تدمير السلة الغذائية.. 75% من الأراضي الزراعية في غزة خارج الخدمة

24 يونيو 2024
العدوان الإسرائيلي على الأراضي الزراعية في غزة، دير البلح 2 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مؤسسة حقوقية دولية تكشف تدمير إسرائيل لأكثر من 75% من الأراضي الزراعية في غزة، مما أثر على الإنتاج الغذائي وسبب مجاعة.
- الهجوم العسكري منذ أكتوبر 2023 أدى لتدمير مزارع ووفاة أطفال بسبب التجويع، مع محاولة ضم الأراضي للمنطقة العازلة.
- المرصد الحقوقي يطالب بتدخل دولي لوقف جريمة الإبادة في غزة، مؤكدًا على حق الوصول للغذاء والمياه كحق إنساني أساسي.
قالت مؤسسة حقوقية دولية، اليوم الاثنين، إنّ الاحتلال الإسرائيلي أخرج أكثر من 75% من مساحة الأراضي الزراعية في غزة عن الخدمة، إما بعزلها تمهيدًا لضمها للمنطقة العازلة على نحو غير قانوني، أو تدميرها وتجريفها. وأدى هذا العدوان الإسرائيلي، وفق المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان، إلى تدمير السلة الغذائية من الخضروات والفواكه واللحوم، بالإضافة إلى تدمير كافة مقومات الإنتاج الغذائي المحلي الأخرى، بالتوازي مع منع إدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية في إطار تكريسها للمجاعة في قطاع غزة واستخدام التجويع كسلاح حرب، ضمن جريمة الإبادة الجماعية المستمرة للشهر التاسع على التوالي. 

الأراضي الزراعية في غزة هدفاً للاحتلال

وفي بيان وصل "العربي الجديد"، قال المرصد الذي يتخذ من جنيف مقراً له إن قوات الاحتلال الإسرائيلي عملت بشكل منهجي منذ بدء هجومها العسكري على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، على تدمير منهجي وواسع النطاق للأراضي الزراعية ومزارع الطيور والمواشي بنمط واضح ومتكرر؛ بهدف تجويع السكان وحرمانهم من السلة الغذائية من الخضار والفواكه واللحوم البيضاء والحمراء، وجعل أمر نجاتهم مرهونًا بالقرار الإسرائيلي بإدخال أو منع إدخال المساعدات الإنسانية. 
وتوفي أربعة أطفال فلسطينيين شمالي قطاع غزة نتيجة التجويع وسوء التغذية، الأمر الذي يرفع عدد ضحايا التجويع إلى نحو 40 في قطاع غزة، وفق إعلان سابق من مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع، وثق تفاصيله المرصد. وبيّن أن قوات الاحتلال جرفت ودمرت جميع الأراضي الزراعية في غزة على امتداد السياج الأمني الفاصل شرقي القطاع وشماله بعمق يصل إلى قرابة 2 كيلومتر، وبذلك تكون أخرجت ما يقارب من 96 كيلومترا مربعا، في محاولة لضمها إلى المنطقة العازلة بما يخالف قواعد القانون الدولي، تضاف إليها قرابة ثلاثة كيلومترات مربعة، من جراء شق طريق ومنطقة عازلة تفصل مدينة غزة عن وسطها من محور نتساريم، مبينًا أن هذه المساحة تمثل نحو 27.5% من مساحة قطاع غزة. 
والغالبية العظمى من هذه الأراضي التي باتت ضمن نطاق المنطقة العازلة التي يحظر على السكان والمزارعين الوصول إليها كانت تمثل الجزء الأكبر من مساحة الأراضي الزراعية في غزة بحسب ما ذكره المرصد، الذي أشار إلى أنّ جيش الاحتلال عمل على تجريف وتدمير جميع المباني والمنشآت فيها بشكل شبه كامل. وكانت بهذه الأراضي مئات المزارع المقامة على مئات الدونمات المزروعة بالخضروات والفواكه إلى جانب مئات مزارع الطيور والمواشي. 
اقتصاد الناس
التحديثات الحية
وبيّن الأورومتوسطي أن أراضي خارج هذه المنطقة العازلة تعرضت أيضًا للتدمير خلال التوغلات الإسرائيلية أو من جراء القصف الجوي والمدفعي، والذي طاول ما لا يقل عن 34 كيلومترًا مربعًا من الأراضي الزراعية والشوارع التي تخدمها، وبذلك يكون إجمالي الأراضي المدمرة هو 36.9%، وهذه المساحة تمثل أكثر من 75% من المساحة المخصصة للزراعة في قطاع غزة. وأشار إلى أن ما تبقى من مساحات مخصصة للزراعة محدود جدًا، غالبيتها في منطقة "المواصي" غربي خانيونس التي باتت هذه الأيام تؤوي مئات الآلاف من النازحين قسرًا. 

