ميناء الحديدة... شريان حياة اليمنيين يكتوي بالحرب

23 يوليو 2024
نيران مشتعلة في صهاريج تخزين النفط بعد غارات الاحتلال على ميناء الحديدة (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **أهمية ميناء الحديدة:** يستقبل 75% من واردات اليمن من الغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية، والهجمات الإسرائيلية تسببت في اشتعال خزانات الوقود وتأثيرات سلبية على الواردات والأسعار.

- **أزمة الوقود والبنية التحتية:** يحتوي الميناء على عشرة أرصفة، والهجمات الإسرائيلية خلقت أزمة وقود في صنعاء ومناطق الحوثيين، مع مخاوف من أزمة وقود خانقة قد تستمر لأكثر من شهرين.

- **تأثير الهجمات على الواردات والأسعار:** ارتفعت واردات الوقود والغذاء بنسبة 30% في الربع الأول من 2024، لكن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 20% في صنعاء ومناطق الحوثيين، مما أدى إلى حالة من عدم اليقين في السوق.

يعد ميناء الحديدة شريان حياة لليمنيين، إذ يستقبل نحو 75% من واردات البلاد من الغذاء والوقود فضلا عن المساعدات الإنسانية.

ويؤكد خبراء اقتصاد أن الاستهداف الإسرائيلي للميناء سيترك تداعيات مباشرة على الواردات والأسعار فضلا عن انعكاسات على عمل المصانع المحلية وتكلفة النقل.
واستهدفت إسرائيل ميناء الحديدة اليمني على البحر الأحمر غرب البلاد، يوم السبت الماضي، وأسفرت الضربات عن اشتعال النيران في خزانات الوقود التي ظلت تحترق مع تصاعد أعمدة الدخان حنى صباح أمس الاثنين.

وقالت مصادر في مؤسسة موانئ البحر الأحمر المشغلة لميناء الحديدة، رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، إنه يجري تقييم الأضرار المباشرة وغير المباشرة لهجمات الاحتلال الإسرائيلي، وإن إصلاح الأضرار في البنية التحتية للميناء قد يستغرق من شهر إلى شهر ونصف الشهر مع البحث عن بدائل عاجلة لتوفير الوقود اللازم لتغطية احتياجات السوق من المشتقات النفطية.
 

عشرة أرصفة في ميناء الحديدة

يحتوي ميناء الحديدة على عشرة أرصفة منها رصيفا حاويات وستة أرصفة مخصصة لاستقبال البضائع، بالإضافة إلى رصيفين مخصصين لاستقبال سفن المشتقات من البنزين والديزل والمازوت اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية.
وكان رصيفا استقبال سفن الوقود تضررا خلال ضربات جوية سابقة شنتها مقاتلات سعودية عام 2018، ولم تجر صيانة الرصيفين حتى اليوم، فيما كانت سلطات الحوثيين تبحث ملف صيانة الرصيفين وإنشاء خزانات وقود إضافية لاستيعاب شحنات الوقود.

ونشرت وكالة الأنباء اليمنية التي يديرها الحوثيون (سبأنت)، في فبراير/ شباط الماضي، عن توجيه مجلس النواب (البرلمان) بخصوص رصيفي النفط في ميناء الحديدة، وقالت الوكالة إن المجلس وجه وزارة النفط والمعادن ممثلة بشركتي النفط والغاز بالتنسيق مع وزارة النقل ممثلة بمؤسسة موانئ البحر الأحمر بضرورة تنفيذ عملية الصيانة للرصيفين النفطيين رقم 1 و2 بميناء الحديدة للحد من زيادة وتوسع الأضرار في الرصيفين وتفاديا لإضافة أعباء مالية.

