نهاية كارفور عُمان... المقاطعة تعزز علامات محلية

10 يناير 2025
بدائل محلية لبيع التجزئة في عُمان (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت سلطنة عمان حملة مقاطعة للبضائع الأميركية والإسرائيلية بسبب الحرب على غزة في أكتوبر 2023، مما أدى إلى انسحاب "كارفور" من السوق العمانية، بدعم من وسائل التواصل الاجتماعي وعلماء الدين.
- أثرت المقاطعة إيجابياً على الشركات المحلية، حيث زادت مبيعات المنتجات المحلية وأصبحت بديلاً للعلامات التجارية العالمية، مما عزز الاقتصاد العماني.
- تواجه الحملة تحديات في تلبية الطلب المتزايد، مع توقعات باستمرار الآثار الاقتصادية الإيجابية حتى 2025، مدعومة بسياسات جديدة وبرنامج المحتوى المحلي.

 

مثّل إعلان شركة "كارفور" الفرنسية لسلاسل البيع بالتجزئة، في الثامن من يناير/كانون الثاني الجاري، عن توقف عملياتها في سلطنة عُمان، مؤشرا على الأثر الاقتصادي البارز لحملة مقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية في السلطنة، والتي جاءت في رد فعل على حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، واتخذت هذه الحملة طابعًا عفويًا في البداية، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة منظمة تدعمها جهات رسمية وشعبية.

ويعد قرار "كارفور" الانسحاب من عُمان الثاني من نوعه داخل دول المنطقة العربية في أقل من شهرين، حيث سبق أن انسحبت السلسلة الشهيرة من الأسواق الأردنية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. كما تنشط حملات المقاطعة في دول المنطقة لمنتجات الشركات الداعمة لإسرائيل مع دخول حرب الإبادة على غزة شهرها السادس عشر.

وضم المقاطعون الشركة الفرنسية للحملة بعد انتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر جنوداً إسرائيليين يحملون مواد غذائية موضوعة في أكياس عليها شعار "كارفور"، ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي وعلماء الدين دورا كبيرا في تعزيز حملة المقاطعة بالسلطنة، حيث تم تنظيم وقفات تضامنية أمام المساجد الكبرى في عمان، كما تم استخدام منصات مثل "إكس" لنشر قوائم بمنتجات المقاطعة.

ورسمياً، أكد المفتي العام لسلطنة عمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، أن المقاطعة "واجب شرعي"، وأشاد بما "أدت إليه المقاطعـة الصامدة للشركات التي تدعم الكيـان الصهيوني في عدوانه على الشعب الفلسطيـني المظلوم" في إشارة إلى مردود المقاطعة الاقتصادي، وفقا لما أورده حسابه على منصة إكس.
وتمثلت أهداف الحملة في الضغط على الشركات الداعمة لإسرائيل وإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني، وشملت المقاطعة علامات تجارية عالمية مثل ستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي وكوكا كولا، بالإضافة إلى شركات تجارة التجزئة، وعلى رأسها كارفور، التي أغلقت فروعها في عمان بسبب الخسائر الفادحة التي تكبدتها جراء مقاطعة المستهلكين لها.
كانت المقاطعة بمثابة فرصة ذهبية للشركات المحلية في عمان، حسبما رصد "العربي الجديد" ميدانيا، حيث شهدت العلامات التجارية المحلية مثل مقهى (55) نموًا ملحوظًا، وأصبحت العديد من هذه العلامات بديلا رائجا لشركات الوجبات السريعة الأميركية في مسقط، ومنها "كوكو" و"RFC" و"بوم"، التي قدمت بديلا وطنيا لدجاج كنتاكي، وغيرها من العلامات التي حققت نجاحا ملحوظا خلال العام الماضي.
كما زادت مبيعات المنتجات المحلية مثل الصابون والمنظفات، مما أدى إلى تعزيز حركة الأموال داخل الاقتصاد العماني، وهو ما نوه الخبير الاقتصادي العماني، حيدر اللواتي، لافتا إلى أن حملات المقاطعة في الشرق الأوسط أثرت بشكل كبير على الشركات الأميركية وأن المقاطعة أدت إلى زيادة الوعي بالمنتجات المحلية وتعزيز الاقتصادات الوطنية في المنطقة، وفقا لما أوردته صحيفة "عمان أوبزرفر" الحكومية.

