التغيرات المناخية تهدّد بهبوط حاد لإنتاج حبوب تونس

17 اغسطس 2022
تعاني الزراعة منذ سنوات من ارتفاع مؤشر الحرارة وتراجع التساقطات المطرية (فرانس برس)
+ الخط -

تحُول التغيّرات المناخية التي تشهدها تونس دون إنجاح مساعي السلطات والجهود الفردية التي يبذلها المزارعون من أجل تحسين مردودية المحاصيل والحد من استيراد الأغذية، وسط توقعات بتزايد الانعكاسات السلبية لارتفاع درجات الحرارة على الاقتصاد وقطاعاته الحيوية.

وتعاني تونس منذ سنوات من ارتفاع مؤشر الحرارة وتراجع التساقطات المطرية، ما سبّب انخفاض مخزونات السدود المملوءة بأكثر من 50% من طاقتها في أحسن الحالات.

وبسبب نقص الموارد المائية، تضطر السلطات خلال السنوات الماضية إلى تقليص مساحات الزراعات المروية، وخاصة تلك المخصصة لزراعة الحبوب، بينما يشكو الفلاحون باستمرار تأثر المحاصيل من نقص الماء وغياب البدائل، بالمساعدة على استغلال المياه الجوفية أو تحلية مياه البحر.

ويقرّ محمد الحبيب العامري، الذي يرأس بلدية سيدي إسماعيل شمال غربيّ تونس، التي تحتوي على أكبر مساحات مروية في البلاد، بتأثر النشاط الزراعي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة بنقص الأمطار، مؤكدا تراجع الزراعات المروية بشكل لافت وتأثر الغطاء النباتي كذلك.

وقال العامري، لـ"العربي الجديد": "يجد المزارعون في أقدم منطقة مروية بالبلاد صعوبات لتوفير مصادر المياه، حيث أصبح قطع الماء أو تقسيطه أمراً متواتراً خلال السنوات الأخيرة، ما نتج منه تراجع مردود المساحات المخصصة لإنتاج الحبوب المروية والأعلاف".

ورجّح العامري تصاعد أزمة المياه خلال السنوات القادمة، وهو ما يحدّ من مجهودات المزارعين لتحسين مردودية المحاصيل والاقتراب من الأمن الغذائي.

واعتبر المسؤول المحلي أن الصعوبات المناخية وتغيراتها وقلّة الأمطار، فضلاً عن تباينها بين أقاليم الشمال والوسط والجنوب، تهدد الزراعة، معتبراً أنه لا بد من التفكير في توسيع مشاريع تحلية مياه البحر، واعتماد مقاربة جديدة لتوفير المياه حتى عام 2030.

وتقدر الإمكانات المائية المتاحة في تونس بحوالى 4.8 مليارات متر مكعب سنوياً، وتتوزع بين المياه السطحية والجوفية وتلك المتأتية من الأمطار.

وتقوم سياسة تونس في تعبئة الموارد المائية على إحداث المنشآت المائية بهدف استغلال المياه السطحية، وخاصّة من طريق السدود الكبرى، وتخفيف الضغط على الموائد الجوفية والحفاظ على ديمومتها.

وبلغ عدد السدود المحدثة منذ عام 1945 حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2019، ما يعادل 37 سداً، إلى جانب 232 سداً تليّاً، و916 بحيرة جبليّة، وما يناهز 13 ألف بئر عميقة، و152 ألف بئر سطحيّة. ومكّنت هذه المنشآت من تعبئة 92% من الموارد المائيّة المتاحة.

لكن دراسة حول انعكاسات التغير المناخي على اقتصاد البلاد نشرتها وزارة البيئة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أكدت أن تونس مهددة بفقدان مواردها الطبيعية، إذ يتوقع أن تواجه نقصاً حاداً في محاصيل الحبوب بسبب الجفاف بمعدل الثلث من المساحة المزروعة لتبلغ مليون هكتار فقط بحلول 2030.

وتبعاً لذلك، سيشهد القطاع الزراعي تراجعاً على مستوى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بين 5% و10%.

وقالت الدراسة إن قطاع الزراعة الحيوي، الذي يمثل 14.2% من الناتج الداخلي الخام، يواجه خطر فقدان نحو 1000 فرصة عمل سنوياً.

وشددت الدراسة على تعرّض تونس لانعكاسات التغّيرات المناخية، بحيث يكون طقسها أكثر حرارة وجفافاً مع حدوث تغيّرات على مستوى التساقطات الموسمية، وارتفاع مستوى سطح البحر، ودرجة ملوحة المياه وحموضتها.

وتأتي هذه الخسائر نتيجة التأثيرات المختلطة الناجمة عن تراجع الموارد المائية والمياه الجوفية، وتقلص مساحة زراعة الحبوب والأشجار، وتزايد مخاطر اندلاع الحرائق.

المساهمون