مصر: تسهيلات ضريبية للمحامين خوفاً من المظاهرات

03 ديسمبر 2022
عرضت الحكومة تخفيضات في الرسوم المقررة سنوياً على المحامين (Getty)
+ الخط -

شهدت العلاقة المتوترة بين نقابة المحامين والحكومة المصرية جولة جديدة من المفاوضات خلال الساعات الماضية، استهدفت وقف تصعيد المحامين للدعوة إلى وقفات احتجاجية وإضراب عام، مقابل منح وزارة المالية تسهيلات مالية للمحامين، تشمل مدّ توقيت خضوع المحامين لقرار وزير المالية، الذي يجبرهم على الانضمام إلى منظومة الدفع الإلكتروني، المقرر تطبيقها في 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

قالت مصادر في مجلس نقابة المحامين لـ"العربي الجديد" إن وزيري المالية محمد معيط والعدل عمر مروان أجريا اتصالات مكثفة يومي الخميس والجمعة الماضيين بالنقيب العام للمحامين عبد الحليم علام، لدعوته إلى فضّ أية مظاهر احتجاجات للمحامين داخل النقابة العامة، والنقابات الفرعية بالمحافظات.

أكد الوزيران رفض الحكومة إجراء أية تعديلات على قانون منظومة الدفع وإصدار الفواتير الإلكترونية، الصادر عام 2020، الذي سيطبّق على جميع أصحاب المهن الحرة من الأطباء والمهندسين والصحافيين والإعلاميين والممثلين والمحاسبين وغيرهم، اعتباراً من بداية العام المقبل، وأصبح التزاماً رسمياً للدولة، لا يمكن الخروج عليه.

تدخلت أجهزة أمنية في إدارة المفاوضات بين الطرفين، تحسّباً لتصعيد الاحتجاجات التي احتشدت بمئات المحامين الخميس الماضي. استعانت الأجهزة بمحامين من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، لفضّ اعتصام دعت إليه نقابات فرعية، وحشدت من أجله شباب المحامين، بداخل النقابة العامة، أول ديسمبر الجاري، استهدف البقاء داخل مقر النقابة العامة بوسط القاهرة، لحين "إسقاط نظام الفاتورة الإلكترونية".

فوجئت قيادة نقابة المحامين بالهجوم الكاسح من شباب المحامين على مجلس النقابة، وتظاهرهم داخل مقر النقابة وخارجها وسط العاصمة، واتهام المجلس بالخنوع في مواجهة أزمة تمسّ أعمالهم، وقدرتهم على التعامل مع عملائهم في وقت يعانون فيه من البطالة والغلاء وإجبارهم "القسري" على الخضوع لنفقات خارج قدراتهم، لشراء الأجهزة، ونظم ورسوم التسجيل بالفاتورة الإلكترونية.

توصلت الحكومة والنقابة والأجهزة الأمنية إلى اتفاق على إرجاء تنفيذ قرار وزير المالية الذي يحدد 15 ديسمبر الجاري كموعد أخير لتسجيل المحامين بالمنظومة الإلكترونية، وهو أمر يتيح لمصلحة الضرائب إحالة المخالف للقرار إلى المحاكمة الجنائية، بتهمة التهريب الضريبي.

وعرضت الحكومة على النقابة منح تسهيلات للمحامين، بتحميل وزارة المالية جزءاً من تكاليف التسجيل وتخفيضات في الرسوم المقررة سنوياً، وإرجاء التنفيذ العملي للضريبة الإلكترونية، لحين الفصل في الدعاوى التي تقدم بها محامون ببطلان تطبيق القانون على مهنة المحاماة.

اعتبر نقيب المحامين العرض الأخير للحكومة حلاً للخروج من الأزمة، بينما تمسكت أغلبية الأعضاء، والشباب بخاصة، برفضهم مبدأ خضوع المهنة لمنظومة الضريبة الإلكترونية، حاملين شعار "المحاماة خدمة والمحامون جزء من منظومة القضاء وليسوا تجاراً".

انقسم جيل الرواد في المهنة، وأحبط البرلمان إثارة الأزمة داخل مجلس النواب، بعدم تحديد موعد عاجل لمناقشة طلبات تقدم بها 7 أعضاء الأسبوع الماضي، لمساءلة وزير المالية، حول مشروعية تطبيق القانون على المحامين، داعين إلى الاستماع إلى مسؤولي النقابة وشيوخ المهنة، لإنهاء الأزمة المتصاعدة، مع الحكومة.

وجهت الأجهزة الأمنية وسائل الإعلام إلى عدم النشر عما دار من احتجاجات بنقابة المحامين، التي ظلّت لسنوات داخل المربع الساخن للمظاهرات مع نقابة الصحافيين وسط العاصمة، في وقت تتصاعد فيه حالة الغضب بين المواطنين ومجتمع الأعمال، حول الغلاء وسوء إدارة الحكومة للأزمات المالية والاقتصادية.

تخشى الأجهزة الأمنية أن تتوسع احتجاجات المحامين إلى مظاهرات تندلع من جمعية عمومية تضم 700 ألف محامٍ، أغلبيتهم من الشباب وغير القادرين على توفير احتياجاتهم اليومية.

أدت حالة الانقسام في موقف مجلس النقابة إلى بروز آراء أقل تشدداً للمنظومة الإلكترونية، تستهدف إعفاء المحامين من بعض الرسوم واستبعاد خضوع محامي الجدول والإدارات القانونية والمقيدين بجدول غير المشتغلين والذين يعملون بأجر لدى مكاتب كبار المحامين من الضريبة، على أن يسجلوا تباعاً في المنظومة وتوريد الضريبة وفقاً لحالة العمل في المراحل اللاحقة.

أغلقت نقابة المحامين ببورسعيد جميع مكاتب أعضائها في المحافظة الخميس الماضي، وقادت الدعوة إلى إضراب عام من المقر الرئيسي بالقاهرة.

وسارت على نهجها نقابة شمال القاهرة، وفي الوقت ذاته قاد نواب حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لبث الاحتجاجات على الهواء مباشرة، وإعادة نشر صورها على موقع النقابة العامة، وتوزيعها على المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام الدولية، البعيدة عن الرقابة الأمنية.

 

المساهمون