خطورة تسريح العمالة في الخليج

09 مايو 2020
ظروف صعبة تمر بها سوق العمل في المنطقة(فرانس برس)
+ الخط -
تتعرض العمالة في منطقة الخليج لعمليات تصفية واسعة أقرب إلى "المذابح" الجماعية، إثر تلقي دول المنطقة ضربة مزدوجة من تفشي وباء كورونا واستمرار تهاوي أسعار النفط.

فهناك تسريحات واسعة للعمالة الوافدة، وخفض في الرواتب، وامتدت يد التسريح والخفض إلى العمالة المحلية نفسها والتي باتت مهددة كالوافدة في بعض دول الخليج.

والأخطر أن حكومات هذه الدول أعطت الضوء الأخضر للقطاع الخاص للقيام بعمليات تصفية واسعة للعمالة، وخفض كبير في الرواتب دون مراعاة الظروف الاجتماعية والمعيشية لملايين الأسر العربية التي تعتمد على تحويلات ذويها في الخليج، ودون مراعاة أيضا للظروف الصعبة التي تمر بها سوق العمل في دول المنطقة والناتجة عن تلاشي فرص العمل وزيادة معدلات البطالة بسبب تفشي وباء كورونا وما أحدثه من خسائر فادحة.

في السعودية، أعطت السلطات قرارا يتيح خفض رواتب العاملين في القطاع الخاص بنسبة تصل إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود العمل بحجة مواجهة التبعات الاقتصادية للفيروس.

وصاحب الخطوة استغناء الشركات الكبرى عن مئات الآلاف من العمال، بل ودخول الإعلام السعودي على الخط محرضاً السلطات على العمال الوافدين، ومطالباً بسرعة الاستغناء عنهم تحت مزاعم أن سيطرة هؤلاء على الاقتصاد أصبحت خطراً حقيقياً على الأمن الوطني وليس فقط على الجانب الاقتصادي.

وفي الكويت، بدأت الحكومة لأول مرة في تاريخها مناقشة مشروع قانون يقضي بتخفيض رواتب العاملين في القطاع الخاص، ضمن إجراءات جديدة لدعم الشركات في مواجهة أزمة تدهور الاقتصاد وتوقف الأنشطة بسبب تفشي كورونا.

وأحال مجلس الوزراء إلى البرلمان مشروع تعديل قانون العمل الأهلي، بما يسمح لأصحاب العمل بتخفيض رواتب الموظفين حتى 50%. وطلبت الكويت من المدرسين مغادرة البلاد بعد توقف الدراسة ومعظمهم كان من المصريين.

وفي الإمارات، استغنت الشركات عن الآلاف من العمالة الوافدة، وخفض رواتب من تبقى منها، كما خفضت الشركات الكبرى التوظيف بأقصى وتيرة.

ولم تكتف الإمارات بذلك بل أعلنت، أنها تدرس فرض قيود على استقدام العمالة من الدول، التي ترفض استقبال رعاياها، الذين يتم تسريحهم في ظل أزمة تفشي كورونا، بالإضافة إلى إجراءات أخرى.

ودخلت المؤسسات والشركات الكبرى في قطر على خط التقشف وخفض الرواتب والاستغناء عن العمالة، فالخطوط الجوية القطرية تخطط لخفض عدد كبير من الوظائف، بسبب القيود على السفر، وأبلغت الشركة بالفعل أطقم الضيافة بأن يستعدوا لتسريحات.

كما تتجه "قطر للبترول"، أكبر شركة في البلاد، لخفض الوظائف وتقليص الإنفاق، من أجل التأقلم مع انحدار الطلب على النفط والغاز في أنحاء العالم، بسبب انتشار كورونا.

إذاً، هناك موجة تسريح عمالة داخل منطقة الخليج قد تكون الأعنف في تاريخها، مدفوعة بعدم وجود أفق لطيَ أزمة فيروس كورونا التي شلت الاقتصاديات الخليجية كما شلت الاقتصاد العالمي، أو حدوث تحسن في أسعار النفط يغطي ولو نسبة من خسائر كورونا.

وهذا التسريح بات يشكل خطرا ليس على العمالة الوافدة نفسها، بل لدول الخليج نفسها؛ فالعمالة الوافدة هي التي بنت، ولا تزال، الخليج ومشروعاته المختلفة، والعمالة الوافدة هي التي زودت دول المنطقة بالخبرات في شتى المجالات، ولا تزال توفر خبرات في مهن لا يقبل عليها المواطن الخليجي مثل المهن الحرفية وأنشطة البناء والتشييد والعمران وغيرها.

والاقتصاد الخليجي وقطاعه الخدمي لا يزالان يعتمدان على استهلاك الوافدين. والتسريح الجماعي لهذه العمالة قد يؤدي إلى تهاوي شركات ووقف أنشطة اقتصادية بالكامل.
المساهمون