حصانة مالية قوية أثبتتها البنوك الخليجية بعد انهيار بنك سيليكون فالي (SVB) الأميركي، رغم المخاوف من انتقال الأزمة إلى عديد المصارف حول العالم، ما أهلها لاحتلال 41 مركزاً من أصل 50 بقائمة مجلة فوربس لأفضل البنوك في الشرق الأوسط.
فالبنوك الخليجية المدرجة في أسواق المال سجلت صافي أرباح يُقدَّر بـ45 مليار دولار، خلال العام الماضي، لتنمو للعام الثاني توالياً، بعكس توقعات التأثر الكبير بانهيارات البنوك الأميركية، ما عزز المركز المالي للدول الخليجية.
وساهم النمو السريع للتمويل الإسلامي بدول الخليج العربية في تصدر بنوكها لقائمة الشرق الأوسط، إذ تقل تكلفة الودائع في البنوك الإسلامية مقارنة بالمصارف التقليدية، بما يدعم ربحيتها في أوقات ارتفاع الفائدة، ولذا تصدّر القائمة مصرف الراجحي السعودي، بقيمة سوقية بلغت 75 مليار دولار، وهو أكبر بنك إسلامي في العالم من حيث رأس المال.
ويمكن أن تعزى صدارة البنوك الخليجية بالشرق الأوسط أيضاً إلى الاستثمارات الكبيرة في بنيتها التحتية والتطوير المستمر لخدماتها المصرفية والمالية، والاهتمام بتوظيف التقنيات الحديثة لخدمة عملائها، حسبما أورد تقرير لشركة "ديلويت إنسايت" الاستشارية.
ووفق تقرير "فوربس"، فإن القيمة السوقية الإجمالية للبنوك السعودية في القائمة بلغت 223.5 مليار دولار، وبلغت قيمة المصارف الإماراتية 121.2 مليار دولار، وقيمة المصارف القطرية 81.3 مليار دولار (8 بنوك)، فيما بلغت قيمة المصارف الكويتية 76.2 مليار دولار (7 بنوك).
أرضية مالية صلبة
ويرى المستشار المصرفي والخبير الاقتصادي، علي أحمد درويش، أن تصدّر 41 مصرفاً خليجياً لقائمة من 50 بنكاً، يؤشر إلى أن المصارف الخليجية ذات رأس مال قوي وأرضية صلبة من حيث الأصول والميزانيات، حسبما صرّح لـ"العربي الجديد".
ويؤشر تصنيف البنوك الخليجية أيضاً، إلى ما لديها من أسواق واعدة وثابتة، لسبب رئيس، هو مشاركة الدول الخليجية بملكية هذه المصارف، سواء في شكل أسهم أو بشكل ملكية مباشرة أو مشاركة ضمن إدارات هذه المصارف، بحسب درويش.
وإزاء ذلك، يعتبر درويش الخليج العربي من المناطق الأكثر ثباتاً من الناحية المالية في العالم، في هذه المرحلة، وهو ما يعود لحالة الانتعاش الاقتصادي الذي تنعم بها هذه الدول، ولا سيما السعودية والإمارات وقطر.
وتعود هذه الحالة بالأساس إلى ارتفاع عوائد النفط، إضافة إلى اتجاه دول الخليج إلى تنويع مصادر الدخل في السنوات الأخيرة، بحسب درويش.
ويلفت المستشار المصرفي إلى أن تصاعد المؤشرات الاقتصادية لدول الخليج يسهم في ازدهار القطاع المصرفي، وهو ما يمكن ترجيح استمراره مع بقاء أسعار النفط مرتفعة خلال الفترة المقبلة.
ومع تنامي مشروعات التنويع الاقتصادي بدول الخليج، وتصاعد الاهتمام بالسياحة والاستثمارات الأجنبية في قطاعات صناعية مختلفة، يمكن ترجيح ازدهار أطول للقطاع المصرفي، لا يرتبط بعوائد النفط على المدى المتوسط، بحسب درويش.
ووفق تقرير أصدرته وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن مستقبل البنوك في منطقة الخليج يؤشر إلى تحقيق أرباح أعلى، عام 2023، في ضوء الازدهار الاقتصادي في عديد الدول الخليجية من جانب، واتجاه المستثمرين الخليجيين إلى امتلاك حصص إضافية في شركات الخدمات المالية الأوروبية.