استمع إلى الملخص
- الاتفاق الأمني بين تونس وليبيا في يونيو لم يشمل تسهيل التجارة غير الرسمية، مما أدى إلى احتجاجات تطالب بالمعاملة بالمثل في معبر الذهيبة وازن.
- معبر رأس جدير حيوي للتجارة بين البلدين، وإغلاقه يؤثر على حركة الأفراد والسلع، مما يستدعي حلولاً مستدامة لدعم الاقتصاد المحلي.
نفذ تجار جنوب تونس، اليوم الاثنين، احتجاجات على خلفية تواصل تقييد حركة السلع بين تونس وليبيا عبر بوابة معبر رأس جدير الحدودي، مطالبين بإيجاد حلول جذرية لأزمة التجارة البينية بين البلدين. وتجمّع عدد من التجار الناشطين في التجارة البينية بين البلدين أمام مقر معتمدية مدينة بن قردان الحدودية لدعوة السلطات المحلية والمركزية للتحرك من أجل إنقاذ مصادر كسبهم بعد تواصل غلق مسارات التجارة البينية بين تونس وليبيا منذ توقيع اتفاق إعادة فتح المعبر الحدودي في يونيو/ حزيران الماضي.
ويستمر منع التجار التونسيين من دخول ليبيا رغم استعادة معبر رأس جدير نشاطه منذ يونيو/حزيران الماضي، حيث تقتصر التجارة بين تونس وليبيا على جانبها الرسمي، ويسمح فقط بعبور الأفراد والشاحنات التي تنقل البضائع في إطار عقود التصدير والتوريد. وعادت التجارة بين تونس وليبيا عقب توقيع تونس وحكومة الوحدة الوطنية الليبية في 13 يونيو الماضي اتفاقا أمنيا لإعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي بين البلدين.
وتضمن محضر الاتفاق فتح البوابات الأربع المشتركة بمعبر رأس جدير لدخول المواطنين من البلدين وتسهيل حركة التجارة، بالإضافة لحل مشكلة تشابه الأسماء لمواطني البلدين. ونص البيان على التزام البلدين بفتح ستة مراكز للتسجيل الإلكتروني لسيارات المواطنين الليبيين، وعدم فرض أي رسوم أو غرامات مالية غير متفق عليها، وضبط المعبر، وعدم وجود أي مظاهر مسلحة، كما اتفقا على "ضرورة دعم القطاع الخاص في البلدين في مجال الصحة والمقاولات العامة والصناعة، من خلال تسهيل الإجراءات الحكومية المتعلقة بانسيابية العمل والتعاون".
القيود على معبر رأس جدير تضر آلاف الأسر
وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان مصطفى عبد الكبير إن "احتجاج التجار في مدينة بن قردان مرده تواصل غلق أبواب الرزق أمام آلاف الأسر التي كانت تعيش من التجارة البينية بين البلدين"، مؤكدا أن "الاتفاق الأمني أسقط من بنوده هذا الصنف من المبادلات التجارية رغم أهميتها الاقتصادية والاجتماعية". وأكد عبد الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "عدم إيجاد حلول للتجارة البينية بين تونس وليبيا يخنق المناطق الحدودية ويزيد حالة الاحتقان الاجتماعي".
وتتبع التجارة غير الرسمية، بحسب دراسة لمعهد كارنيغي للشرق الأوسط صدرت عام 2022، شكل هيكل هرمي يتكوّن من خمسة إلى ستة آلاف شخص يعملون مباشرة فيها. واعتبر رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان أن "الأزمة لا تتوقف عند المناطق الحدودية، بل تمتد لكامل محافظات البلاد، باعتبار أن مدينة بن قردان الحدودية هي البوابة الأولى لمرور سلع يتزوّد بها التجار في كامل محافظات البلاد".
وطالب المحتجون خلال لقائهم بمعتمد بن قردان سامي خليفة بالمعاملة بالمثل بخصوص القوانين والقرارات التي تعتمد في المعبر الحدودي الثاني المعروف باسم الذهيبة وازن، مؤكّدين أنهم على استعداد لتطبيق القرارات الجمركية والأمنية التي تخص تجارتهم عبر معبر رأس الجدير، واعتبروا أن استثناء الجانب الليبي من ممارسة تجارة التصدير والتوريد خلّف عدة إشكاليات، منها فقدان السلع الأساسية.
ويوجد معبران حدوديان بين تونس وليبيا: الأول رأس جدير والثاني معبر الذهيبة وازن في مدينة ذهيبة بمحافظة تطاوين. ويقع معبر رأس جدير في مدينة بن قردان في محافظة مدنين، جنوب شرقي تونس، ويبعد نحو 30 كيلومتراً عن مركز المدينة، وقرابة 180 كيلومتراً عن العاصمة الليبية طرابلس. وفي 19 مارس/آذار الماضي، أغلقت السلطات التونسية معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لـ"أسباب أمنية"، فيما قررت السلطات الليبية إغلاق المعبر الحدودي بسبب اشتباكات مسلحة بعد تعرض الحدود لهجوم من خارجين على القانون قبل أن يتم لاحقاً فتحه بعد توقيع اتفاق أمني بين البلدين .
وغالباً ما يؤدي غلق معبر رأس جدير الحيوي بين تونس وليبيا إلى انعكاسات مباشرة آنية على حركة الأفراد والسلع بين البلدين، حيث تعبر يومياً مئات الشاحنات من الجانبين في إطار التجارة البينية المنتظمة وتصدير السلع التونسية نحو جارتها الجنوبية. كما تسيّر عبر المعبر ذاته حركة تجارية موازية تمثل مصدر دخل رئيسياً لآلاف الأسر في الجنوب التونسي التي تعيش من تجارة البنزين والسلع الإلكترونية والغذائية التي يتم توريدها بطرق غير نظامية.