الدولار الجمركي في اليمن: ارتفاع جديد لتوسيع الأوعية الإيرادية

14 يناير 2023
تراجع حركة الشحن البحري (عبدو حيدر/ فرانس برس)
+ الخط -

يستعد اليمن لتدشين حزمة جديدة من الإجراءات لتوسيع الأوعية الإيرادية تشمل تحريكا آخر لسعر الدولار الجمركي بنسبة 50 في المائة هو الثاني منذ عام 2021، وسط انكماش متواصل لقطاع النقل البحري يزيد عن 10 في المائة.

وأقرت الحكومة اليمنية قراراً غير معلن يتعلق بتحريك سعر صرف الدولار الجمركي من 500 ريال إلى 750 ريالاً يمنياً، ضمن حزمة من الإجراءات لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز موارد الدولة، تشمل أيضاً تحريك أسعار بيع المشتقات النفطية في مأرب بزيادة سعر لتر البنزين 175 إلى 484 ريالاً، وزيادة سعر قارورة الغاز من 2100 إلى 3000 ريال.

وحمل مصدر حكومي مسؤول، رفض الكشف عن هويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الحوثيين المسؤولية الكاملة فيما يحصل نتيجة استهدافهم بالصواريخ والطائرات المسيرة موانئ تصدير النفط الخام، المورد الرئيسي الذي يعتمد عليه اليمن، مؤكداً أن أي قرار فيما يخص الدولار الجمركي لن يؤثر على المستهلكين والمواطنين اليمنيين، لأنه يستهدف السلع الكمالية، باعتبار السلع الأساسية معفاة أصلاً من الرسوم الجمركية.

وتشمل السلع الأساسية المعفاة من الرسوم الجمركية؛ القمح والأرز والأدوية، إضافة إلى أن الدقيق وحليب الأطفال وزيت الطبخ، لن يطاولها أي قرار خاص بتحريك سعر صرف الدولار الجمركي، بحسب مصادر حكومية مطلعة.

رئيس غرفة عدن أبوبكر باعبيد، نائب مدير الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية، يكشف في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن دراسة القطاع الخاص للخطوات التي سيقوم بها خلال الأيام القادمة، رداً على ما أقدمت عليه الحكومة اليمنية برفع سعر صرف الدولار الجمركي، واعتبره خطوة غير موفقة يرفضها القطاع الخاص جملة وتفصيلاً، لأن ذلك بمثابة إثبات أن الشراكة التي تتحدث عنها الحكومة مع القطاع الخاص مجرد كلام للتضليل.

وبينما يفيد متعاملون في الأسواق المحلية اليمنية عن موجة سعرية تطاول مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية، تستعد وزارة الصناعة والتجارة الحكومية في عدن، وفق مسؤولين في الوزارة، لتنفيذ خطة مشددة على الأسواق، وتكثيف الإجراءات الرقابية للحد من الاستغلال بفرض أي زيادات سعرية غير مبررة على أسعار السلع الأساسية المعفاة من الرسوم الجمركية.

في السياق، يشدد الباحث الاقتصادي وحيد الفودعي، لـ"العربي الجديد"، على أهمية مثل هذه القرارات التي تأتي في ظروف استثنائية يمر بها اليمن بالنظر إلى الوضع المالي الحرج نتيجة توقف صادرات النفط، إذ إنها تستهدف توسيع الأوعية الإيرادية ومعالجة التشوهات في الموازنة العامة المعتمدة على مورد رئيسي وحيد.

وحسب مصدر ملاحي مسؤول، فإن هناك توجها لتوحيد إجراءات تطبيق القرار للسلع الكمالية في جميع المنافذ، وعدم السماح بأي استثناءات أو إعفاءات، والعمل على رفع القدرات المحلية، وتطوير العمل في قطاع النقل والموانئ اليمنية بما يؤدي إلى رفع قدراتها ومعالجة الاختلالات التي تعاني منها بما يؤدي إلى تبسيط وتسهيل الإجراءات في مختلف مرافق النقل والشحن البحري، في ظل ما يشهده قطاع النقل من تدهور كبير وتعقيدات واسعة في التوريد إلى اليمن.

واتسم نشاط النقل البحري خلال السنوات 2015–2022 وبالذات فيما يخص ناقلات النفط وناقلات الحاويات والبضائع غير السائبة، بالتحول من موانئ البحر الأحمر إلى موانئ خليج عدن والبحر العربي، وأهمها موانئ عدن، والمكلا، ونشطون، حيث تشير بعض المصادر إلى أن عدد الحاويات التي يجري تحويلها من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن يصل إلى حوالي 15 ألف حاوية شهرياً.

ونتيجة لتراجع معدلات النمو في السنوات الأولى من الحرب، ومحدودية النم في السنوات اللاحقة، فقد تراجعت الأهمية النسبية لقطاع النقل في تركيب الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليمن من حوالي 10.2 في المائة عام 2014 إلى حوالي 9.5 في المائة عام 2020، كما تشير إلى ذلك دراسة صادرة مطلع يناير/ كانون الثاني 2023، عن مركز الدراسات والبحوث التابع للاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية.

ويقول جلال الشجاع، تاجر يمني، لـ"العربي الجديد"، إن السلطات المعنية في اليمن تضيق الخناق على القطاع التجاري الخاص في البلاد، في عملية تبدو، كما يصفها، وكأنها منظمة لاستنزافه، وإضعاف قدراته وإمكانياته بكل الطرق والسبل والأدوات المتاحة ليس آخرها رفع سعر الدولار الجمركي من قبل الحكومة في عدن، والتضييق بالإتاوات والجبايات من قبل سلطة صنعاء، إضافة إلى ما يواجه التجار المستوردين، بحسب حديث الشجاع، من إجراءات وتعقيدات في الشحن البحري إلى اليمن، وارتفاع مضاعف في تكاليفه بسبب الأحداث الأخيرة في اليمن وتبعات الحرب الدائرة في أوكرانيا.

وتشير الإحصاءات المتوفرة إلى تراجع أعداد السفن والبواخر وناقلات النفط الواصلة إلى الموانئ اليمنية من حوالي 1794 سفينة وناقلة في عام 2014 إلى حوالي 800 سفينة وناقلة فقط في المتوسط خلال عامي 2020 و2021.

المساهمون