- الوضع الاقتصادي المتدهور وارتفاع أسعار السلع يجبر العائلات على العيش في ظروف صعبة، مع عجز البعض مثل لؤي الكرمو عن توفير احتياجات أساسية مثل ملابس العيد لأطفالهم بسبب الأسعار المرتفعة.
- الأطفال يتأثرون بشكل مباشر بالأزمة، حيث يضطر البعض للعمل في مهن شاقة لمساعدة عائلاتهم، مثل مهاب الديناور الذي يعمل في العتالة بأجر يومي قليل، في ظل توقف المعونات الإغاثية التي كانت تساعد في تغطية احتياجاتهم الأساسية.
يعاني الكثير من سكان إدلب، سواء المقيمين أو النازحين، حالة من العجز عن تأمين أبسط مستلزمات العيد لأسرهم، جراء الفقر وقلة فرص العمل وشح الدعم الإغاثي وانقطاعه.
ولم يستطع صلاح حلوة (39 عاماً) إدخال البهجة لنفوس أطفاله بشراء ملابس عيد جديدة لهم، رغم كل محاولاته لادخار ثمنها من أجور عمله في المياومة.
ويقول: "أحصل على مبلغ 100 ليرة تركية في اليوم، وهي لا تكاد تكفي لتأمين الطعام، وتسديد أجرة المنزل الذي أقيم فيه، خاصة أن عملي متقطع وليس دائماً".
يقيم حلوة في مدينة إدلب ضمن بناء قديم يدفع إيجاره 600 ليرة تركية شهرياً، ولم يحاول السكن في أحد المخيمات نظراً لبعدها عن مراكز المدن، واستحالة تأمين فرصة عمل فيها، وفق ما قاله لـ"العربي الجديد". يشعر حلوة بالقهر والحزن حين يسأله أبناؤه الأربعة إن كان سيشتري لهم ملابس العيد الجديدة، ويحتار في إجابتهم، وهو لا يعلم إن كان قادراً على تأمين الحد الأدنى من المعيشة، وسط ارتفاع الأسعار الجنوني، بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة التركية، في الوقت الذي لم يطرأ فيه أي تحسن على أجور العمال.
وسجل الدولار أول من أمس الثلاثاء 32.9 مقابل الليرة التركية، وهو ما انعكس ارتفاعاً بأسعار السلع غير مسبوق، وعجزاً مالياً أثقل كاهل السواد الأعظم من الناس أمام تأمين بعض الضروريات الأساسية من المؤن والغذاء، لتبدو مسألة تأمين مستلزمات العيد معضلة لا تجد حلاً في الأفق للكثيرين.
يجوب النازح لؤي الكرمو (37 عاماً) أسواق الدانا كل يوم من أجل أن يحظى بملابس عيد جديدة لطفليه تلائم أسعارها المبلغ الضئيل الذي تمكن من ادخاره لشرائها، لكنه لم يوفق حتى الآن نظراً لارتفاع الأسعار الذي فاق قدرته المادية الضعيفة، فأقل سعر للملابس الجديدة هو 1000 ليرة تركية بما فيها بنطال وقميص وحذاء، أي إنه بحاجة لـ2000 ليرة لتغطية تكاليف الملابس، بينما لا يملك سوى 1000 ليرة فقط.
يقول الكرمو بحسرة إنه يعمل في أحد الأفران مقابل أجرة يومية لا تتعدى 80 ليرة تركية، ومع أن المبلغ الذي يحصل عليه لا يكاد يكفيه ثمناً لبعض الحاجيات البسيطة، فإنه يجد هذا العمل أفضل من البطالة، خاصة أنه عانى لسنوات لإيجاد فرصة عمل ثابت بأجر ملائم دون جدوى.
عجز الآباء عن تأمين ملابس العيد لأبنائهم وحرمان الأطفال من هذه الفرحة دفع العديد من الأطفال للعمل في مهن شاقة، مستغلين عطلة المدارس الأخيرة، كالطفل مهاب الديناور البالغ من العمر (13 عاماً) الذي انطلق للعمل في العتالة بسوق الهال بمدينة سرمدا مقابل أجرة يومية لا تتجاوز 50 ليرة.
يقول الديناور إنه يواجه صعوبة في العمل بتحميل صناديق الخضار والفواكه، وخاصة وهو صائم، مشيراً إلى أن العمل شاق، والأجرة قليلة، لكنه يحصل على بعض الإكراميات من الزبائن، ويطمح في أن يتمكن من شراء ملابس العيد.
وأوضح أن والده مفقود منذ سنوات، ووالدته غير قادرة على تأمين الحد الأدنى من المعيشة، من خلال عملها في الورش الزراعية، حيث لا يتجاوز ما تحصل عليه 70 ليرة تركية في اليوم، وهو ما دفعه لمساعدة نفسه بتأمين ملابس العيد الجديدة على الأقل.
وأشار الطفل السوري إلى أنهم كانوا يستفيدون من توزيع المعونات في المخيم الذي يعيشون فيه على أطراف مدينة سرمدا، والتي كانت تغطي احتياجاتهم من المواد الأساسية، وتبيعها والدتهم أحياناً لتأمين بعض مستلزمات العيد، غير أن توقفها ضاعف مأساتهم، ودفعهم للبحث عن بدائل، فاختار العمل بالعتالة لسد بعض ما يحتاج إليه، وخاصة أنه العمل الوحيد المتوفر.
وفي أحدث تقرير له، أعلن فريق "منسقو استجابة سورية" أن حدود الفقر والجوع في مناطق شمال غرب سورية، ارتفعت مجدداً إلى مستويات قياسية هي الأعلى على الإطلاق مقارنة بالأعوام السابقة".