العراق: مخاوف من أزمة قمح

14 ابريل 2022
تراجع حاد في الإنتاج المحلي للقمح (حيدر حمداني/ فرانس برس)
+ الخط -

تراجعت كميات إنتاج محصول القمح في العراق لهذا العام 2022 إلى مستويات قياسية بالمقارنة مع الأعوام الخمسة السابقة، وتسبب هذا الانخفاض في تراجع كبير في الخزين الاستراتيجي في البلاد.

وفي إحصائية رسمية لجهاز الإحصاء المركزي (حكومي)، أوضح أن مجموع إنتاج القمح في العراق بلغ 4 ملايين و234 طنا خلال الموسم الشتوي لسنة 2021، وهذا الرقم انخفض بنسبة 32 بالمائة عن إنتاج سنة 2020 الذي أنتج فيه أكثر من 6 ملايين و238 طنا.
ويؤكد مختصون في القطاع الزراعي تراجع المساحة المزروعة في البلاد، بسبب شح مواسم الأمطار للعامين الماضيين، وتراجع مستويات نهري دجلة والفرات.
وأكد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق، حسن التميمي، وجود نقص كبير في محصول القمح، بسبب غياب الدعم الحكومي للفلاحين والمنتجين، وقرار وزارة الموارد المائية تقليص مساحة زراعة المحصول من 5 ملايين دونم في العام الماضي إلى 2.5 مليون دونم هذا العام، مما أثر سلباً على إنتاج القمح في عموم العراق.

وأوضح التميمي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن وزارة الموارد المائية سعت إلى تغيير الخطة الزراعية وتقليص المساحة المزروعة بحجة شحة المياه، متوقعاً أن يصل إنتاج القمح لهذا العام فقط إلى مليوني طن فقط، في حين يحتاج البلد إلى أكثر من 4 ملايين طن سنوياً.
وأكد عدم وجود خزين استراتيجي من محصول القمح لدى العراق، وأن الكمية المتوفرة في مستودعات الخزن لا تغطي الحاجة المحلية لشهرين فقط.
وعن أسباب تراجع إنتاج القمح، أشار التميمي إلى أن الحكومة لم تدعم الزراعة المحلية من أجل تغطية حاجة السوق، كما لم تخصص الأموال اللازمة لزراعة محصول القمح لتوفير اكتفاء البلد ذاتياً من دون الحاجة للاستيراد بأموال طائلة.
وطالب الحكومة بدعم الفلاحين لاستخدام تقنيات الري الحديثة، من أجل مواجهة أزمة شح المياه التي يعاني منها البلد، وتغطية الحاجة المحلية وتصدير الفائض، خاصة وأن العراق يمتلك مساحات زراعية كبيرة تتجاوز 27 مليون دونم.

قال الخبير الاقتصادي صلاح عريبي، إن كمية الإنتاج الكلي ستنخفض عن معدلها السابق بحوالي 3 ملايين طن، والسبب في ذلك يعود إلى نقص المياه


وحذر التميمي من كارثة كبيرة ممكن أن تحصل بسبب تراجع إنتاج محصول القمح خاصة بعد الأزمة الأوكرانية الروسية، منتقداً دور الحكومة في عدم اتخاذ أي خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة أزمة انخفاض مستوى إنتاج القمح.
ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي صلاح عريبي، إن كمية الإنتاج الكلي ستنخفض عن معدلها السابق بحوالي 3 ملايين طن، والسبب في ذلك يعود إلى نقص المياه القادمة من إيران، التي عمدت إلى قطع العديد من روافد الأنهار التي كانت تغذي مساحات شاسعة من الأراضي العراقية، فضلا عن قيام تركيا بتقليص حصص بغداد المائية، بعد بنائها للعديد من السدود على نهري دجلة والفرات.
وأضاف عريبي، لـ"العربي الجديد"، أن العراق يعاني منذ احتلاله سنة 2003 من نقص الإنتاج وعدم القدرة على تغطية الاحتياج المحلي، ويعتمد في سد النقص الحاصل على الاستيراد الخارجي.
وأوضح أن الحكومة العراقية تواجه الكثير من التحديات، في مقدمتها تأثير الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في قفزة كبيرة في مستويات الأسعار. وعلى الرغم من أن الحكومة وضعت عدّة خطط للاستيراد، إلا أن ذلك سيكون مكلفا جدا من الناحية المادية.
وأضاف أن العراق لا يمتلك خطة استراتيجية لضمان الأمن الغذائي، خصوصا في حالات الطوارئ، وما هو موجود من مخزون استراتيجي قليل جدا لا يسد الحاجة المحلية، مما يجعله أمام تحديات خطيرة خلال الفترة القادمة.

وقرر العديد من الفلاحين العزوف عن تسويق محصولهم من القمح إلى وزارة التجارة، احتجاجاً على استيراد الحكومة العراقية محصول القمح من الخارج بكلف تزيد على السعر المقرر للإنتاج المحلي بنحو الثلث.
وقال المتحدث باسم فلاحي محافظة المثنى (جنوبي العراق)، حامد أبو ركيعة، إن أكثر من ثلاثة آلاف فلاح قرروا العزوف عن تسويق محصول القمح للموسم الحالي إلى الحكومة المركزية ما لم يتم رفع سعر التسويق.
وبين أبو ركيعة، في حديثه لوسائل الإعلام، أن الحكومة العراقية قررت شراء طن القمح من الفلاح العراقي بمبلغ 750 ألف دينار، (نحو 500 دولار) وشراء طن الشعير بمبلغ 600 ألف دينار، وهي مبالغ قليلة جدا مقارنة بارتفاع تكاليف الزراعة والإنتاج.
وطمأن المتحدث باسم الوزارة، حميد النايف، المواطنين "بعدم وجود مخاوف من وجود نقص في محصول القمح، وما يحصل اليوم هو شائعات من قبل تجار يحاولون استغلال الفرصة بهدف رفع أسعار مادة الطحين في الأسواق".
وكشف النايف، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، عن أن العراق يستورد القمح من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، وأن مجلس الوزراء وافق على استيراد 3 ملايين طن لتغطية حاجة البلد. معتبرا أن النقص الحاد في محصول القمح يعود إلى قرار وزارة الموارد المائية بتقليص المساحات المزروعة".

المساهمون