الاحتلال يستهدف المزارعين والأراضي الزراعية في غزة

ووفق الفرق الميدانية للمرصد، فقد جرى توثيق تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل العديد من المزارعين خلال عملهم أو محاولتهم الوصول إلى أراضيهم ومزارعهم، فضلًا عن تدمير آلاف المزارع والدفيئات الزراعية وآبار المياه وخزاناتها ومخازن المعدات الزراعية، إلى جانب قتل عدد من الصيادين وتدمير مرافئ الصيد وغالبية قوارب الصيد منذ بداية الهجوم؛ ما يدلل على أنها عملت عن عمد لتدمير مقومات الحياة والبقاء دون أي ضرورة، وهو ما سيكون له أثر على توفير الغذاء الصحي المناسب لنحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، محذرًا من أن الآثار ستبقى لعدة سنوات قادمة حتى بعد وقف الهجوم العسكري الإسرائيلي. 
وذكر أنّه نتيجة استمرار القصف والتوغل في العديد من المناطق، فإنه يتعذر وصول المزارعين إلى مساحات سلمت من القصف، فيما تتعذر زراعة مساحات أخرى وريها بالمياه لعدم توفرها مع انقطاع الكهرباء وتدمير آبار المياه وعدم توفر الوقود الكافي. وجاء ذلك في وقت تمنع قوات الجيش الإسرائيلي وتعرقل وصول المساعدات والبضائع للسكان والنازحين، في تكريس لاستخدام التجويع كأداة وسلاح للحرب. 
وخلص تقييم أجرته منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج التطبيقات الساتلية العملياتية (اليونوسات) إلى تراجع ملموس في صحة المحاصيل وكثافتها في شتّى أرجاء القطاع بسبب عمليات التجريف وحركة المركبات الثقيلة والقصف الجوي والمدفعي وغيره من العمليات المرتبطة بالنزاع. وحتى شهر مايو/ أيار 2024، تشير التقديرات إلى أن نحو 57% من الأراضي الزراعية في غزة أصابتها الأضرار، بالمقارنة مع أكثر من 40% منها في منتصف شهر فبراير/ شباط 2024. واستحوذت خانيونس على أكبر مساحة من الأراضي الزراعية المتضررة، وزادت مساحة الأراضي الزراعية المتضررة في رفح عن الضعف في مايو/ أيار بالمقارنة مع فبراير/ شباط، إذ ارتفعت من 4.52 إلى 9.22 كيلومترات مربعة. 
إلى جانب ذلك، أظهر تقييم أجرته منظمة الأغذية والزراعية أن نحو 30% من مساحة البيوت البلاستيكية في قطاع غزة لحقت بها الأضرار حتى يوم 23 إبريل/ نيسان، فيما شهدت مناطق مدينة غزة وشمال غزة أشد الأضرار (نحو 80% من مساحات البيوت البلاستيكية فيها دُمرت). وتضررت مئات المباني الزراعية حتى تاريخ 20 مايو/ أيار، بما فيها 537 حظيرة منزلية و484 مزرعة دجاج لاحم و397 حظيرة أغنام و256 مستودعًا زراعيًا، فضلًا عن نحو 46% من الآبار الزراعية في غزة (1,049 من أصل 2261 بئرًا). 
اقتصاد الناس
التحديثات الحية

الوصول للغذاء حق حُرم منه سكان غزة

وشدد المرصد الحقوقي الدولي على أن حق الوصول إلى الغذاء والمياه والصرف الصحي هو حق إنساني معترف به دوليًّا، وهو حق أساسي لضمان صحة السكان والحفاظ على كرامتهم، ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال وقف جريمة الإبادة الجماعية ورفع الحصار بوصفه عقابًا جماعيًّا وجريمة حرب، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع الذي بات غير قابل للحياة على كل الصعد، محذرًا من أن كل يوم تأخير من شأنه أن يوصل القطاع إلى نقطة اللاعودة ودفع كلفة باهظة من أرواح المدنيين وصحتهم. 
وطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والجاد لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة بالقتل المباشر للفلسطينيين أو بقتلهم من خلال حرمانهم أي فرصة للنجاة والحياة والاستشفاء، وجعل قطاع غزة مكانًا خاليًا من المقومات الأساسية للبقاء والسكن. وجدد الأورومتوسطي دعوته إلى المجتمع الدولي لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما يشمل دخول العناصر الأساسية الغذائية وغير الغذائية الضرورية للاستجابة للكارثة الصحية والبيئية بشكل فوري وآمن وفعّال، بما في ذلك إلى شمال قطاع غزة. 
وطالب بضرورة الضغط على إسرائيل لإدخال المواد اللازمة لأعمال الإصلاح وإعادة تأهيل البنى التحتية المدنية لتقديم الخدمات التي لا غنى عنها لحياة السكان المدنيين في قطاع غزة وإنقاذهم من خطر الكوارث الصحية، بالإضافة إلى ضمان إدخال الوقود الكافي لتشغيل البنى التحتية للمياه والصرف الصحي، بما في ذلك محطات تحلية المياه وآبار المياه.
المساهمون