كيف تتفادى الشركات الصغيرة في المغرب الإفلاس؟

23 يوليو 2024
غياب التمويل يهدّد المشروعات الصغيرة (الأناضول)
+ الخط -

يرتفع الضغط في المغرب على الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، التي يهددها بعضها الإفلاس في ظل صعوبات التمويل بعد ارتفاع أسعار الفائدة، ما يدفع مراقبين إلى الدعوة إلى ضرورة دعم تلك الشركات التي يمكنها توفير فرص عمل ومحاصرة البطالة.
ويلاحظ البنك الدولي أنّ المغرب يشهد ارتفاعاً قوياً في تعسر الشركات، وهو ما يؤكده المرصد المغربي للشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، الذي يسجل زيادة ملحوظة في الشركات التي مرت من مسلسل التعسر منتقلاً من 8.5% في 2021 إلى 28% في 2022، مقارنة بالمستويات المسجلة قبل الجائحة.
اتساع الإفلاس 

يحيل البنك الدولي على تقرير "أليانز ترايد" Allianz Trade حول تعسر الشركات عبر العالم، إذ يشير إلى أن هذا الاتجاه تواصل على مدى العام الماضي، ليجعل من المغرب أحد البلدان التي تعرف اتساعاً لتصفيات الشركات المسجلة في بيانات "أليانز ترايد".
وتعتبر المؤسسة المالية الدولية أنه من المحتمل أن يكون تباطؤ الإقراض الخاص في العام الماضي، قد ساهم في هذا المنحي الذي عرفته الشركات، مشيرة إلى أن القروض على المدى القصير تراجعت فجأة تراجعاً ملحوظاً.

ويشدد البنك الدولي على أنه في ظل الضعف الهيكلي لمستويات رسملة الشركات، قد لا يكون العديد منها قادراً على سد الخصاص على مستوى السيولة الناجمة عن الأزمات الأخيرة.
وتشكل الشركات متناهية الصغر والمقاولات الصغيرة والمتوسطة منذ سنوات حوالي 95% من إجمالي الشركات العاملة في الدولة، حيث تساهم في توفير فرص عمل والنمو الاقتصادي. وتشير البيانات إلى وجود عدد كبير من الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.

صعوبة الحصول على قروض

وساهم تشديد السياسة النقدية عبر رفع سعر الفائدة الرئيسية من طرف البنك المركزي في صعوبة حصول الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على قروض مصرفية بفعل ارتفاع أسعار الفائدة.
وتجد الشركات متناهية الصغر والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، مشكلات في الحصول على تمويلات مصرفية لمواجهة حاجيات تسييرها اليومي، خاصة مع طول فترات سدات مستحقاتها من عملائها أو الشركات الكبيرة عن الصفقات التي تنخرط معها فيها.
وتراهن الشركات الصغيرة والمتوسطة على الاستفادة من الصفقات التي تطلقها الدولة عبر الموازنة أو الشركات المملوكة للدولة، غير أنها تجد صعوبة في الحصول، بطريقة سلسة، من تلك الصفقات رغم أن النسبة المخصصة لها من هذه الصفقات تبلغ 20%.
ويلاحظ الخبير في القطاع المصرفي، مصطفى ملغو، أنه بالنظر إلى نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة في المغرب ضمن النسيج المقاولاتي، تبدو الأكثر إنتاجية على مستوى فرص العمل، حيث تتجلى الحاجة الملحة إليها في سياق البطالة التي بلغت 13.7%.

ويشدد في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن مساهمة تلك الشركات في توفير فرص عمل في المغرب يقتضي خفض الضغط الجبائي عنها وتخفيف شروط المصارف على مستوى الضمانات التي تطلبها عند الاقتراض.

مساهمة القطاع الخاص

تعتبر المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، في تقرير حول الموازنة الاقتصادية الاستشرافية لعام 2025، أنه يتوجب بالإضافة إلى الاستثمار العمومي بهدف حفز النمو الضعيف، الاستناد إلى مساهمة القطاع الخاص، الذي يتسم بهيمنة الشركات الصغيرة والمتوسطة على نسيجه الإنتاجي.
ويدفع ذلك المندوبية إلى التشديد على ضرورة تعزيز فرص الولوج إلى التمويل، خاصة لهذه الفئات من المقاولات التي لها إمكانيات معتبرة في خلق فرص الشغل، ملاحظة أن التمويل الداخلي الممنوح للقطاع الخاص من طرف البنوك في المغرب لا يزال منخفضاً نسبياً مقارنة بمستواه في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى وذلك رغم مستوى الكتلة النقدية المسجل في الاقتصاد الوطني.

ويعتبر البنك الدولي أنه رغم النجاح الذي حالف دعم الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمشاريع الكبيرة، يشدد على ضرورة ضمان آليات لا تفضي إلى حرمان الشركات الصغيرة من الدعم الذي يوصي بمراجعة برامجه بما يساعد على تعيين الإكراهات التي تواجهها تلك الشركات ومعالجتها.
يأتي ذلك في سياق تأكيد المؤسسة المالية الدولية ضرورة تحسين المحيط التنافسي وضمان نوع من المساواة في الوصول إلى الموارد بين الشركات الكبيرة والصغيرة، ومحاربة الممارسات المنافية للمنافسة، والمضي في الإصلاح الجبائي مع عقلنة الدعم، ومحاربة القطاع غير الرسمي الذي يضر بالشركات الصغيرة خاصة .

المساهمون