نظرة لرقم واحد توضح لك شكل العلاقة الاقتصادية والاستثمارية والتجارية المرتقبة بين تركيا ودول الخليج عموماً، وتركيا والسعودية خصوصاً، وحجم الأموال الخليجية الضخمة المتوقع تدفقها على خزانة الدولة التركية من باب الاستثمارات وقطاع المقاولات والصادرات.
فقد كشفت وكالة بلومبيرغ الأميركية قبل أيام عن مفاوضات أجرتها مجموعة "أرامكو" النفطية السعودية مع مقاولين أتراك، بهدف دراسة مشاركتهم في تنفيذ مشاريع تُقام داخل المملكة بقيمة 50 مليار دولار.
وبحسب الوكالة، فإن ممثلي أرامكو التقوا بالفعل مديرين تنفيذيين من نحو 80 شركة بناء وتشييد في ورش عمل بالعاصمة التركية أنقرة، منتصف الأسبوع الماضي، بهدف تأهيلهم لتنفيذ مشاريع مخطط لها حتى عام 2025، وأن الجانبين سيلتقيان مرة أخرى في السعودية في وقت لاحق.
مفاوضات تجرها "أرامكو" النفطية مع مقاولين أتراك، بهدف دراسة مشاركتهم في تنفيذ مشاريع تُقام داخل المملكة بقيمة 50 مليار دولار
ووفق تصريحات رئيس اتحاد المقاولين الأتراك، إردال إرين، فإن أرامكو تسعى لجلب أكبر عدد ممكن من المقاولين الأتراك في مشاريعها الجاري تنفيذها ومنها بنى تحتية، وتشييد مصافٍ لتكرير نفط، ومدّ خطوط أنابيب، وإقامة مجمعات ومبانٍ إدارية، بقيمة تصل إلى 50 مليار دولار.
تطور لافت من قبل حكومة المملكة تجاه تركيا، فأرامكو واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، وهي مملوكة للدولة السعودية وتعد ثالث أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية بعد آبل ومايكروسوفت، ولديها خطط توسع طموحة، منها تطوير حقل الجافورة لإنتاج الغاز بإجمالي استثمارات 100 مليار دولار.
وبسبب ضخامة المشاريع التي تعتزم السعودية تنفيذها في قطاعات عدة منها النفط والطاقة فإنها بحاجة إلى خبرة شركات المقاولات العالمية ومنها التركية.
يساعد في ذلك الخبرات الطويلة التي تتميز بها الشركات التركية حول العالم، فالمقاولون الأتراك نفذوا 11.745 ألف مشروع في 133 دولة حول العالم منذ عام 1972 وحتى مايو/أيار الماضي. وبلغ إجمالي قيمة هذه المشاريع، 479.5 مليار دولار، وبالتالي فإن لها سمعتها على مستوى قطاع البناء والتشييد العالمي.
سبق خطوة أرامكو حدوث تطورات أخرى تعكس تحسن العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا والسعودية والإمارات بعد تجاوز الخلافات.
تم الإعلان عن إيداع السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي، وتوقيع الإمارات وتركيا اتفاقية تستهدف زيادة التبادل التجاري بينهما بقيمة 40 مليار دولار
فقد تم الإعلان قبل أسابيع عن إيداع السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي، وتوقيع الإمارات وتركيا اتفاقية تستهدف زيادة التبادل التجاري بينهما بقيمة 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
علما بأن الاتفاق الموقع لم يقتصر على إحداث طفرة في عمليات التبادل التجاري فقط وإنما تضمن تطوير العديد من المشروعات في قطاعات الطاقة النظيفة والأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية، إلى جانب مشروعات البناء والعقارات.
وقبلها وقعت أنقرة وأبوظبي اتفاق تبادل عملات بخمسة مليارات دولار، وهو ما يعني دعم الليرة التركية والاحتياطي الأجنبي.
تركيا بحاجة شديدة إلى أموال السعودية والخليج هذه الأيام لدعم عملتها الوطنية، وزيادة الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزي.
كما تحتاج تركيا أيضا الى خبرة المملكة الطويلة في مجال إنتاج وتسويق وتصدير الطاقة، خاصة مع وجود مؤشرات قوية على وجود احتياطيات ضخمة من النفط والغاز لدى الدولة التركية، سواء في البحر الأسود أو قبالة سواحل البحر المتوسط.
السعودية بحاجة إلى خبرة تركيا الطويلة في مجال المقاولات والصناعة والتصدير والبنية التحتية وإقامة المطارات والموانئ والأنفاق
وفي المقابل فإن السعودية بحاجة إلى خبرة تركيا الطويلة في مجال المقاولات والصناعة والتصدير والبنية التحتية وإقامة المطارات والموانئ والأنفاق، وكذا بحاجة إلى سلعها ومنتجاتها وصادراتها التي فاقت قيمتها 254 مليار دولار في العام الماضي كان نصيب السعودية منها 5.1 مليارات دولار.
كما ارتفعت صادرات تركيا إلى المملكة بنسبة 600% في الثلث الأول من العام الجاري، ومن المتوقع استمرار تلك القفزة مع التقارب السياسي الحالي بين البلدين.