تونس: تهريب الماشية يعمق أزمة اللحوم

05 مارس 2023
الفترة السابقة لشهر رمضان وعيد الأضحى تشهد نشاطاً مكثفاً لمهربي الماشية (فرانس برس)
+ الخط -

تشهد أسواق الماشية في تونس شحاً في المعروض، ما تسبب في ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم واضطرار العديد من القصابين إلى الإغلاق، الأمر الذي أرجعه عاملون في تربية الماشية إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، بينما ألقت تقارير رسمية باللائمة على اتساع ظاهرة تهريب الدواب، لا سيما إلى الجزائر في الآونة الأخيرة.

ويقدّر ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى (حكومي) قطيع الأغنام والماعز بنحو 5 ملايين رأس أنثى في تونس، في حين يبلغ قطيع الأبقار 410 آلاف رأس أنثى. ويقول رئيس نقابة مربي الماشية، وهيب الكعبي، إن التراجع المسجل في قطيع الأبقار يدفع نحو خروج 100 ألف تونسي من دورة الإنتاج الاقتصادي.

وأشار الكعبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنه بجانب ارتفاع تكاليف الإنتاج الذي أدى إلى عزوف المربين عن زيادة معدلات تربية الماشية، تعاني السوق من عاملين إضافيين، هما التهريب المكثف منذ سنوات والذي تسبب في خسارة نحو ثلث الأبقار، والذبح العشوائي الذي يتسبب بدوره في فقدان الثلثين المتبقيين، محذراً من تداعيات تفكك منظومة إنتاج اللحوم الحمراء والألبان التي ساعدت تونس على الاكتفاء الذاتي في الفترة الماضية.

في الأثناء، نقلت وكالة الأنباء التونسية مؤخراً عن مصادر في وزارة الفلاحة قولها إن ظاهرة التهريب تضعف سوق اللحوم المحلية، مشيرة إلى أن عدد رؤوس الأبقار التي يتم تهريبها عبر محافظة جندوبة الحدودية مع الجزائر يقدر بنحو 250 بقرة يومياً.

وعادة ما يعمد المهربون إلى استغلال رحلة الشتاء والصيف التي يقوم بها المربون بين مواطنهم الأصلية ومناطق الرعي الموسمية للتمويه وتضليل السلطات على الحدود الغربية والجنوبية وتمرير القطعان المهربة، من دون الوقوع في فخ مصالح الجمارك التي تحجز سنويا مئات الأبقار والخرفان التي تتداول في إطار التجارة غير الشرعية.

وتعرف الفترة السابقة لشهر رمضان وعيد الأضحى نشاطا مكثفا للمهربين لتلبية حاجيات السوق الجزائرية، لتسجل الأسعار في تونس زيادة قياسية بلغت 21% على أساس سنوي، وفق البيانات الأخيرة الصادرة عن معهد الإحصاء الحكومي.

يقول محمد بن شعلية، الذي يعمل قصاباً ومربياً أيضا للماشية إن معدل تهريب الأبقار أكثر بكثير من الأرقام المعلن عنها رسمياَ، واصفا ما يحدث في أسواق الماشية بـ"النزيف"، الأمر الذي أدى إلى إقصاء القصابين من السوق.

وأضاف بن شعلية لـ"العربي الجديد" أن أسواق الدواب تحولت إلى فضاءات مضاربة من جانب سماسرة التهريب، حيث يتنقل هؤلاء السماسرة يوميا بين مختلف الأسواق والضيعات لإبرام صفقات شراء الأبقار والخراف بزيادة في السعر لا تقل عن 20% عما يعرضه التونسيون.

ويضيف "هم يشترون أجود الأبقار من أصناف السويس والهولندي والعربي، وهي أبقار مدرّة للحليب واللحوم، كما يشترون صغار العجول بغاية التسمين". ويرجح بن شعلية أن تكون تونس قد خسرت خلال السنوات الأخيرة نحو 50% من قطيع الأبقار، ما يفسّر الأزمة المزدوجة لنقص الحليب وارتفاع سعر اللحوم إلى أكثر من 40 دينارا للكيلوغرام (نحو 13 دولارا).

ولفت إلى أن دعم الأعلاف في الجزائر يسهل على المربين توسعة نشاطهم مقابل تخلي التونسيين عن أبقارهم لارتفاع كلفة الأعلاف وعدم دعمها من قبل السلطات.

المساهمون