تحديات حملات المقاطعة 

ورغم هذه النجاحات، إلا أن استمرار حملة المقاطعة يواجه تحديات أشارت إليها غرفة تجارة وصناعة عمان، التي لم تخف قلقها من عدم قدرة بعض الشركات المحلية على تلبية الطلب المتزايد بسبب نقص الجودة أو الكفاءة مقارنة ببعض المنتجات العالمية، كما حذرت من أن استمرار المقاطعة قد يؤدي إلى خسائر وظائف في قطاعات معينة، وفقا لما أورده بيان صدر مبكرا عن الغرفة في 10 فبراير/شباط الماضي، غير أن نتائج حملة المقاطعة في رواج علامات تجارية محلية على مدى العام الماضي طوى معالم القلق بالغرفة التي لم تكرر بيانها منذ تاريخ إصداره، وهو ما نوه إليه اللواتي لافتا إلى أن الشركات الأميركية والإسرائيلية أعلنت بنفسها بيانات عن انخفاض الإيرادات في مواجهة المقاطعة المتوسعة.
ووفق تقدير اللواتي، فإن آثار المقاطعة الاقتصادية ستستمر حتى بعد انتهاء الحرب الدائرة على الأرجح بعدما أصبحت "ثقافة" مستقرة لدى قطاعات واسعة من العمانيين، و"نجحت في الإضرار بالعلامات التجارية المستهدفة على نطاق واسع" حسب تعبيره، منوها إلى أن الاستطلاعات التي أجرتها وسائل الإعلام أظهرت أن العديد من المستجيبين أعربوا عن دعمهم القوي للمقاطعة، مع تأكيدهم ضرورة دعم المنتجات المحلية.

ومن زاوية أخرى، يشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، لـ "العربي الجديد"، إلى أن السوق العُمانية تشهد تغيرات مهمة في قطاع التجزئة، إضافة إلى تأثير المقاطعة، إذ تتجه مجموعة الفطيم إلى إنشاء علامة تجارية خاصة بها، ما حفز قرارها بإنهاء عقدها مع كارفور الفرنسية مع نهاية عام 2024.
وفي هذا الإطار، تتجه المجموعة الإماراتية نحو التخلص من العلامة التجارية التي حصلت على حق وكالتها في بعض المناطق، ومن بينها سلطنة عُمان، وفق ما يشير إليه الطوقي، مؤكدا أن هذا الإجراء يأتي ضمن عمليات إعادة الهيكلة التي تجريها المجموعة في عدد من المناطق.
ويرى الطوقي أن نتائج المقاطعة قد تؤثر سلبا على بعض الموظفين العُمانيين في فروع كارفور، لكن يتوقع انتهاء هذا التأثير خلال العام الجاري، خاصة مع تزايد وعي المستهلكين بضرورة التمييز بين الشركات التي أعلنت دعمها للاحتلال الصهيوني في غزة وغيرها من الشركات، إضافة إلى الصعود الواضح لعلامات تجارية محلية بديلة.
ويتوقع الطوقي مستقبلاً اقتصاديا واعداً لقطاع التجزئة في عمان عام 2025، خاصة في ظل اعتماد سياسات جديدة من شأنها أن تدعم استحواذ المتاجر المحلية على حصة سوقية كبيرة، مدعومة بـ "برنامج المحتوى المحلي" الذي تعمل عليه السلطنة بشكل مكثف.
ويؤكد الطوقي أن السياسات المطبقة في السنوات السابقة ستظهر نتائجها في 2025، خاصة مع تركيز المبيعات الحكومية والشركات الحكومية وشبه الحكومية على دعم المحتوى الوطني، مما سينعكس إيجاباً على أداء المتاجر المحلية.

المساهمون