التطبيع الإماراتي... هل يقوي ميناء حيفا على حساب مرفأ بيروت؟

24 سبتمبر 2020
حريق يلتهم ما تبقى من مرفأ بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -

لعب مرفأ بيروت دورا بارزا خلال العقود الماضية، حتى بات ميناء بحريا أساسيا، يخدم العمليات التجارية كافة، من النفط وحركات الركاب والبضائع، وربط الدول الأوروبية والشرق أوسطية والخليجية في آن واحد.
إلا أنه في الفترة الأخيرة، تكالبت عليه الأزمات، لا سيما بعد وقوع الانفجار الكارثي، في 4 أغسطس/ آب الماضي، الذي قدرت خسائره بأكثر من 15 مليار دولار، بحسب أرقام رسمية غير نهائية، ما أثر بشكل مباشر على سير العمل فيه.
إضافة إلى ذلك، طرحت تغيرات طرأت في الآونة الأخيرة علامات استفهام عدة، لا سيما بعد توقيع الإمارات اتفاقية للتطبيع مع الاحتلال، ما أثار خشية من سحب البساط من تحت مرفأ بيروت، لمصلحة ميناء حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في 16 سبتمبر/ أيلول الجاري، وقعت شركة موانئ دبي العالمية، سلسلة اتفاقات مع شركة "دوفرتاور" الإسرائيلية، تشمل التقدم بعرض مشترك لخصخصة ميناء حيفا، المطل على البحر المتوسط، وهو واحد من ميناءين رئيسيين في الأراضي المحتلة.
وقالت موانئ دبي، في بيان، إنها ستدخل في شراكة مع مجموعة إسرائيلية لتقديم عرض، من أجل أحد الميناءين الرئيسيين في إسرائيل، وستدرس فتح خط شحن مباشر بين الإمارات وإسرائيل.
إعلان الشركة، المملوكة لحكومة دبي، جاء بعد يوم من توقيع الإمارات والاحتلال، اتفاقا لتطبيع العلاقات، ما يمهد لتعاون تجاري واقتصادي كبير بينهما.

وتغطي مذكرات التفاهم مجالات تعاون، تشمل قيام "موانئ دبي العالمية" بتقييم تطوير الموانئ الإسرائيلية، وكذلك تطوير مناطق حرة، وإمكانية إنشاء خط ملاحي مباشر بين ميناءي إيلات وجبل علي.
كما تشمل مساهمة "جمارك دبي" في تسهيل التجارة بين المؤسسات الخاصة من الجانبين، واستكشاف فرص العمل مع أحواض بناء وإصلاح السفن الإسرائيلية على مبدأ المشاريع المشتركة.
واعتبر المحلل في الشؤون الشرق أوسطية سامي نادر، أن "التطبيع الذي حصل بين بعض الدول الخليجية وإسرائيل سيشكل تحديا، وأن هذه المنافسة يجب أن تدفع لبنان إلى إعادة تحديد دوره".
ويضيف نادر، أنه "سيترتب على مرفأ بيروت خسائر، إذا لم تُحدد له وجهة جديدة، وانطلاقة خطط اقتصادية جديدة".
أما الخبير الاستراتيجي ناجي ملاعب، فيعتبر أن تضرر مرفأ بيروت، بسبب الانفتاح الإماراتي البحريني على إسرائيل والتطبيع معها، "هو سياسي بامتياز".
ويوضح ملاعب، أن "المرفأ تضرر جراء الانفجار، لكنه أعيد للعمل بنسبة 70%، لأن غالبية الحاويات والحاملات لم تتضرر، والرصيف المهم ما زال عاملا".
الأزمة من وجهة نظر ملاعب، هي "الانفتاح العربي على إسرائيل وبداية التطبيع، وهذا ما قد يتضرر منه مرفأ بيروت، خاصة إن حل مكانه ميناء حيفا".
ويعتبر أن الأزمة يضاعفها، عمل الاحتلال على تشييد سكة حديد بين تل أبيب وإيلات، قائلا: "هذه السكة تعيد النمو إلى ميناء حيفا بشكل كبير".

وتستهدف دولة الاحتلال من إحياء ميناء حيفا بالشراكة مع الإمارات، بحسب ملاعب، "مد خطوط النفط البرية من الإمارات عبر السعودية، والأردن إلى إسرائيل، حيث سيكون ميناء حيفا هو الذي ينقل هذا النفط إلى أوروبا والخارج".
واستدرك ملاعب: "يمكن إعادة إحياء مرفأ بيروت بعد التفجير، لا سيما أن دولا كبرى تبرعت لإعادة إعماره بينها تركيا، فإذا أعيد إعمار المرفأ، سيعود إلى وضعه الطبيعي، لكن العوائق التي تحول دون ذلك هي سياسية".
في المقابل، رأى المدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي، أن  "مرفأ بيروت هو العاشر في حوض البحر المتوسط، وهو لن يفقد قيمته رغم الاتفاقيات بين الإمارات والاحتلال، لأنه لا أحد يستطيع الاستغناء عنه".
وأوضح: "لدينا ميزات في مرفأ بيروت وأسعارنا جيدة مناسبة ومنافسة، وهناك خطط لتطوير المرفأ، وتوسيعه في الوقت المناسب".
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، أن "عملية التطبيع تعطي منفذا لدول الخليج على التجارة عبر البحر المتوسط، عن طريق ميناء حيفا الذي يشكل المنافس الأبرز لمرفأ بيروت وقناة السويس".
وذكر مارديني، أن "ميناء حيفا قادر على تأمين خدمات التبادل التجاري لدول المنطقة، خاصة مع العمل على سكة حديد تربط ميناء حيفا بدول الخليج".
لكنه حمّل مسؤولية تراجع مرفأ بيروت إلى "سوء إدارته"، عازيا ذلك إلى "الفساد المستشري والتعقيدات (في المرفأ)، رغم عمقه والأحواض الممتازة فيه".

(الأناضول)

المساهمون