كأس العالم ينعش أسواق مصر... فرص للعمل والكسب وبهجة طال انتظارها

17 نوفمبر 2022
متابعة كأس العالم تحولت إلى فرص للكسب (العربي الجديد)
+ الخط -

خسر اللاعبون فرصة مشاركة مصر في كأس العالم في قطر 2022، بينما الشغف لمتابعة المونديال يملأ قلوبهم. ينتظر الجمهور انطلاق صفارة بداية المونديال بعد أيام، ليلتقطوا فيها الأنفاس، ويبتعدوا عن ضغوط يومية تكدر معيشتهم.

ويجري الاستعداد على قدم وساق بالأندية الكبرى والساحات الشعبية وكثير من المنازل، لتجهيز جلسات عامة وعائلية، ومعدات هندسية لمتابعة المونديال، ما ينعش الكثير من الأنشطة والأسواق.

وتحولت متابعة كأس العالم لدى الكثيرين إلى فرصة لـ"البزنس" من باب المتعة. يقول محمد عبد الله صاحب مقهى شعبي كبير في ضاحية السادس من أكتوبر غرب العاصمة القاهرة: "ننتظر بدء كأس العالم، منذ شهور طويلة، فجمهور المقاهي اختفى منذ عام 2020، عندما بدأت موجات كورونا، وأغلقت الدولة المقاهي، ومنعت الرواد من التجمعات العامة والجلوس بالأندية والمقاهي، لعدة أشهر".

يضيف عبد الله لـ"العربي الجديد": "عندما رفعت الحكومة حالة الحظر الطبي والطوارئ لم يأت الرواد، لخوفهم من التعرض للعدوى، إلى أن وقعت الحرب في أوكرانيا، التي تسببت في ارتفاع الأسعار وموجات غلاء شديدة، جعلت الناس أشد حرصاً في توجيه نفقاتهم، فأصبحت المقاهي خاوية".

يأمل عبد الله أن يأتي الجمهور المحب لكرة القدم إلى المقهى، بعد أن دفع 17 ألف جنيه (694 دولارا) قيمة اشتراك عرض عام بباقة كأس العالم، للشركة الموزعة لأجهزة استقبال القنوات الفضائية المتابعة للمباريات.

"يا مسهل.. نحن في أمس الحاجة أن يخرج كأس العالم، باحتفالات جميلة ومباريات أجمل"، قالها مصطفي كريم، شاب يعمل في كافتيريا أنيقة في منطقة "داون تاون" في ضاحية التجمع الخامس الراقية، شرق العاصمة.

يشير كريم، إلى أنه عمل بالكافتيريا، بعد تخرجه من الجامعة، لعدم وجود فرصة عمل تناسب مؤهله الدراسي، ورغم أنه يحصل على راتب ضئيل لا يتناسب مع دوام 12 ساعة عمل يومياً، فكل أمله أن يشارك محبو كرة القدم في مشاهدة المباريات، حتى تزيد فرصته في المكافآت اليومية التي يدفعها عادة العملاء، في تلك المناسبات المبهجة والنادرة.

وتزايدت الضغوط المعيشية مع قفزات أسعار كافة المنتجات والخدمات في مصر، منذ بداية العام الحالي على ضوء تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا وتهاوي الجنيه المصري، وهو ما رصدته الأجهزة الرسمية في بيانات ارتفاع معدلات التضخم أخيراً، والتي يقول خبراء اقتصاد إنها لا تعبر بشكل حقيقي عن الواقع.

ورغم موجة الغلاء قال مسؤول في الشركة المصرية للقنوات الفضائية CNE الوكيل الحصري لمجموعة قنوات "بي إن سبورت" beIN صاحبة امتياز إذاعة مباريات كأس العالم إن الشركة حافظت على سعر أجهزة الاستقبال والاشتراك، دون زيادة طوال العامين الماضيين، مؤكدا تخصيص اشتراك لمتابعة المصريين للمباريات حصريا على 40 قناة رياضية، بقيمة 1920 جنيها (78.4 دولارا) ثمن الجهاز المستقبل "الرسيفر" و1471 جنيها للاشتراك لمدة 3 شهور.

