبي نحو ضرورة التحرك لتنويع مصادرها من إمدادات الغاز لتقليل الاعتماد على روسيا.

موقف
التحديثات الحية

وأوضح جاسم أن الأزمة الأوكرانية، وخصوصاً الشق المتعلق منها بإمدادات الغاز، ستجعل الدول المصدرة والمنتجة للغاز أمام فرص لبعضها وربما قيود لبعضها الآخر، بسبب طبيعة تعقيد الموقف في التوازن في العلاقات بين تلك الدول وموسكو من جهة، وواشنطن من جهة أخرى.

وأشار إلى أن ما تضمنته كلمة أمير قطر في افتتاح القمة، بتجديده الدعوة إلى تعزيز الحوار والتعاون بين الدول الأعضاء من جهة، وبين المصدّرين والمستوردين من جهة أخرى، لضمان أمن إمدادات الغاز الطبيعي واستقرار أسواق الغاز العالمية، تمكن قراءتها كدعوة إلى عدم تأجيج أي تداعيات قد تنتج في حال تطورت الأوضاع على خلفية التصعيد بين الغرب وروسيا، واستخدام أي منهم الغاز كسلاح.

ضم دول جديدة ومواجهة التحديات

وحدّد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي ستحتضن بلاده القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز في عام 2023، أولويات لعمل المنتدى، ومنها حشد المزيد من الفاعلين المقتنعين بأهمية الغاز الطبيعي لرفع التحديات الحالية والمستقبلية، من خلال انضمام دول جديدة مصدرة ومنتجة للغاز الطبيعي، لتعزيز أدوارها والحفاظ على مصالحها، من خلال الحوار مع الدول المستهلكة التي اعتمدت الغاز كمحرك مهم وأساسي لتقدم اقتصادها.

ودعا تبون إلى "البحث المشترك عن أفضل الطرق والوسائل لضمان مكانة للغاز الطبيعي في الأنظمة الطاقوية وتثمين قيمته في الأسواق الدولية".

بدوره، اعتبر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الغاز من مصادر الطاقة النظيفة والآمنة والمتوفرة للعقود المقبلة. وأضاف أن الغاز يحدد مستقبل الطاقة في العالم واستخدامه لتحسين المسار الاقتصادي الصعب الناجم عن تفشي فيروس كورونا.

حدّد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي ستحتضن بلاده القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز في عام 2023، أولويات لعمل المنتدى، ومنها حشد المزيد من الفاعلين المقتنعين بأهمية الغاز الطبيعي

ولفت إلى وجود وجهات نظرة مختلفة في المنتدى، إلا أن ثمة تضامناً جيداً بين الدول المشاركة فيه تجاه المستقبل، قائلاً إن الهدف من عقد المنتدى ومشاركة الأعضاء فيه هو دعم الحقوق التي تؤكد عليها سيادة هذه الدول في مجال اكتشاف الغاز وتعزيز دوره في تلبية حاجات العالم إلى الطاقة وكذلك ضمان الأمن في مجال طلب الغاز الطبيعي على صعيد العالم.

ويضم المنتدى 11 دولة عضواً، هي: قطر وروسيا، وإيران، والجزائر، ومصر، وبوليفيا، وغينيا الاستوائية، وليبيا، ونيجيريا، وترينيداد وتوباغو، وفنزويلا. كما يضم 7 دول أعضاء بصفة مراقبين، هي: أنغولا، وأذربيجان، والعراق، وماليزيا، والنرويج، والبيرو، والإمارات. وتبلغ حصة الدول الأعضاء كاملة أكثر من 70% من احتياطات الغاز الطبيعي في العالم.

المساهمون