فخ منصات التداول الإلكترونية يوقع عشرات الشبان في إدلب

16 يوليو 2024
شباب إدلب يبحثون عن حلول لكسب العيش (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انتشار منصات التداول الوهمية في الشمال السوري**: استغلت منصات تداول العملات الرقمية الوهمية الفقر والنزوح وقلة فرص العمل، واعدةً بأرباح سريعة لكنها تختفي فجأة، مما يؤدي لخسارة المستخدمين لأموالهم.

- **قصص ضحايا المنصات الوهمية**: جهاد الشعراوي وحسان الناصيف خسروا أموالهم بعد استثمارهم في منصات وهمية مثل ميتا ماكس وإيفي تريد، مما يعكس المخاطر الكبيرة لهذه المنصات.

- **تحذيرات الخبراء وأهمية التمييز بين المنصات**: الخبير وائل نعمة يوضح الفرق بين المنصات الموثوقة والوهمية، مشدداً على أهمية التحقق من مصداقية المنصة قبل الاستثمار لتجنب الخسائر.

انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من منصات التداول الإلكترونية التي يمكن من خلالها التعامل بيعاً وشراءً في العملات الرقمية عالمياً، ووصلت منصات تداول، وهمية في معظمها، إلى مناطق الشمال السوري التي راحت توهم مستخدميها من الباحثين عن مصدر دخل وسط الفقر والنزوح وقلة فرص العمل وتقليص المساعدات الإنسانية، أنها فرصة للربح وادخار الأموال.

غير أن تلك المنصات وإن كانت تحقق الكثير من الربح لعملائها في وقت قياسي، إلا أنها تنضوي على الكثير من المخاطر المالية لمحدودية مدتها وعدم استمراريتها وإمكانية اختفائها في أي لحظة في ظروف غامضة، لتختفي معها أموال المشتركين بين عشية وضحاها.

وعلى الرغم من وجود منصات للعملات الرقمية الموثوقة والآمنة والخاضعة للرقابة الدولية والقواعد الناظمة، ومنها منصة بينانس ومنصة أوك إكس ومنصة كو كوين لتداول العملات الرقمية الصغيرة، إلا أن هناك منصات أخرى وهمية ظهرت فجأة واختفت فجأة، لتختفي معها آمال الكثيرين بالربح ومضاعفة الأموال، بل لم يخرجوا منها حتى برؤوس أموالهم.

هناك منصات وهمية ظهرت فجأة واختفت فجأة، لتختفي معها آمال الكثيرين بالربح ومضاعفة الأموال، بل لم يخرجوا منها حتى برؤوس أموالهم

وخاب ظن جهاد الشعراوي، حاله حال المئات، بعد أن سارع لاستثمار أمواله عبر منصة التداول الإلكترونية الميتا ماكس التي اختفت ليلة الأمس بعد أن وضع فيها كل ما يملكه من أموال.

ويقول جهاد إن تحقيق أصدقائه للربح عبر تلك المنصة وبشكل متسارع حين كانت تصل محافظهم الإلكترونية لضعف المبالغ التي وضعوها خلال شهر واحد، شجعه على وضع أمواله التي تبلغ 600 دولار أميركي، والتي جهد في ادخارها من خلال عمله في إحدى مناشر الحجر في سرمدا، على مقربة من مكان سكنه في المخيمات القريبة منها.

لا ينكر الشعراوي أنه كان يتوقع اختفاء تلك المنصة، وكان على يقين بأنها منصات للنصب والاحتيال، لكنه آثر المغامرة ظناً منه أنها ستمكث وقتاً أطول ريثما يتضاعف ربحه كما فعل آخرون، غير أنه لم يتسنّ له ذلك وخسر أمواله من الشهر الأول، من دون أن يحصّل قرشاً واحداً.

أما حسان الناصيف فقد استطاع استرداد رأس ماله خلال شهر واحد بعد أن وضع أمواله في شركة إيفي تريد Eve Trade، وهو ما شجعه على الدخول بمبالغ أكبر وتحقيق أرباح أكثر قبل أن يطمع ويودع كل أمواله بما فيها رأس المال والأرباح، ظناً منه أنه سيجمع أرباحاً مضاعفة، لتختفي المنصة بداية العام الحالي، ما جعله يخرج من تلك التجربة خالي الوفاض.

وأشار الناصيف إلى أن قلة فرص العمل وصعوبة الحصول على أرباح من أي مشروع يمكن أن ينشأ في إدلب دفعه إلى خوض غمار تلك التجربة والمجازفة بكل ما لديه من مال، ليقع فريسة لتلك المنصات التي تستهدف جمع الأموال والنصب والاحتيال، على حد تعبيره.

