أجمعت مؤسسات مجتمع مدني أردنية على عمق الأزمة التي يعاني منها سوق العمل في البلاد والطبقة العمالية، بسبب ارتفاع نسبة البطالة، وتداعيات جائحة كورونا، مازالت تلقي بظلالها على سوق العمل.
وأكدت المؤسسات، في تقارير منفصلة، بمناسبة يوم العمال الذي يصادف الأحد أول مايو/أيار والذي أعلنته الحكومة يوم عطلة رسمية، هشاشة سوق العمل المحلية، لافتة إلى الافتقار إلى متطلبات الحماية الاجتماعية للعديد من فئات العمال.
ارتفاع معدلات البطالة
وقال بيت العمال للدراسات، في تقرير أصدره أمس السبت، تحت عنوان "ما بعد الأزمة"، إن جائحة كورونا ما زالت تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني وعلى مختلف قطاعات العمل بصورة غير مسبوقة.
وأشار التقرير إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية في نهاية عام 2021، حيث بلغت 24.1% والتي تمثل 435 ألف عاطل، بعد أن كان عددهم 324 ألفا في نهاية 2019، وهي النسبة الأسوأ في تاريخ المملكة.
وأضاف أن "معدل المشاركة الاقتصادية في الأردن ما زال من أخفض المستويات عالميا، حيث بلغ مع نهاية عام 2021 فقط 34% ممن هم في سن العمل، أي أن 66% من الأردنيين في سن العمل لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، وبعضهم توقّف عن البحث عن عمل، وهم ما يسمّون بفئة المحبطين".
وبيّن التقرير أن الأزمة كشفت النقاب عن هشاشة عانى منها سوق العمل، وعن الافتقار إلى متطلبات الحماية الإجتماعية للعديد من فئات العمال، خاصة العاملين في القطاع غير المنظم، الذين يمثلون 48% من مجموع العاملين في المملكة.
ونبّه إلى أن الجائحة تسببت خلال العام الماضي في إضافة ما يقرب من 110 آلاف عاطل جديد عن العمل إلى معدل البطالة الذي كان مرتفعا بصورة غير مسبوقة قبل الجائحة، وزادت فيه نسبة العاطلين الذين زادت مدة تعطلهم على 12 شهرا لتصبح 49.5% من العاطلين.
كما بلغت نسبة البطالة بين فئة الشباب من أعمار 24 عاما فأقل مع نهاية 2021 نحو 54.1%.
تحديات غير مسبوقة لعمال الأردن
في سياق متصل، أظهر تقرير أعده المرصد العمالي الأردني، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أن تحديات غير مسبوقة تواجه العمال، حيث يعاني غالبيتهم من ظروف عمل غير لائقة، سواء من حيث عدم توفر فرص عمل أو انخفاض مستويات الأجور، واتساع ظاهرة العمل غير المنظم، وغياب الأمن والاستقرار الوظيفي، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات على حقوقهم العمالية والإنسانية.
ولفت التقرير الذي أصدره المركز بالتعاون مع مؤسسة فريدرتش الألمانية بمناسبة يوم العمال العالمي، إلى أن مصادقة الأردن على 26 اتفاقية من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، لم ينعكس بشكل كلي على القوانين والسياسات التي تنظم شؤون العمل في الأردن.
وأضاف أن هناك محاولات مستمرة من صناع القرار لإزاحة الأردن عن مساره التنموي، من خلال إصدار قوانين وأنظمة وتعليمات تشكل معظمها تراجعا عن حقوق العمال الأساسية، وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية تنتقص من شروط العمل المتعارف عليها دوليا.
وأوضح التقرير أن حقوق العمال الأساسية في مختلف القطاعات باتت عرضةً للتهديد والمساومة، نتيجةً لغياب دور المنظمات النقابية والعمالية في الدفاع عن شروط العمل في الأردن، وعن لعب دور أساسي في الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب العمل.
هناك محاولات مستمرة من صناع القرار لإزاحة الأردن عن مساره التنموي من خلال إصدار قوانين وأنظمة وتعليمات تشكل معظمها تراجعا عن حقوق العمال الأساسية
وانتقد التقرير اتخاذ قرارات تمس مصالح العمال من دون الأخذ بوجهات نظر الممثلين عنهم، إذ أشار إلى أن الحكومة تميز بين موظفي القطاع الخاص والعام، من خلال عدم شمول القطاع الخاص في قرارات العطل الرسمية التي تخصصها الحكومة لموظفيها فقط.
بدورها، أوصت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، في ورقة صادرة عنها بمناسبة يوم العمال العالمي، بزيادة الجولات التفتيشية في أماكن العمل للحد من الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، واعتماد سياسات تسرّع تجاوز أزمة فيروس كورونا ومعالجة آثارها، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتوفير الحماية الاجتماعية.
وأشارت إلى أن أوضاع العاملين وحقوقهم تفاقمت بشكل جذري بعد إعلان حالة الطوارئ، حيث إن جائحة كورونا حرمت العاملين من ممارسة حقهم في العمل، واستحقاقهم لأجورهم، وكذلك العيش بكرامة، لظروف طارئة غير متوقعة، وبالتحديد تلك الفئة التي تتلقى مقابلا ماليا أقل من الحد الأدنى للأجور، أو التي تعمل بمقابل المياومة، حيث استمرت هذه التداعيات حتى عام 2022 ولا يزال أثرها على العاملين.
ووفقا للورقة، تلقت تمكين خلال العام الماضي 969 شكوى عمالية، وأوضحت الورقة أن النسبة الأعلى لمقدمي الشكاوى هم من الإناث، وأن غالبية الشكاوى تركزت في قطاعات تعمل فيها الإناث مثل العمل المنزلي، والعمل في مصانع الألبسة، لكن ذلك لا يعني عدم تعرّض العمال الذكور إلى انتهاكات.
وأشارت الورقة إلى أن 297 شكوى مقدمة من عمال أردنيين، بينما تم تقديم 207 شكاوى من عمال حاملين للجنسية السورية، تلتها الجنسية الأوغندية بعدد 156 شكوى، ثم الفيليبين بعدد شكاوى 117 شكوى.
أما فيما يتعلق بأبرز الشكاوى فكانت، وفقا للورقة، تأخير الأجور أو حجزها بشكل كلي أو جزئي، والحرمان من بدل العمل الإضافي، والفصل التعسفي، والحرمان من الإجازات والعطل الرسمية، وطول ساعات العمل، وحجز الوثائق الرسمية.