الجزائر: خطوة أولى نحو إلغاء الدعم تستنفر البرلمان

17 نوفمبر 2021
الغلاء يفاقم الضغوط المالية (فرانس برس)
+ الخط -

بدت الحكومة الجزائرية عازمة على المضي قدماً في سياسة إلغاء الدعم خلال موازنة العام المقبل 2022، التي تقترح أن تشمل صندوق تعويضات نقدية للأسر الفقيرة، الأمر الذي تسبب في خلاف مع نواب في البرلمان أبدوا تحفظاً كبيراً على تمرير هذه الخطوة التي تشير مصادر إلى أن الحكومة لا تعتزم التنازل عنها وستعاود عرضها على ممثلي الشعب حال رفضها.

ورفض نواب المجلس الشعبي (الغرفة الثانية للبرلمان) المقترح الذي تقدمت به الحكومة، من حيث المضمون بالرغم من الإجماع على ضرورة إيجاد مخرج لفاتورة الدعم التي تثقل كاهل الخزينة العمومية، وباتت منبعاً للفساد وتهريب المواد الغذائية والوقود نحو دول الجوار، وفق وزراء بالحكومة.

يقول النائب عن جبهة المستقبل الحاج الغوثي، إن "الإشكال لا يكمن في مراجعة سياسة الدعم، والتوجه من الدعم العام نحو الدعم الموجه، بل ما نرفضه المغامرة بالجزائريين من خلال الانتقال المفاجئ من نمط اعتاده المواطن منذ عام 1962 إلى نمط آخر تكون فيه الأسعار مرتفعة، بينما لا تصاحبها مراقبة للأسواق لكبح انفلات الأسعار أو توفير موارد مالية لإعانة الفقراء".

ويضيف الغوثي لـ"العربي الجديد" أنّ "البرلمان كله يتحفظ على هذه الخطوة كونها لا تحمل توضيحات من طرف الحكومة حول الجدول الزمني لتطبيق القرار أو الآليات المعتمدة لحماية المعوزين (الفقراء) من تحرير أسعار المواد المدعومة وما مصير الخدمات المدعومة كالصحة والتربية.. العديد من الأسئلة دون إجابة".

ووفق المادة 187 من مشروع الموازنة العامة لعام 2022، التي يناقشها البرلمان، فإن الاعتمادات المخصصة في إطار الجهاز الوطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة ترصد لفائدة الوزير المكلف بالمالية، وتحدد كيفية تطبيق هذه المادة بنصوص تنظيمية، لا سيما قائمة المنتجات المدعومة المعنية بمراجعة الأسعار، وفئات الأسر المستهدفة، ومعايير التأهيل للاستفادة من هذا التعويض وكذلك كيفية التحويل النقدي للفقراء.

وبحسب تبريرات الحكومة، ضمنت الدولة من خلال سياستها الاجتماعية حماية القدرة الشرائية للطبقات الاجتماعية المحتاجة والفقيرة، وكذلك بالنسبة للطبقات المتوسطة، وهذا عبر عدة أجهزة للإعانات المباشرة وغير المباشرة (دعم الأسعار، امتيازات جبائية، تخفيض معدل الفائدة). وتقول الحكومة في الوثيقة المعروضة على البرلمان، التي اطلعت عليها "العربي الجديد" إنها تستهدف "الانتقال من أجهزة الدعم المعممة نحو جهاز دعم موجه لصالح الأسر المحتاجة، وبالتالي ضمان العدالة الاجتماعية".

لكن النائب عن كتلة الأحرار، القريشي كمال يقول إنّ "الخطة الحكومية الرامية لتعديل الدعم تفتقر لتفاصيل عملية وضمانات حول حماية جيوب المواطنين، لهذا نعارض الاقتراح جملة وتفصيلاً، الحكومة قدمت لنا مخططاً يمتد لخمس سنوات في سطرين أو أقل وتريد منا أن نزكي هذه المغامرة بالشعب الجزائري وهذا صعب في الحقيقة".

في المقابل، تعاني الخزينة العمومية من تنامي فاتورة الدعم، التي تفاقمت مع تهاوي الدينار الجزائري أمام العملات الأجنبية. ووفق الأرقام التي جاءت في موازنة 2022، فإن ميزانية الدعم أو ما يعرف بـ "التحويلات الاجتماعية" تقدر بـ 2.22 تريليون دينار (حوالي 16.4 مليار دولار)، ما يمثل 11% من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 1.92 تريليون دينار مقدرة في في موازنة العام الجاري و1.7 تريليون دينار في موازنة 2019.

وأمام اتساع دائرة رفض مقترح الحكومة باستحداث صندوق تعويضات الأسر المعوزة، داخل البرلمان، اضطر رئيس الحكومة وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، للذهاب إلى البرلمان والاجتماع لساعات مع ممثلي الأحزاب، ليلة الخميس الماضي، لتوضيح الخطة الحكومية وتفادي رفضها من طرف النواب.

وقال عضو لجنة المالية، علال بوثلخة لـ"العربي الجديد" إنّ "رئيس الحكومة أكد أنّ الدولة مستمرة في الدعم الاجتماعي ودعم الطبقات الهشة، كما سيتم تشكيل لجنة تدرس كيفية تحويل الدعم الشامل إلى دعم نقدي يوجه لأصحابه والأسر المحتاجة، وأنّها تريد توجيه قيمة التحويلات الاجتماعية إلى قطاعي الصحة والتعليم وتحسين الأجور". وأضاف بوثلخة أنّ "رئيس الحكومة قال إن العملية تستغرق سنوات ولن تكون في 2022، خاصة في ظل غياب معلومات دقيقة حول الفقراء والمعوزين وحتى الطبقة الوسطى، ما يتطلب قاعدة بيانات دقيقة وشفافة، فيما اقترح النواب على الحكومة سحب المادة واقتراح مشروع قانون خاص بمراجعة الدعم يحمل كل التفاصيل".

وتتحاشى الحكومة إجراء دراسة متعمقة حول وضعية الجزائريين، خصوصاً العمال من الطبقتين الوسطى والفقيرة، في وقت تشير دراسات إلى أنّ ملايين الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر. ووفقاً للخبراء، فإنّ أكثر من ثلث العمال معرضون للخطر، خصوصاً مع الانخفاض الحاد في القوة الشرائية.

 

المساهمون