ويتابع أن العمل على تلك المنصات يتم عبر حض الشركة العملاء أن يدخلوا آخرين عبر روابط المنصة الخاصة بكل شخص، وأي شخص يدخل عن طريق المشترك يُكسبه 25% من الأرباح تضاف إلى رصيده، وهنا تبدأ مزاحمة هؤلاء المشتركين لإقناع آخرين بدخول المنصة، إما عن طريق أقربائهم أو على منصات التواصل الاجتماعي لكسب أكبر عدد ممكن لدخول المنصة عبر شرح آلية العمل عليها وكيفية استثمار الأموال وتحقيق الأرباح اليومية.

وأوضح أن من يدخل بمبلغ 100 دولار يحصل من الشهر الأول على 200 دولار، ومن يدخل بمبلغ 500 دولار يحصل على ألف دولار من الشهر الأول وهكذا، وذلك عبر خطوات بسيطة يتبعها المشترك على المنصة، إما عن طريق مشاهدة فيديوهات وتقييمها أو عن طريق الدخول والإعجاب بالصفحات الخاصة بالمنصة.

ولفت إلى أن تمتع المنصة بعملية إعداد سهلة وبسيطة، تجعل من استخدامها تجربة ممتعة حتى للمبتدئين في عالم العملات الرقمية المشفرة، فبعد تنزيل التطبيق، يُطلب من المستخدمين إما استيراد محفظة حالية باستخدام عبارة استرداد مكونة من 12 كلمة، أو إنشاء محفظة جديدة تتضمن إنشاء كلمة مرور قوية وتأمين العبارة الأولية، ما يوهم المستخدم بأهمية الأمان بالنسبة للمشترك ما يجعله مطمئناً على أمواله، غير أن ذلك لم يكن إلا مصيدة ضمن أساليب احتيالهم المحترفة لاصطياد المبتدئين المغامرين أمثاله.

وللوقوف على ماهية تلك المنصات وآلية عملها قال الخبير الاقتصادي وائل نعمة لـ"العربي الجديد" إنه يجب التمييز بين منصات التداول الإلكترونية وبين التجارة الإلكترونية، حيث تستخدم العملة الإلكترونية جزءاً من التجارة الإلكترونية، وهي عملات مرتفعة ومخزنة للقيمة. 

وتحدث نعمة عن أشهر سبع منصات لتداول العملات المشفرة للمبتدئين، حيث أصبحت العملات المشفرة جزءاً رئيسياً من عالم المال في فترة قصيرة من الزمن، فزاد عددها في العالم إلى أكثر من تسعة عشر منصة، وبحسب ما تشير إليه تقارير بحثية فإن أكثر من 300 مليون شخص يستخدمونها.

وقال إن أهم تلك المنصات منصة جيميني، التي تأسست عام 2014 في الولايات المتحدة، والتي تتميز بواجهة استخدام بسيطة وسهلة، وتقدم حماية أمنية قوية للمستثمرين.

وأشار نعمة أيضاً إلى منصة غيت آي المعترف بها عالمياً، والتي تسمح بالتعامل في أكثر من 1400 عملة رقمية مختلفة، وقد تأسست عام 2013، وتم تصنيفها ضمن أكبر عشر منصات عالمية لتداول العملات الرقمية في العالم، حسب ما ذكرت وكالة رويترز.

وذكر أيضاً منصات كراكن وبينانس وكوين بيس وبي واي دي إف إي وإيتورو، وجميعها تتميز بتقديم واجهة تداول تفاعلية واجتماعية سهلة الاستخدام، كما توفر واجهة عربية تسهل التداول للعرب. 

وأشار نعمة إلى إيجابية تلك المنصات المعترف بها دولياً في الحفاظ على الاستثمار مخزناً للقيمة ومدخراً للأموال، مقابل معدل ربح بسيط لا يتعدى 4%، عكس منصات التداول الوهمية التي تمنح معدلات ربح كبيرة بغية دخول الكثير من العملاء وجمع أكبر قدر من الأموال.

وأوضح نعمة أن النقطة التي لا يصرح بها الكثيرون عند جذب المزيد من المشتركين إلى تلك المنصات هي شرط موافقة المنصة على نقل أموال المشتركين إلى المحفظة المالية، وهنا تماطل الأخيرة إن كان موعد هروبها واختفائها قريباً، أو تعطي الإذن بالسحب عبر وكلائها إن لم تكن قد وصلت إلى الرقم المحدد من الأموال من أجل إنهاء عملية النصب.

وأوضح أن منصات التداول الوهمية غالباً ما تعطي وعوداً بضمان تحقيق أرباح كبيرة وتطمئن المشتركين إلى أن المخاطر المالية قليلة أو حتى معدومة، وهو ما يبدو عرضاً مغرياً، خاصة للمتداولين المبتدئين. وهنا يحذر نعمة من الوقوع ضحية لعمليات النصب والاحتيال خاصة حين يبدو الأمر أكثر من جيد ويعطي أرباحاً خيالية.

المساهمون