انتعاش آمال مزارعي البادية السورية بمحصول وفير من القمح والشعير

23 يناير 2023
حقل قمح في سورية (Getty)
+ الخط -

أنعش هطول المطر أكثر من مرة في ريف الرقة الغربي آمال فرحان العلي، ومعه آلاف المزارعين، بالحصول على موسم زراعي وفير من أراضيهم التي زرعوها، على غرار كل عام، بالقمح والشعير في البادية السورية.

وقال العلي لـ"العربي الجديد": "كلنا أمل بهطول المطر مرات عدة في يناير/كانون الثاني وفبراير/ شباط ومارس/ آذار"، مضيفاً: "الكثير من الفلاحين استدانوا ثمن بذور القمح والشعير آملين أن يكون الموسم القادم أفضل مما سبق".

وتعتمد الزراعة في البادية السورية، المقتصرة على القمح والشعير، على المطر الذي أدت ندرته خلال السنوات الفائتة إلى تراجع الإنتاج إلى مستويات دنيا.

وتشكل البادية السورية أكثر من نصف مساحة سورية ومساحتها نحو 10.2 ملايين هكتار، وهي موزعة اليوم بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تسيطر على جانب منها في ريف الرقة الغربي والجنوبي الغربي، وقوات النظام السوري التي تحكم قبضتها على الجزء الأكبر منها.

وأشار علي الأحمد، وهو مزارع في ريف الرقة، إلى أن الإدارة الذاتية التابعة لـ "قسد"، في شمال شرقي سورية، "لم تمنع الزراعة في البادية المعتمدة على المطر"، لكنه في المقابل "لم تقدم أي مساعدة لهم يمكن أن تخفف عنهم بعض الأعباء المادية، في ظل الظروف الصعبة التي تمر على عموم السوريين".

وكشف المزارع نفسه أن بعض الفلاحين احتفظوا ببعض محصولهم من القمح المروي من الموسم الفائت من أجل بذره في أراضيهم هذا الموسم، بينما اضطر آخرون إلى شراء البذور. ورغم هذه المعاناة، فقد زرعت مساحات كبيرة في ريف الرقة الغربي والجنوبي الغربي و"لو هطل المطر بشكل كاف سيتضاعف إنتاج البلاد من القمح والشعير"، يضيف المزارع ذاته مرجحاً أن يكون "الجفاف ربما أقل وطأة من العام الفائت".

وعبر عن أمله في أن يكون الموسم الحالي شبيهاً بعام 2019  "الذي كان جيداً"، لأن "خسائر المزارعين ستكون كبيرة إذا لم يهطل المطر في الوقت المناسب وبالكميات المطلوبة. نرجو ألا تتحول المساحات الكبيرة إلى مراع للأغنام فقط كما يحدث كل عام".

 وبيّن الأحمد الذي يعتمد وأسرته على الزراعة لكسب لقمة عيشهم "أن الهكتار الواحد من الأرض في البادية يحتاج إلى نحو 150 كيلو من البذور"، موضحاً أن سعر الطن من البذور وصل إلى نحو 400 دولار للشعير و650 دولاراً  للقمح". وبخصوص الإنتاج، يقدر المزارع نفسه أن "الدونم الواحد يمكن أن ينتج نحو 4 أكياس في حال كان الموسم جيداً".

ولم تشهد البادية السورية هطول أمطار غزيرة منذ عام 1987 الذي جنى فيه المزارعون حصاداً فريداً، حيث اضطرت الحكومة وقتها إلى تخزين الإنتاج في العراء، بعد أن فاضت الصوامع بالغلال. وخلال عقد التسعينيات، منعت حكومة النظام الزراعة في البادية السورية، بهدف الحفاظ على الغطاء النباتي الطبيعي والحد من التصحر.

وتتوزع البادية السورية إدارياً على محافظات سورية عدة، هي: دير الزور، الرقة، حلب، حماة، حمص، ريف دمشق، السويداء. ولم يحاول النظام السوري تطوير الزراعة في البادية السورية رغم أنها لا تبتعد كثيراً عن نهر الفرات، حيث لم تشهد أي مشروعات جدية لزيادة المساحات الزراعية في البلاد، ما عدا بعض المحميات الرعوية.

وتراجع إنتاج سورية من القمح، سواء المروي أو غير المروي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث لم يتجاوز إنتاج الموسم الفائت 1.2 مليون طن مقابل أكثر من 4 ملايين طن من القمح قبل عام 2011، وهو ما يكفي الاستهلاك المحلي مع إمكانية توجيه مليون طن للتصدير.

 وتعد البادية السورية من أغنى المناطق السورية بعد منطقة "شرقي الفرات"، فهي فضلاً عن الزراعة تضم ثروة نفطية هائلة، حيث تنتشر في  وسطها عشرات الآبار والحقول، لعل أبرزها: حقل الشاعر، وحقل الهيل، وحقل آراك، وحقل حيان، وحقل المهر، وحقل جحار، وحقل أبو رياح. وكل هذه الآبار الغازية تنتشر في محيط مدينة تدمر التي تقع في وسط البادية السورية.

المساهمون