النظام السوري يلاحق العمل الإضافي للموظفين

02 اغسطس 2021
نظام بشار الأسد يضيّق على السوريين معيشتهم (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

سادت مخاوف في أوساط الموظفين السوريين الذين يشتغلون بعمل إضافي لتحسين دخولهم، بعد إعلان الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش "جهة رقابية تتبع لرئيس الوزراء مباشرة" ملاحقة الذين يمارسون أعمالاً إضافية خارج أوقات دوامهم الرسمي.
ونقل موقع "هاشتاغ سورية" عن مصادر رسمية "نية الهيئة" ملاحقة الموظف الذي يعمل عملاً إضافياً إن لم يحصل على موافقة مسبقة من وزارته لممارسة العمل الثاني، وإلّا سيكون أمام مخالفة كبيرة "من الممكن أن تفقده وظيفته الأساسية".
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي السوري، علي الشامي، من العاصمة دمشق، أنّ هذا الطرح بدأ تداوله، خلال الفترة الأخيرة، في ما يخص العمال في بعض القطاعات كالإعلام والنفط، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أنّ بعض المسؤولين بقطاع الإعلام استدعوا صحافيين وحذروهم من العمل بمكان ثانٍ، وإلّا سيتم فصلهم من عملهم الأول، مستبعداً في الوقت نفسه الاستجابة لتلك التهديدات ولو خرجت بنص جديد من رئاسة الوزراء، لأنّ القانون الذي تستند إليه الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عمره أكثر من 17 عاماً.

تكاليف المعيشة للأسرة السورية، تزيد عن 1.2 مليون ليرة وفق آخر الدراسات، لكنّ متوسط الراتب وبعد زيادة الأجور، لا يزيد عن 73 ألف ليرة

ويتساءل الاقتصادي السوري، كيف يمكن ملاحقة الموظفين الذين يسعون لتأمين أبسط سبل الحياة، من دون منحهم أجوراً توصلهم إلى الحد الأدنى من العيش؟

ويشدد على أنّ تكاليف المعيشة للأسرة السورية، تزيد عن 1.2 مليون ليرة وفق آخر الدراسات، لكنّ متوسط الراتب وبعد زيادة الأجور، لا يزيد عن 73 ألف ليرة سورية .
وينص القانون الأساسي للعاملين بالدولة في بابه التاسع، على وجوب حصول الموظف على موافقة خطية من وزارته إن أراد ممارسة عمل ثانٍ، مع شرط عدم التضارب والإضرار بأداء واجبه الوظيفي الأول.

من جانبه، يتساءل رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، غزوان قرنفل: "ما هي قيمة القانون أمام احتياجات الواقع المعيشي في اللحظة التي تعجز خلالها الدولة عن النهوض بمسؤولياتها لتأمين الحاجات الأساسية للناس وإعطاء الموظفين المقابل المالي لجهدهم وعملهم بما يسمح لهم بالعيش بالحدّ الأدنى للكرامة الإنسانية".

ويقول قرنفل لـ"العربي الجديد" إنّه يمكن تطبيق القانون حين يكون أجر العامل يوازي المصاريف في وقت صدور القانون، أي عام 2004، فالأجر وقتذاك كان نحو 400 دولار، أما اليوم فلا يزيد راتب الموظفين عن 23 دولاراً، ما حوّل أكثر من 90% من السوريين إلى فقراء.
وحول العقوبات التي يمكن أن تتخذها حكومة الأسد بحق العاملين بعمل ثانٍ من دون موافقة، يضيف القانوني السوري: "بداية تسقط القوانين أمام احتياجات الإنسان، خصوصاً إن كانت قديمة وصادرة في ظروف مغايرة للواقع الراهن، لكن رغم ذلك، يمكن لرئيس الوزراء أن يعاقب أي مخالف بنقله من العمل أو فصله تعسفياً، وهذه الميزة (الفصل التعسفي من دون ذكر السبب) ممنوحة لرئيس الوزراء السوري".
وفي المقابل، أكدت مصادر خاصة من العاصمة السورية دمشق لـ"العربي الجديد" أنّ ما تم تداوله حول فصل العاملين، ممن ينشطون في عمل ثانٍ من دون موافقة، خصوصاً ببعض القطاعات لا يمكن تطبيقه على مختلف المجالات، لأنّ الحكومة، حسب المصادر، تعرف الفارق الهائل بين الدخل والإنفاق، وهي عاجزة عن ردم تلك الفجوة.

وتشير المصادر، التي رفضت تحديد هويتها، إلى أنّ "السوريين لا يجدون عملاً بسبب إغلاق المنشآت وانعدام الاستثمار، فالبطالة تزيد عن 83% وفق أرقام غير رسمية، فمن سيجد عملاً ثانياً إلّا من يتمتعون بمهنية وخصوصية بقطاعاتهم؟".
ونقلت مصادر عن معاون رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بدمشق، هيثم كبول، عدم صحة الأنباء المتداولة حول ملاحقة الموظفين المزاولين لأعمال إضافية، لكنّه يؤكد أنّه يمكن وبأي وقت أن تطبق الحكومة القانون وتفصل من تشاء بهذه الذريعة مستندة إلى النص القانوني.

يشار إلى أنّ خريطة العمالة بسورية، تغيرت بعد الثورة عام 2011، فتحولت نسبة البطالة من نحو 11% إلى أكثر من 83%، حسب منظمات ومراكز بحثية من داخل سورية وخارجها. وتراجع دخل العامل من نحو 400 دولار إلى ما يعادل 23 دولاراً.

يتساءل رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار: "ما هي قيمة القانون أمام احتياجات الواقع المعيشي في اللحظة التي تعجز خلالها الدولة عن النهوض بمسؤولياتها لتأمين الحاجات الأساسية للناس

وتشير مصادر سورية إلى أنّ قوة العمل بسورية، قبل عام 2011 كانت تزيد عن 3.5 ملايين عامل، منها نحو 1.8 مليون عامل بالقطاع الحكومي، لكن اليوم، ورغم عدم وجود أيّ إحصاء رسمي، لا يزيد عدد العمال بالقطاعين العام والخاص عن مليون عامل، بعد التهجير والقتل والفصل من العمل.

وما يزيد مخاوف السوريين العاملين بعمل ثانٍ، غياب أيّ قانون واضح يمنحهم الطمأنة خلال سعيهم لتحسين دخلهم وكفاية أسرهم ولو بالحد الأدنى، بعد مضاعفة سعر الخبز والمحروقات وارتفاع الأسعار، إذ لا يغطي الأجر الشهري، وفق دراسة لمركز قاسيون "مستقل" سوى 7 في المائة تقريباً من حاجات المعيشة الأساسية للأسرة.

(الدولار = نحو 3200 ليرة سورية)

المساهمون