يعتقد مسؤولون في مكتب المحاسب العام في تل أبيب، المسؤول عن إدارة الديون، أن ديون إسرائيل بلغت أكثر من 300 مليار دولار، بحسب تقرير بوكالة "بلومبيرغ" اليوم الأحد.
ويأتي ارتفاع الديون الإسرائيلية في وقت تتراجع فيه الإيرادات الحكومية بشكل حاد منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ويتزايد الإنفاق العام، وترتفع كلف التأمين على السندات الحكومية التي من المتوقع أن يزداد حجمها بنحو 19 مليار دولار هذا العام، وهو مبلغ ليس بالقليل بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي الذي يبلغ حجمه 521 مليار دولار.
وحتى في حال توقف الحرب على غزة، ستكون حكومة دولة الاحتلال في حاجة إلى تغطية تكاليف الأمن الداخلي وإعادة بناء المستوطنات المدمرة.
وفي حال سيناريو خوض الحرب في الشمال مع "حزب الله"، يتوقع بنك "ليومي" العبري، بحسب صحيفة " غلوبس"، أن الآثار الاقتصادية السلبية ستمتد إلى المزيد من القطاعات في إسرائيل، وستؤثر على القطاعات الأكثر مرونة، لفترة أطول، وبشكل أعمق.
وستكون الموارد المالية الحكومية تحت ضغط أكبر في مثل هذا السيناريو، بسبب النفقات الدفاعية المرتفعة للغاية.
وبحسب "غلوبس"، فإن "هذا التدهور يتجلى في ارتفاع تكلفة الديون التي تقترضها حكومة إسرائيل من الخارج منذ اندلاع الحرب".
ويقول محللون لـ"غلوبس": "التصنيف الحالي من "موديز" يجعل إسرائيل أقرب إلى تصنيف BBB منها إلى المجموعة A التي كانت تصنف فيها من قبل وكالتي "موديز" و"فيتش"".
وقال مسؤولون في مكتب الميزانية الإسرائيلية، بحسب تقرير "بلومبيرغ" اليوم الأحد، إن الإنفاق الدفاعي المتزايد في إسرائيل "يشكل مصدر قلق، على الرغم من أن الإجراءات الأخيرة، مثل الضرائب الجديدة".
ومنذ بدء الحرب على غزة، لم تصدر إسرائيل سندات بالعملة الأجنبية في الأسواق العامة، وبدلاً من ذلك، باعت الحكومة الديون بالدولار واليورو والين من خلال الاكتتابات الخاصة، والتي عادة ما يتم شراؤها من عدد قليل من المستثمرين. وجرى ترتيب هذه الديون من بنوك مثل "غلودمان ساكس" و"دويتشه بنك".
ووفق "بلومبيرغ"، نفذت إسرائيل ما لا يقل عن أربع صفقات من هذا القبيل في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بما في ذلك ثلاث عمليات في الأوراق المالية الحالية المقومة باليورو وسندات نادرة بالريال البرازيلي سيتم سدادها بالدولار، وحققت في المجمل عائدات بلغت نحو 1.7 مليار دولار من هذه الصفقات، ضمن اقتراض خارجي قد يتجاوز 10 مليارات دولار في 2024.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي الإصدارات المحلية في الشهرين الأولين من هذا العام إلى ما يعادل أكثر من 9 مليارات دولار، أي بزيادة قدرها 350% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي في شركة "ميتاف" في تل أبيب، أليكس زابيجينسكي، إن إسرائيل ستحتاج إلى 125 مليار شيكل لتمويل عجز ميزانية 2024، ونحو 85 مليار شيكل لإعادة تمويل الديون المستحقة، أي إنها ستحتاج إلى 210 مليار شيكل من الديون لتغطية احتياجات الإنفاق الحكومي وخدمة الديون خلال العام الجاري 2024.
واستقرت الأسواق الإسرائيلية بعد الاضطرابات التي اندلعت في الأسابيع الأولى من عملية 7 أكتوبر/ تشرين الأول وما تلاها من الحرب على قطاع غزة، ولكن لاتزال أمام الحكومة مهمة شاقة في دفع فاتورة الحرب، التي تشير تقديرات البنك المركزي إلى أنها ستصل إلى ما يقرب من 70 مليار دولار، أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، خلال الفترة 2023-2025.
وتتوقع ميزانية إسرائيل لعام 2024، والتي تنتظر الموافقة النهائية في البرلمان في وقت لاحق من هذا الشهر، عجزاً مالياً بنسبة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة تزيد على نقطتين مئويتين عن عام 2023، بحسب تقرير "بلومبيرغ".
وتترتب على الاقتصاد الإسرائيلي صدمة شبيهة بصدمة "كوفيد 19" بسبب الحرب على غزة التي تقدر كلفها بنحو 48 مليار دولار، وهو ما يترك مصير إسرائيل في أيدي أسواق السندات، وقد يكون العجز أعلى "إذا طال أمد القتال في غزة"، أو إذا تصاعدت المناوشات شبه اليومية بين إسرائيل و"حزب الله" في لبنان.
ويقول تقرير "بلومبيرغ": "إذا استمرت الحرب في غزة بشدتها الحالية لعدة أشهر أخرى، فإن قدرة إسرائيل على الحصول على التمويل من المستثمرين المؤسسيين في الداخل يمكن بالتأكيد أن تتعرض للضغوط"، ويشير إلى أن "إسرائيل ستحتاج إلى اللجوء إلى مصادر التمويل الأجنبية، وهو ما يعني عوائد أعلى".
تأمين سندات إسرائيل أعلى من إندونيسيا
وارتفع العائد على سندات الشيكل الحكومية لأجل 10 سنوات ما يقرب من نصف نقطة مئوية منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول، على الرغم من أنها لا تزال أقل من الذروة التي بلغتها بالقرب من 5% بعد اندلاع الحرب. ويتم تداول السندات العامة بالدولار بمتوسط عائد يبلغ حوالي 5.6%، وفقًا لمؤشرات "بلومبيرغ".
وقال مسؤولو وزارة المالية الإسرائيلية إن عملية البيع في البرازيل، والتي جمعت ما يعادل ما يقرب من 500 مليون دولار من الديون المستحقة في عام 2027، ستدفع للمستثمرين عائداً معادلاً بالدولار يبلغ نحو 5.3%، وأكدوا أن ذلك أرخص من تكلفة السندات الدولارية للاستحقاق نفسه.
وخلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيراقب المستثمرون النسخة النهائية لميزانية هذا العام أثناء تصويتها في الكنيست، وفقًا للخبير الاستراتيجي الاقتصادي في شركة "ليدر كابيتال ماركتس"، لجوناثان كاتس.
وقال كاتس، الذي تحدث لـ"بلومبيرغ" قبل خفض وكالة "موديز": "سيعتمد رد فعل الأسواق على ما إذا كانت الميزانية تتضمن إجراءات كافية لدعم النفقات الزائدة، دون زيادة العجز بشكل أكبر".
ويذكر أن تكلفة التأمين ضد العجز الإسرائيلي عن السداد، مقاسة بمقايضات العجز الائتماني، أصبحت الآن أعلى من تكلفة التأمين السيادي للدول الأقل تصنيفاً، مثل المكسيك وإندونيسيا، مما يشير إلى أن بعض المستثمرين يشعرون بالتوتر.