رغم عجز "محاربي الصحراء" عن الوصول إلى أول مونديال كروي يقام فوق أرض عربية، إلا أن الأسواق الجزائرية تأهبت لاقتناص فرصة كسر الركود الذي سيطر عليها بفعل الغلاء وتراجع القدرات الشرائية للكثيرين، عبر عروض على الكثير من السلع والخدمات.
ولعل أبرز المستفيدين من مونديال "قطر 2022" هم تجار الملابس الذين خلط شح الأمطار وتواصل الجفاف حساباتهم وجعل ملابس الشتاء تبقى على الرفوف، حيث سارع بائعو الملابس الرياضية والعادية إلى حجز السلع لدى المستوردين ومن يعرفون بـ"تجار الشنطة"، لإعادة النشاط إلى مبيعاتهم.
في شارع "حسين بن بوعلي"، الذي يشق العاصمة الجزائرية، أخرج تجار الملابس "دمى العرض" إلى الخارج لعرض قمصان وبدلات المنتخبات المشاركة في المونديال من مختلف القارات.
يقول الشاب كمال، الذي يعمل بائعا في أحد المحلات التجارية في شارع "حسين بن بوعلي"، إن الإقبال ارتفع أخيراً على شراء البدلات الرياضية للمنتخبات، على غرار بدلتي المنتخبين الإنكليزي والاسباني بالنظر لتعلق الجزائريين بدوري "الليغا" و"البريمير ليغ"، دون أن ننسى قمصان منتخبي الأرجنتين والبرازيل، و"الجديد هذه المرة هو طلب قميص المنتخب القطري من طرف بعض الشغوفين بالكرة، ربما لكونها بلدا عربيا منظما لكأس العالم، وهذا يعتبر فخرا لنا جميعا".
ويكشف عبد القادر فراح، وهو مالك أحد محلات بيع الملابس الرياضية في الشارع نفسه، أن "كأس العالم أعاد بعث الحياة في موسم بيع الملابس الشتوية، بعد الركود الذي خيم عليه بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم تساقط الأمطار".
ويقول: "كتجار، قمنا بجلب القمصان والبدلات الجديدة سواء عبر تجار الشنطة من دول جنوب القارة الأوروبية، وهي سلعة أصلية تكون بأسعار مرتفعة، وهناك من جلب سلعة من تركيا وحتى من الصين مقلدة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بأسعار منخفضة وهوامش ربح متوسطة، المهم هو إنقاذ الموسم والتجارة من الركود".
بدورها، بدأت المطاعم والمقاهي الراقية والشعبية في الترويج للعروض المرافقة لبث مباريات كأس العالم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الإعلان المباشر داخلها، بوضع لافتات في الواجهات، مستغلة توقيت المباريات التي ستكون بين الثانية ظهراً والعاشرة ليلاً بتوقيت الجزائر، أي في أوقات يزداد فيها الإقبال على المطاعم والمقاهي.
في السياق، يؤكد عبد الهادي، وهو مدير أحد المطاعم في منطقة "سيدي يحيى" الشهيرة بالمطاعم والمحلات الراقية، أن "المطعم وضع عروضا خاصة بالمونديال، سواء لوجبات الغداء بدءاً من منتصف النهار أو عروض قهوة وشاي مع الحلوى والشيشة لمباريات بعد الظهير إلى الغروب، ثم عروض لوجبات عشاء مع مرطبات وشيشة للمباريات الليلية، وتتطور العروض مع الانتقال من دورٍ إلى آخر مع فتح الحجوزات للمباراة النهائية منذ الآن".
يقول عبد الهادي لـ"العربي الجديد"، إن "الشارع الجزائري يعشق كرة القدم وحتى دون مشاركة الجزائر، فالجزائريون ينتظرون كأس العالم لتشجيع منتخباتهم المفضلة، ويريدون عيش ما عاشوه حين توج "الخضر" بالكأس العربية في الدوحة، مضيفا: "وفرنا كل الخدمات والعروض الممكنة ونراهن على كأس العالم لرفع رقم الأعمال، خاصة في الفترات الليلية".
وبما أن المونديال يُعاش بحمل الألوان والجلوس في المقاهي والمطاعم وحتى في المنازل أمام الشاشات، فإن محلات "فك التشفير" (قرصنة القنوات الناقلة للمباريات)، تشهد إقبالاً كبيراً من طرف الجزائريين الباحثين عن المشاهدة المتعة وعيش "حرارة" ملاعب وشوارع قطر، وهو ما يؤكده عبد العالي برديسي، الذي يعمل في بيع أجهزة الاستقبال، الذي كشف لـ"العربي الجديد" عن العروض المطروحة والمنقسمة بين "أجهزة أصلية" تعود إلى "بي إن سبورت" للباحثين عن المعلقين العرب، وبالأخص حفيظ دراجي والشوالي وغيرهما، وآخرين يفضلون التعليق الفرنسي عبر شراء "سيرفر" يفتح القنوات الفرنسية المشفرة بحكم القرب الجغرافي للجزائر من القارة الأوروبية ما يسمح بالتقاط القمر الموجه للأوروبيين في الشمال الجزائري.