وأعطت الشركة الجمهور حق اختيار الاشتراك بقيم مالية أقل، تناسب دخولهم، وفقا لحجم الباقة والفترة الزمنية التي يريدها، تنخفض ما بين 787 و565 و377 جنيهاً، وتسمح بعرض المباريات في أكثر من جهاز داخل المنزل الواحد.

كما منحت الشركة عروضا خاصة، ليتمكن جمهور واسع من مشاهدة المباريات في الأندية والمراكز التجارية والمقاهي. وتحولت آلاف الشركات متناهية الصغر العاملة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا والدفع الفوري، إلى موزع لتلك الخدمات الحصرية، لإذاعة كأس العالم، لا سيما بعد أن شنت أجهزة الرقابة على المصنفات الفنية، حملات موسعة على المقاهي والمحلات التي تذيع القنوات المشفرة من دون تصريح، بالمخالفة لقانون حماية الملكية الفكرية، طوال الشهر الماضي.

يعترف الخمسيني إبراهيم صابر بحيازة "وصلة" لمتابعة مباريات كأس العالم، بمنزله لعدم قدرته على دفع قيمة "رسيفر" الشركة. واعتادت بعض شركات بيع أجهزة "الرسيفر" عمل شبكات إنترنت تربط بين عدد محدود من المنازل، مع "رسيفر" أصلي للوكيل الحصري، وتوصيل الخدمة إليهم مقابل اشتراكات بسيطة لا تتجاوز 30 جنيهاً شهريا.

بحسبة بسيطة تحولت تلك "الوصلات" إلى بزنس ضخم في المناطق الشعبية والقرى تمكن المصريين من المتابعة اللحظية لمعشوقتهم المجنونة كرة القدم. يبتسم "صابر" قائلا: حرمنا من كل المتع، حتى السجائر التي كانت تنفس عن غضبنا، امتنعنا عنها، بعد زيادة أسعارها، ولم يبق لنا سوى الاستمتاع بكرة القدم، وكأس العالم فترة الذروة لهذه المتعة، التي يظل صداها معنا لمدة عام أو عامين".

المشاهدة الجماعية للمباريات لها طعم آخر، كما يقول الشاب ربيع الحسيني، مشيرا إلى أنه رغم وجود أجهزة استقبال رسمية أو "الوصلة" لدى كثير من الناس في المنازل، إلا أن المشاهدة أحلى بمراكز الشباب والمقاهي الكبيرة، لمتابعة أداء أفضل لاعبي العالم".

يشير الحسيني إلى تجهيز الأندية الكبرى، مثل الأهلي والزمالك والصيد وناديه في مدينة السادس من أكتوبر وغيرها بالمحافظات، لشاشات عرض كبيرة، في أماكن متفرقة من النادي ليجتمع أمامها الشباب وأخرى للعائلات، فيستمتع الجميع بمشاهدة المباريات.

يؤكد أن الزخم الذي تصنعه الأندية حول مشاهدة تلك المباريات وغيرها مثل كأس أوروبا والدوري الإسباني والإنكليزي، ساعدت الأندية على رفع قيمة تأجير محلات المأكولات والمشروبات التي تخدم الجمهور، لافتا إلى أن مثل هذه الفعاليات تصنع أيضا فرصة ضخمة لتسويق الخدمات لشركات عقارية وسياحية، وتنظم بعض الشركات عروضا لبيع الملابس والمنتجات اليدوية، تساهم في زيادة دخل المواطنين والأندية ذاتها.

وليست الأسواق الموازية والوظائف الموسمية وحدها التي تستفيد من فعاليات مشاهدة المونديال في مصر، فالأسواق الرسمية أيضا تترقب المكاسب. فقد أعلنت وزارة السياحة المصرية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، عن خطة لاستضافة المعسكر الختامي للدول المشاركة للمونديال في المدن المصرية، قبيل سفرهم إلى قطر. وعمدت شركات الطيران إلى تنظيم رحلات مباشرة لأول مرة تربط بين الدوحة وشرم الشيخ والغردقة. وأعلنت غرفة المنشآت الفندقية عن منح 10% خصماً على الأسعار المعلنة "أون لاين" لمشجعي كأس العالم في قطر، عند الإقامة في الفنادق المصرية، في رحلات الذهاب والعودة للدوحة، مع تنظيم برامج خاصة للمجموعات من المشجعين وأعضاء الوفود للدول.

المساهمون