استمع إلى الملخص
- سياسات ترامب الاقتصادية، كتمديد تخفيضات الضرائب وفرض رسوم جمركية، قد ترفع الأسعار والأجور، مما يجبر الاحتياط الفيدرالي على تعديل سياسته النقدية بحذر لتجنب تضخم مرتفع وتوترات بين السياسات المالية والنقدية.
- تكهنات بتغييرات في قيادة الاحتياط الفيدرالي قد تؤثر على مسار الفائدة وثقة السوق، لكن الأساسيات الاقتصادية طويلة المدى ستوجه قرارات البنك، مع تحسين ربحية الشركات كعامل مساعد.
قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية إن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية قد يضع مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" أمام اختبار كبير، وربما يفاقم حالة عدم اليقين العميق في التوقعات الاقتصادية الأميركية، والتي قد تغير حسابات سياسة البنك في الأشهر المقبلة، فيما تجددت التساؤلات حول مدى قوة الضغوط التي قد يمارسها ترامب على البنك المركزي الأميركي خلال فترة ولايته الثانية في البيت الأبيض، خاصة ما يتعلق بسعر الفائدة.
في حملته الانتخابية، وعد ترامب بفرض الرسوم الجمركية بشكل أكثر قوة ضد الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وترحيل الملايين من المهاجرين غير الشرعيين، وتمديد تخفيضاته الضريبية لعام 2017. وهذه السياسات، إذا تم سنها، يمكن أن تضع ضغوطاً تصاعدية على الأسعار والأجور والعجز الفيدرالي، وفقاً للعديد من التقديرات، وفق تقرير "بلومبيرغ".
وفي أحدث توقعات "الاحتياط الفيدرالي"، من المرجح أن يتم خفض الفائدة على الدولار إلى نطاق يتراوح بين 3.25% و3.5% بحلول نهاية 2025، من المستوى الحالي البالغ 4.75% و5%. وبدأ البنك المركزي الأميركي اجتماعه أمس بشأن مصير أسعار الفائدة وينتهي اليوم الخميس، مع توقعات واسعة النطاق لخفض بمقدار 25 نقطة أساس، مع ترقب تصريحات مسؤولي البنك للبحث عن إشارات حول مصير اجتماع ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
ووفق "بلومبيرغ" أمس الأربعاء، فإن من شأن انتخاب ترامب أن يؤدي إلى تعقيد مهمة بنك الاحتياط الفيدرالي، حيث يسعى المسؤولون إلى خفض التضخم إلى هدفهم البالغ 2% مع حماية سوق العمل. وفي خضم هذه المهمة الحساسة، يمكن أن يقع البنك المركزي تحت أضواء سياسية غير مريحة إذا اتبع ترامب نمطه السابق في الهجوم العلني على رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي اليوم الخميس سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية، وهي خطوة ستأتي في أعقاب خفض بمقدار نصف نقطة في سبتمبر/ أيلول الماضي. وتوقعوا خفضاً آخر بمقدار ربع نقطة هذا العام، في ديسمبر المقبل، ونقطة كاملة إضافية من التخفيضات في عام 2025، وفقاً للتقدير المتوسط الذي صدر في سبتمبر الماضي. ومع ذلك، قد يتعامل صناع السياسات الآن مع مسألة وقت ومقدار التخفيض بحذر أكبر أثناء تقييمهم لكيفية تحويل مقترحات ترامب الاقتصادية إلى سياسات فعلية، حسبما قال ديريك تانغ، الخبير الاقتصادي في شركة "أل أتش ماير" الأميركية.
يرى محللون أن الضغوط التضخمية الناجمة عن التعريفات الجمركية، التي جاءت ضمن وعود حملة ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات وسيلة لحماية التصنيع الأميركي ستكون لها تداعيات على مسار الفائدة على الدولار.
ويحذر اقتصاديون من أن هذه التعريفات يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية من خلال رفع التكاليف على المستهلكين والشركات على حد سواء. ويقولون إنه إذا ارتفع التضخم بشكل كبير بسبب هذه التدابير، فقد يشعر بنك الاحتياط الفيدرالي بأنه مضطر إلى تعديل سياسته النقدية بشكل أكثر قوة مما قد يفعل في ظل إدارة مختلفة.
وقال كبير مسؤولي الاستثمار لدى مؤسسة بوتوماك ريفر كابيتال، مارك سبيندل، إن سياسات دونالد ترامب التي تجمع بين مستويات الديون المرتفعة والإنفاق المالي المتزايد، ستدفع البنك الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ من المتوقعة سابقاً.
ووفق موقع ماركت واتش، ذكر مدير دراسات السياسة الاقتصادية لدى معهد أميركان إنتربرايز، مايكل ستراين، أنه لا يزال يتعين على الأسواق أن تشعر بالقلق إزاء التضخم، هذا بجانب توقعات بأن تكون ميزانية الرئيس المنتخب توسعية.
ولفت إلى أن السياسات المالية المتوقعة ستضع البنك الفيدرالي في صراع مع البيت الأبيض تحت قيادة ترامب، حيث ستضع السياسات الجديدة ضغوطاً تصاعدية على أسعار الفائدة، وهو ما قد يتعارض مع خطط البنك المركزي لخفضها.
وسمح ترامب لنفسه في السابق عبر الأوامر التنفيذية بتجاوز الكونغرس في العديد من القضايا الاقتصادية خلال فترة ولايته الأولى. وإذا استخدم استراتيجيات مماثلة مرة أخرى، فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات سريعة في السياسة الاقتصادية دون موافقة تشريعية من قبل الكونغرس. وقد تجبر عدم القدرة على التنبؤ بالمسار الاقتصادي لبنك الاحتياط الفيدرالي على الردّ بسرعة من أجل تحقيق الاستقرار في الأسواق والسيطرة على التضخم.
وهناك تكهنات حول ما إذا كان ترامب سيسعى إلى إجراء تغييرات في قيادة مجلس الاحتياط الفيدرالي، وقد يؤثر تفضيله لموقف أكثر تشدّداً أو حذراً على من يعينه رئيساً للبنك الفيدرالي أو مناصب رئيسية أخرى داخل البنك على مسار الفائدة المصرفية. ومن الممكن أن تؤثر مثل هذه التغييرات بشكل كبير على ثقة السوق.
ويؤكد الخبراء أنه على الرغم من توقع حدوث تقلبات قصيرة المدى في أعقاب فوز ترامب في الانتخابات، فإن الأساسيات الاقتصادية طويلة المدى ستوجه قرارات بنك الاحتياط الفيدرالي في نهاية المطاف. ولكن إذا تحسنت ربحية الشركات بسبب التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية كما هو متوقع، فقد يوفر ذلك بعض الفسحة لبنك الاحتياط الفيدرالي في إدارة أسعار الفائدة دون إثارة التضخم الجامح.
ويرجح خبراء أن يؤثر فوز ترامب على سياسة بنك الاحتياط الفيدرالي من خلال زيادة الضغوط التضخمية الناجمة عن التعريفات الجمركية، والتغيرات المحتملة في تفضيلات قيادة البنك، وزيادة التوترات بين السياسات المالية والنقدية، مما قد يؤدي إلى تعديلات أكثر قوة في أسعار الفائدة اعتماداً على الظروف الاقتصادية.