المغرب: ارتفاع أسعار العقارات وركود البناء

24 يوليو 2022
زيادة كبيرة في أسعار مواد البناء (Getty)
+ الخط -

مازالت أوراش البناء والأشغال العمومية في المغرب لم تستعد نشاطها بعد عيد الأضحى، ما يزيد في تباطؤ ذلك النشاط الذي كان في السنوات الماضية من رافعات النمو الاقتصادي في البلاد، وهو اتجاه تراجع في الفترة الأخيرة ويترسخ في الصيف الحالي.
ويعد البناء والأشغال العمومية أحد القطاعات الأكثر تأثرا في المغرب بالظرفية الاقتصادية بسبب عوامل خارجة عن تحكم المستثمرين، كما يؤكد على ذلك تقرير خبراء "سي دي جي كابيتال" الذي يحمل عنوان "قطاع البناء والأشغال العمومية في مواجهة عدة تحديات في 2022".
وترجح المندوبية السامية للتخطيط، (حكومية) في تقرير توقعاتها حول أداء الاقتصاد الوطني في العام الحالي أن تعرف أنشطة قطاع البناء والأشغال العمومية تباطؤا كبيرا بـ1.3 في المائة".

يعد البناء والأشغال العمومية أحد القطاعات الأكثر تأثرا في المغرب بالظرفية الاقتصادية بسبب عوامل خارجة عن تحكم المستثمرين

وترد المؤسسة الرسمية التي تتولى إنتاج البيانات الاقتصادية والاجتماعية، ذلك إلى ضعف ديناميكية العرض والطلب على العقارات وغياب تدابير تحفيزية ضريبية جديدة، كما حدث في العام ما قبل الماضي عندما قررت الدولة تقديم إعفاءات على مستوى تسجيل العقارات بهدف حفز الطلب.

وسيستفيد القطاع في العام الحالي من الاستثمارات التي ينتظر أن تنجزها الدولة عبر الموازنة في البنيات التحتية وكذلك المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، لكنه سيواجه آثار ركود سوق العقارات وارتفاع الأسعار الأولية.
وينتظر أن تمكن مشاريع البنيات التحتية المنجزة من طرف الدولة من تغطية الضغوط على قطاع البناء، حيث خصصت الدولة حوالي 24.5 مليار دولار للبنيات التحتية المتمثلة في الطرق والسدود والمستشفيات، ما يمثل 20.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مقابل متوسط سنوي يتراوح بين 16 و17 في المائة في السابق.

وتشير المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء، سيفضي إلى تراجع أنشطة المستثمرين العقاريين نتيجة تراجع هوامش الربح، في حين سيتأثر الطلب على السكن بضعف القدرة الشرائية.
ويتجلى أنه في الوقت الذي ارتفعت مبيعات الإسمنت لفائدة البنيات التحتية بنسبة 7.35 في المائة، تراجعت مبيعات التوزيع بنسبة 9.59 في المائة ومبيعات بناء العقارات بنسبة 5.56 في المائة، حسب الجمعية المهنية لشركات الإسمنت.
ويذهب المستثمر في قطاع البناء، عمر أيت الحاج، إلى أن المواد الأولية سجلت ارتفاعا كبيرا منذ بداية العام الحالي، حيث زاد الحديد بنسبة 72 في المائة والألمنيوم بنسبة 55.5 في المائة، ناهيك عن ارتفاع أسعار السولار الذي قفز من حوالي 12 درهما إلى 16 درهما منذ بداية العام.

ويشير في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن تلك المدخلات ترفع كلفة إنتاج العقارات في العام الحالي، ما من شأنه أن يرفع أسعار بيع الشقق، رغم تقليص هوامش أرباح المستثمرين، الذين يتريث بعضهم في انتظار انخفاض أسعار مواد البناء.
ويلاحظ أن ارتفاع أسعار مواد البناء في الأشهر الأخيرة، يؤدي إلى زيادة كلفة إنتاج الشقق، وبالتالي الأسعار، حيث يقدر ذلك بالنسبة لشقة تصل مساحتها إلى مائة متر مربع بما بين 5 آلاف و8 آلاف دولار وهو ما لا يمكن أن تتحمله الأسر الراغبة في الشراء في سياق متسم بتراجع القدرة الشرائية.

من جانبه، يشير الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، محمد الذهبي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن العديد من المستثمرين الصغار توقفوا عن إنتاج السكن الاجتماعي في الأشهر الأخيرة في سياق ارتفاع أسعار مواد البناء، ما ينعكس على التكلفة، التي يتعذر عليهم عكسها على المشتري لأن السعر محدد في إطار عقود مع الدولة في حدود 25 ألف دولار.

ويؤكد أن الدولة لم توضح الرؤية بالنسبة لمنتجي السكن الاجتماعي الموجه للفئات ذات الدخل المحدود، حيث لم يعلن عن عقود جديدة تتخذ الظرفية الحالية المتسمة بارتفاع أسعار مواد البناء.

سيستفيد القطاع في العام الحالي من الاستثمارات التي ينتظر أن تنجزها الدولة عبر الموازنة في البنيات التحتية

ويضيف الذهبي أن المستثمرين بالنظر لسيادة قانون العرض والطلب، يمكنهم الزيادة في الأسعار أخذا بعين الاعتبار تكاليف الإنتاج، وإن كان ذلك صعبا في الظرفية الحالية بالنظر للقدرة الشرائية للأسر وارتفاع التضخم.

وكان آخر تقرير أنجزه بنك المغرب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري الخرائطية، حول مؤشر أسعار الأصول العقارية، انتهى إلى تراجع أسعارها في الفصل الأول على أساس سنوي بنسبة 4.9 في المائة.
وتوصل التقرير إلى أن عدد المعاملات تراجع على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي بنسبة 9.3 في المائة، ما يعكس تراجع مبيعات العقارات السكنية والأراضي والعقارات الموجهة للاستعمال المهني بنسبة 6.6 في المائة و15.7 في المائة و11.9 في المائة.

المساهمون