مع اقتراب موسم الحصاد وجني الثمار في شمال شرقي سورية، لجأ كثير من المزارعين إلى بيع حقول القمح والشعير لمربي المواشي، بسبب سوء نمو هذه المحاصيل الناتج عن تراجع كمية الأمطار هذا العام والجفاف الذي أصاب الكثير من الأنهار في المنطقة التي تعتبر سلة سورية الغذائية، وكانت حتى سنوات قليلة ماضية مصدر القمح، إذ بلغ إنتاجها نحو مليون طن.
ومن أكثر المناطق التي شهدت تضرراً في المحاصيل، أراضي مدينة "تل تمر" في ريف الحسكة وعين العرب (كوباني) بريف حلب، إذ لم يتجاوز فيها طول ساق نبتة الشعير الـ10 سنتيمترات، وكثير منها لم تنتج السنابل، في ما اعتبره مزارعون من أبناء المنطقة الموسم الأسوأ منذ أكثر من 40 عاماً.
يقول المزارع يوسف سيدو، من ريف مدينة تل تمر، لـ"العربي الجديد"، إن أكثر من 50% من محاصيل الأراضي الزراعية البعلية (تعتمد على الأمطار) في المنطقة تم بيعها لمربي المواشي، مشيرا إلى أن هذا الحل يعدّ خياراً أخيراً لمعظم المزارعين، حيث يبلغ ثمن بيع الدونم الواحد (يعادل ألف متر مربع) نحو 300 ألف ليرة سورية (الدولار الأميركي = 3900 ليرة).
ويلفت سيدو إلى أن بعض المزارعين أحجموا عن الزراعة أساساً في هذا الموسم، وذلك بسبب غلاء الأسمدة والبذور والمبيدات الحشرية، واستمرار الأعمال العسكرية في المنطقة، إضافة إلى غلاء المحروقات (المنتجات النفطية) وتغيّر الأسعار تبعاً للدولار الأميركي، وتأخر الأمطار الذي يساهم في تأخر نمو المحاصيل، مضيفا: "من زرع أرضه حتماً خسر ما وضعه في الأرض، وقليل من المزارعين استطاعوا تحصيل رأس المال من خلال بيع المحصول لمربي المواشي".
بدوره، يقول المهندس الزراعي نجم العلي، لـ"العربي الجديد"، إنه بجانب تأثيرات الجفاف، هناك أسباب أخرى لتراجع المحصول، منها إلغاء الدعم المقدم للفلاحين والمتمثل في تقديم البذور والأدوية وتملّح التربة.
وتراجع إنتاج القمح في موسم العام الماضي بشكل كبير، وبلغت الكميات المسلمة للمراكز التابعة لما تعرف بـ"الإدارة الذاتية" نحو 185 ألف طن مقارنة مع نحو 800 ألف طن في موسم العام 2020. وتبلغ احتياجات شمال شرقي سورية من مادة القمح نحو 700 ألف طن كمخزون سنوي للبذار والطحين، بحسب تقارير لجان وهيئات الاقتصاد.
وأعلنت الإدارة الذاتية في وقت سابق، عن نيتها استيراد كميات من القمح لسد العجز لديها خلال الفترة المقبلة، مع التزامها بدعم الأفران، وحصلت في وقت سابق على 3000 طن من "الوكالة الأميركية للتنمية" من بذار القمح كدعم للمزارعين في منطقة شمال شرقي سورية.
وكان مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري أحمد حيدر قد أشار في تصريحات صحافية، في مارس/ آذار الماضي، إلى تراجع المساحة المزروعة بالقمح في سورية من 1.5 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) إلى 1.2 مليون هكتار.
وبلغت تقديرات الإنتاج في العام الماضي 1.9 مليون طن على مستوى كامل سورية، بينما الحاجة تبلغ مليوني طن. ووفق أرقام وزارتي الزراعة والتجارة في حكومة النظام السوري، فإن الإنتاج بلغ نحو 3.9 ملايين طن قبل الثورة.