التمويلات "الخضراء" تضع أصولاً بـ 130 تريليون دولار في مأزق

08 نوفمبر 2021
الوقود الأحفوري يسيطر على تمويلات البنوك العالمية (Getty)
+ الخط -

بدا عمدة لندن، اللورد وليام راسل، في مزاج احتفالي ليلة الأربعاء، وأشاد في كلمة إلى 150 ضيفاً في قمة المناخ الذين قضوا ليلة على ضفاف نهر كلايد في غلاسكو، بالصناعة المالية، مشيراً إلى أن التزام البنوك بمكافحة تغير المناخ قد تأكد اليوم.

لكن بعيداً عن بطاقات التعريف المصنوعة من الخيزران، ومشهد المصرفيين على الدراجات الهوائية ضمن محادثات قمة المناخ "كوب 26" (COP26) التي عقدت في أكبر مدن اسكتلندا، يظل السؤال الذي يطرح نفسه هو إذا ما كانت لدى البنوك التي اعتادت على تحقيق أرباح بالمليارات من صفقات الوقود الأحفوري إرادة قوية للتوقف عن ذلك.

قالت كاثرين هوارث المديرة التنفيذية لـ"شير أكشن" المنظمة غير الربحية المتخصصة في حملات وضع معايير الاستثمار المسؤول إنّ "الاختبار الحقيقي للمؤسسات المالية في هذا الشأن هو: هل هي على استعداد للتراجع؟ فهذا يمثل ركيزة أساسية مهمة للمجتمع المالي".

والتزمت البنوك وشركات الاستثمار والتأمين التي يبلغ إجمالي أصولها 130 تريليون دولار بالتخلص من الكربون في أعمالها بحلول منتصف القرن. لقد كان الحصول على هذا العدد الكبير من الموقعين بمثابة تتويج للحملة التي قادها محافظ "بنك إنكلترا" المركزي السابق، مارك كارني، الذي أمضى الجزء الأكبر من العام في جذب المصرفيين عبر القارات، على أمل الكشف عن رقم ضخم في قمة "كوب 26"، وذلك بصفته الرئيس المشارك لـ"تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري".

وتضم قائمة أعضاء التحالف أكبر الأسماء في وول ستريت، وحي المال في لندن، منها "جيه بي مورغان"، و"سيتي غروب"، و"مورغان ستانلي"، إذ يمثل إجمالي أصول الأعضاء معاً 40% من الأصول المالية العالمية. لكنّ القائمة خلت من أكبر 3 بنوك في العالم، وكلها صينية، ومن كبار ممولي قطاع الفحم.

ترى سينثيا كوميس، مديرة التخفيف من آثار المناخ بالقطاع الخاص في "معهد الموارد العالمية"، في تصريحات أوردتها وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إن الالتزامات التي وافق عليها أعضاء "تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري" سيكون من الصعب ضبطها.

تقول كوميس: "أحد المؤشرات المهمة التي يجب النظر إليها هو معدل التمويل المستثمر في الوقود الأحفوري، مقابل التدفقات الرأسمالية الموجهة إلى تمويل المناخ، فإذا نظرت الآن ستجد معدل التمويل الذي يذهب إلى الوقود الأحفوري، أكبر من ضعف رأس المال الذي يذهب إلى تمويل المناخ".

وقدمت البنوك تسهيلات لتمويل الوقود الأحفوري منذ اتفاقية باريس عام 2015 بما يقارب 4 تريليونات دولار، وحصلت على إيرادات ورسوم من تلك العمليات تعادل 17 مليار دولار، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبيرغ. وفي المقابل، قدمت تمويلات بنحو 1.5 تريليون دولار للاستثمارات الخضراء خلال الفترة ذاتها.

ورتبت البنوك خلال العام الحالي ما يقرب من 460 مليار دولار فقط من السندات والقروض لقطاعات النفط، والغاز، والفحم، من بينها بنوك ضمن "تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري" والتي أكدت أنّها لن تخرج بشكل مفاجئ من ذلك المجال.

كذلك يُثير مبلغ 130 تريليون دولار لأعضاء التحالف العديد من التساؤلات، خصوصاً أنّ تلك الأموال ليست سائلة، بل عبارة عن إجمالي أصول يتم استثمارها بالفعل. والرقم يعني أنّ البنوك بحاجة إلى تصفية أصولها في الحال.

المساهمون