طوابير وقود

خلقت الضربات الإسرائيلية أزمة وقود مباشرة مساء السبت في العاصمة صنعاء وبقية مناطق الحوثيين، حيث أغلقت عشرات محطات توزيع البنزين فيما ظهرت طوابير طويلة أمام المحطات القليلة التي ظلت في الخدمة.
لكن سلطات الحوثيين سارعت إلى نفي حدوث أزمة وقود. وقالت شركة النفط إن لديها مخزونا كافيا من المشتقات النفطية، وإن "محطات البنزين مستمرة في تقديم خدماتها للمواطنين في وضعها الطبيعي، ولا يوجد أي قلق في هذا الجانب".
وتبلغ الطاقة الاستيعابية لخزانات الوقود بميناء الحديدة نحو 93 مليون طن متري شهريا وفقا لبرنامج الأغذية العالمي، فيما يبلغ استهلاك اليمن من الوقود نحو 2.7 مليار طن متري وفقا لبيانات شركة النفط الحكومية اليمنية.
ولا يمتلك اليمن مخزونا من المشتقات النفطية، ويتم تخزين النفط بشكل مؤقت في خزانات في ميناء الحديدة وخزانات أخرى في منطقة الصباحة بضواحي العاصمة صنعاء.

وقال مصنعون لـ"العربي الجديد" إن مخزونهم من مادة الديزل اللازمة للإنتاج لن يكفي لتغطية ثلاثة أسابيع وإن حالة من الهلع تسيطر على قطاع التصنيع في البلاد مع مخاوف من أزمة وقود خانقة قد تستمر لأكثر من شهرين.

واعتبر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، إن استهداف خزانات الوقود في ميناء الحديدة سينعكس بصورة مباشرة على معيشة المواطنين، وقال نصر لـ"العريي الجديد": هذا العدوان سيؤثر على ملايين اليمنيين، وهي ضربة تستهدف معيشة الناس وتخلق معاناة كبيرة.
وأوضح نصر أن التأثيرات سوف تمتد إلى الموارد العامة مع تكاليف إصلاح الأضرار في الخزانات المستهدفة والتي قد تصل إلى 100 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم قياسا إلى انخفاض عائدات الموارد العامة للبلاد.

واردات اليمن

وكان تقرير أممي، صدر في مايو/ أيار الماضي، أكد ارتفاع واردات الوقود والغذاء إلى موانئ محافظة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون، في الربع الأول من العام الجاري 2024، بنحو 30% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وقال برنامج الغذاء العالمي، إن إجمالي حجم واردات الوقود والمواد الغذائية إلى موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، غربي البلاد، والخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بلغ 2.083 مليون طن متري، خلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار 2024.

وحسب التقرير، فإن واردات الوقود والغذاء إلى موانئ الحوثي في الربع الأول من العام الجاري شهدت زيادة بنسبة 29% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2023، التي دخل فيه ما مجموعه 1.620 مليون طن متري، وزيادة بنسبة 70% مقارنة بذات الفترة من العام 2022، التي بلغ حجم الواردات فيها 1.227 مليون طن متري.

وأوضح التقرير أنه على الرغم من أزمة البحر الأحمر، لم يحدث أي انقطاع في واردات الوقود حتى الآن، وخلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2024، بلغ إجمالي حجم واردات الوقود التي دخلت موانئ الحديدة 868 ألف طن متري، بارتفاع قدره 6% مقارنة بالربع الرابع من عام 2023 وبنسبة 29% على أساس سنوي.
أما بالنسبة لواردات المواد الغذائية، فقد استقبلت موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، غرب البلاد، في الربع الأول من العام الجاري ما مجموعه 1.215 مليون طن متري، وبزيادة قدرها 24% على أساس سنوي، إلا أنه يمثل انخفاضاً بنسبة 14% مقارنة بالربع الرابع من عام 2023، وذلك بسبب انخفاض سعة التخزين في الميناء، مما أدى إلى اصطفاف السفن خارج الشاطئ لتفريغ حمولاتها.

أزمة تجارية

ارتفعت أسعار المواد الغذائية بصورة مباشرة عقب الضربة الإسرائيلية. وقال سكان وتجار تجزئة لـ"العربي الجديد" إن أسعار القمح والأرز ارتفعت بنسبة 20% في صنعاء وبقية مناطق الحوثيين، مع حالة من عدم اليقين تسيطر على السوق ولجوء غالبية التجار إلى تخزين المواد وايقاف البيع.
ويرى مسؤول في شركة صوامع الغلال أن قصف ميناء الحديدة، يعني توقف الحركة التجارية (الاستيراد والتصدير) في شمال اليمن بالكامل وحدوث انخفاض في المساعدات الغذائية التي تغطي احتياجات نحو 7 ملايين يمني من الغذاء.

المساهمون