قفزات أسعار الطاقة تهدد قطاعات حيوية في ألمانيا

23 مارس 2022
أسعار الطاقة ترفع تكاليف مختلف القطاعات (Getty)
+ الخط -

تضرب قفزات أسعار الطاقة بمعولها، الكثير من القطاعات الإنتاجية في ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، ما يعزز حالة الانقسام في الاتحاد الأوروبي حيال فرض حظر على صادرات النفط الروسي، بسبب المخاوف من انعكاسات هذه الخطوة على اقتصادات منطقة اليورو.

وتسببت أسعار الطاقة المتصاعدة في تهديد صناعات برمتها مثل الصناعات الكيميائية والورق، فضلا عن صناعة الخبز ذاته.

ففي الصناعات الورقية، بدأت الشركات تعاني من مشاكل وجودية، سيما وأنه يتم تجفيف الورق بالبخار والحرارة بالأشعة تحت الحمراء والهواء الساخن، ولا شيء يعمل هنا بدون الغاز الطبيعي، وفق تقرير لصحيفة "دي فيلت".

وأشارت إلى أنه في مدينة هاغن غرب البلاد، تعمل شركة في هذا المجال وتوظف 560 فردا، وتستهلك أكثر من 500 مليون كيلوواط/ ساعة من الكهرباء سنويا، أي ما يوزاي استهلاك مدينة يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة.

وأفاد مسؤول الطاقة في الشركة أنه بات يتعين إنفاق المزيد من الأموال على هذا القطاع، وهذا ما سيدفع إلى زيادة التكاليف المتزايدة على العملاء من خلال سعر الورق.

وهناك مخاوف من عدم إمكانية تلبية الحاجات والتوقف عن الإنتاج بشكل تام، رغم أن الشركة لديها التزامات مع العديد من دور النشر، التي تطبع المجلات والكتب المدرسية. كما تعاني الصناعات الكيميائية، صاحبة الاستهلاك الكثيف للطاقة.

وأمام هذا الواقع، قال أوفيه فيكرس، نائب المدير العام لجمعية صناعة الكيماويات في ولاية شمال الراين ـ فستفالن (غرب)، إن هناك شعورا بالقلق أمام الإرتفاع القياسي لأسعار الطاقة.

وأشار إلى أن 30% من شركات الكيماويات الألمانية في الولاية، بما في ذلك العديد من الشركات المتوسطة الحجم، بحاجة إلى الطاقة لمنتجاتها، والتي يتم الحصول عليها بشكل أساسي من المواد الخام الأحفورية مثل النفط أو الغاز أو الفحم.

وشدد فيكرس على أنه على عكس الشركات المصنعة للورق، لا تستطيع شركات المواد الكيميائية تمرير تكاليفها الإضافية الحالية إلى العملاء، مثل قطاع صناعة السيارات.

وأضاف : "إذا لم نعد قادرين على إنتاج منتجات بسعر معين، يمكن أن يدخل طرف ثالث من الخارج ويقدم ذلك بسعر أفضل، وهذا خسارة للسوق الداخلي".

وفي مجال آخر، أصبحت صناعة المخبوزات أكثر تكلفة بنسبة تزيد عن 10% مقارنة بالعام الماضي بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. ومع زيادات أسعار الغاز الآخذة في الارتفاع، بات الكثير من أصحاب المخابز يفكرون في تركيب أنظمة للطاقة الكهربائية بأسرع وقت لتفادي المزيد من المصاريف.

ولعل الوضع المتأزم للقطاعات الاقتصادية في ألمانيا هو ما يدفع برلين إلى العزوف عن الانضمام إلى الأصوات الأوروبية المطالبة بحظر النفط الروسي على غرار الولايات المتحدة.

وأمس الاثنين، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية، وفق رويترز، إن ألمانيا لا تزال على موقفها بأنها لا تستطيع الاستغناء عن واردات النفط الروسية، وذلك في ظل المناقشات التي يجريها الاتحاد الأوروبي حول فرض مزيد من العقوبات على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا.

ويتوقع محللون أن يساهم حظر النفط الروسي في ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية في الوقت الذي تبحث فيه أوروبا عن بدائل في دول الشرق الأوسط لتغطية النقص المتوقع في إمدادات النفط الروسي.

وتمثل واردات النفط الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي نحو 28% من إجمالي واردات الكتلة الأوروبية من الخامات العالمية. كما تستورد دول الاتحاد الأوروبي كذلك مشتقات نفطية من الشركات الروسية.

يُذكر أن صادرات روسيا النفطية تقدرها نشرة "أويل برايس" العالمية بنحو 7.5 ملايين برميل يومياً من إجمالي إنتاجها النفطي المقدر بنحو 11.2 مليون برميل يوميا، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية. وترغب الدول الغربية عبر الحظر النفطي في ضرب الاقتصاد الروسي في العصب الحي، وهو قطاع الطاقة الذي تعتمد عليه الخزينة الروسية في تلبية الإنفاق وبالتالي بتكبيدها خسائر ضخمة في قطاعي النفط والغاز الطبيعي.

ويعني الحظر الأوروبي للنفط الروسي، في حال إقراره، أن السوق النفطية العالمية ستخسر نحو 3 ملايين برميل يومياً من إجمالي الإمدادات العالمية التي تقدرها وكالة الطاقة الدولية بنحو مائة مليون برميل يومياً.

المساهمون