المغرب: تحويلات قياسية لـ5 ملايين مغترب رغم كورونا

07 نوفمبر 2021
دعم الأسر أبرز أسباب ارتفاع التحويلات المالية (فرانس برس)
+ الخط -

تتجه تحويلات المغتربين المغاربة نحو بلوغ مستوى قياسي في العام الحالي، حيث لم تكفّ عن تحقيق ارتفاعات تفاجئ المراقبين والمؤسسات الرسمية المعنية برصدها، بل إن لجنة شكلت بهدف حل لغز المستوى الذي بلغته تلك التحويلات.
ويقدّر عدد المغتربين المغاربة بحوالى 5 ملايين نسمة، 85 في المائة منهم يقيمون في أوروبا، خاصة فرنسا التي تحتضن حوالى 1.5 مليون مغترب، بينما يتوزع الباقي بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا وبلدان عربية.
وتفيد بيانات مكتب الصرف (حكومي)، الذي تتبّع تحويلات المغتربين، أن تلك التحويلات، قفزت في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي إلى 7.9 مليارات دولار، مسجلة زيادة بنسبة 42.5 في المائة قياساً بالمستوى الذي بلغته في الفترة نفسها من العام الماضي.

ويرتقب أن تصل تلك التحويلات في نهاية العام إلى 9.6 مليارات دولار في نهاية العام الحالي، بزيادة تصل إلى أكثر من ملياري دولار، حسب تقديرات البنك المركزي.

التحويلات قفزت في سبتمبر إلى 7.9 مليارات دولار، بزيادة 42.5% قياساً بالمستوى الذي بلغته في الفترة نفسها من العام الماضي

وينتظر أن يسعف مستوى تحويلات المغاربة المرتقب في نهاية العام، غير المسبوق في تاريخ البلاد، رصيد المملكة من النقد الأجنبي، في ظل انخفاض حاد لإيرادات السياحة التي يرتقب أن تستقر في حدود 3.6 مليارات دولار، حسب توقعات بنك المغرب (البنك المركزي).
وستمثل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج في العام المقبل أكثر من 25 في المائة من مجمل رصيد النقد الأجنبي، الذي يرتقب أن يصل إلى حوالى 37 مليار دولار، ما يغطي سبعة أشهر من مشتريات المملكة من الخارج.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وكانت تلك التحويلات قد فاجأت المراقبين والمسؤولين المغاربة، حيث خابت القراءات التي ترقبت انخفاضها مع بداية الجائحة الصحية، فقد حافظت على المستوى الذي بلغته قبل الفيروس، بل إنها تتجه نحو بلوغ مستوى غير مسبوق في تاريخ التحويلات نحو المغرب.
ويتجلى من بيانات العام الماضي أن ارتفاع التحويلات يُعزى إلى تلك الآتية بشكل ملحوظ من المغتربين المقيمين في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا وإيرلندا، فيما انخفضت التحويلات الآتية من بلدان الخليج والنرويج.

غير أنه يتضح أن حصة 35.7 في المائة من التحويلات أتت في العام الماضي من فرنسا، وتمثل إسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وبلجيكا وألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة وسويسرا وكندا حصة 43 في المائة.

ارتفاع التحويلات يُعزى إلى المقيمين في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا وإيرلندا، فيما انخفضت الآتية من الخليج والنرويج

وشكلت المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والكويت حصة 15.8 في المائة من إجمالي التحويلات المالية الخارجية، حسب بيانات رسمية.
وتوقع البنك المركزي في بيان سابق، نمو اقتصاد البلاد بنسبة 5.3% خلال 2021، بسبب الأوضاع المناخية المواتية للموسم الزراعي، والتقدم الذي تحرزه البلاد في حملة التطعيم ضد كورونا.
وتنشغل لجنة تضم البنك المركزي، ووزارة الاقتصاد والمالية وإدارة الضرائب ومكتب الصرف والهيئة الممثلة للمصارف، بمحاولة الوقوف على العوامل التي تفضي إلى ارتفاع تحويلات المغتربين.

ويرى مؤسس مؤسسة البحث حول المهاجرين "ريميساس"، إنييغو موري، أن ارتفاع التحويلات يؤكد الرؤى التي سبق أن عبّر عنها في العام الماضي، حيث يؤكد أن المغتربين المغاربة كوّنوا ادخاراً، وخاصة في بلدان أوروبا، يسعون عبره لمساعدة أسرهم.

ويشير موري في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنه في الوقت الذي كانت تراهن التوقعات على تراجع التحويلات، تجلى أنها ترتفع، حيث إن العديد من المغتربين يسعون للتعبير عن نوع من التضامن مع أسرهم وذويهم عبر إرسال الأموال التي قد تتجاوز قيمتها ما اعتادوا تحويله.

وتساهم تلك التحويلات في دعم الاستهلاك الداخلي الذي توفره الأسر والذي يعتبر حاسماً في النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن تلك التحويلات تضطلع بدور كبير في تسهيل دفع المصاريف المدرسية والعلاجات الطبية.

تساهم تلك التحويلات في دعم الاستهلاك الداخلي الذي توفره الأسر والذي يعتبر حاسماً في النمو الاقتصادي

ويرى موري أن العديد من المغتربين استفادوا، وخاصة في أوروبا وأميركا الشمالية، من المساعدات التي تقدمها الدول في ظل الجائحة، حيث تضاف إلى مدخراتهم التي يسخّرون جزءاً منها لتحويلها إلى بلدان، عبر القنوات الرسمية، ما يساعد على التخفيف عن الأسر المتضررة من الجائحة ودعم رصيد النقد الأجنبي.

ويتصور أن التحويلات، بفعل تعذّر التنقل نحو المغرب بسبب الاحترازات الصحية التي اتخذتها المملكة، والتي أفضت إلى تعليق الرحلات مع بعض البلدان، أضحت تضخ عبر قنوات رسمية، ما سهذل الإحاطة بها، بينما كانت في السابق تأتي عبر تلك القنوات وعبر المغتربين الذين يحملون معهم جزءاً من مدخراتهم عندما يعبرون إلى بلدهم في فترات العطل، خاصة في الصيف، دون أن تظهر في البيانات الرسمية.

المساهمون