البمبوطية... تجار البحر عانوا من "إيفر غيفن"

30 مارس 2021
لدى البمبوطية عدة طرق للوصول وبيع بضائعهم للبحارة والسياح (فرانس برس)
+ الخط -

ذكّرت السفينة "إيفر غيفن" التي كانت عالقة بقناة السويس في مصر ، ومئات السفن التي كانت تنتظر تحريرها قبالة ساحل بورسعيد - شمالي مصر - بمهنة يمارسها أبناء بورسعيد والسويس منذ حفر الممر الملاحي الذي يحتل الترتيب الثالث من حيث الأهمية الدولية، وهي مهنة "البمبوطي".
البمبوطية مهنة بدأت بعد افتتاح قناة السويس سنة 1869 بمحافظة بورسعيد، ومنتسبوها يسمون أيضاً "تجار البحر" الذين امتهنوا بيع  منتجات متنوعة للسفن التي تعبر قناة السويس في وقت انتظارها أمام بورسعيد.
وبحسب أحد البمبوطية من أبناء السويس، فإن عشرات البمبوطية في المدينة لم يستطيعوا الوصول بزوارقهم إلى السفن المنتظرة في خليج السويس بعيداً عن الميناء في انتظار تحريك السفينة العالقة، على عكس بمبوطية الشمال في مدينة بورسعيد، الذين يستطيعون الوصول إلى السفن المنتظرة.
وأضاف الرجل الذي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من الملاحقة الأمنية أن  "مئات السفن العطلانة (العالقة) بقالها (منذ) أيام في خليج السويس بحارتها سيجوعون قريباً بسبب عدم استطاعتنا الوصول إليهم".
وتاريخياً كان بعض أبناء المدن يتجهون إلى الموانئ وفور رؤيتهم سفينة ترابط يتجهون إليها بمراكب صغيرة ويبيعون ما معهم من بضائع مثل الفواكه والأطعمة، وكان الأجانب فور رؤيتهم يسعدون ويقولون (بوت مان) ويأخذون ما معهم من بضائع وأنتيكات وتحف ويعطونهم بعض الهدايا من الملابس أو الأجهزة الكهربائية أو النقود في بعض الأحيان.
تغيرت مع الوقت أدوات عمل البمبوطي، إذ كان البمبوطي يحمل بضائعه الشرقية من أسواق بورسعيد ويذهب على حمار إلى الرصيف الذي تنتظر عليه السفينة، وإما أن يبيعها مقابل عملات أجنبية أو يقايضها ببضاعة أخرى مع البحارة أو السياح.

تطورت وسيلة نقل البضائع من الحمار إلى "التروسيكل" ثم القوارب الخشبية الصغيرة وكانت تسمى الواحدة منها "فلوكة" حتى وصلت إلى الوسيلة الحالية وهي "اللنش البحري".

 

ولدى البمبوطية عدة طرق للوصول وبيع بضائعهم للبحارة والسياح، فبعضهم ينتظر وصول السياح إلى رصيف ميناء بورسعيد حيث يتم عرض بضائعهم بفرشها على رصيف الميناء.

لكن أغلبية السفن والناقلات الراسية بالميناء والبعيدة عن الرصيف يتم الوصول إليها بقوارب صغيرة يستقلها البمبوطي حتى الوصول إلى سلم السفينة فيعتليه للوصول إلى سطح السفينة حاملاً بضائعه في حقيبة جلدية معلقة على الظهر. وما إن يصل إلى سطح السفينة حتى يقوم بعرض بضائعه في فترة زمنية لا تتعدى ثلاث ساعات تقريباً وهي فترة رسو السفينة بالميناء لتستكمل رحلة إبحارها.
ويتقن البمبوطية عدة لغات يتعاملون بها مع السياح والسفن الأجنبية العابرة لقناة السويس رغم أن غالبيتهم لم يحصلوا على أية شهادة دراسية ومع ذلك أتقنوا لغات وبرعوا في التجارة والبيع والشراء فوق السفن.
أصل كلمة "بمبوطية" جاءت من اللغة الإنكليزية حيث أطلق عليهم الأجانب "Boatman" بمعنى رجل المركب، وحرّفها أهل بورسعيد إلى كلمة "بمبوطي". وبدأت هذه التجارة بالأدخنة والفاكهة وبعض المنتجات المحلية مثل منتجات خان الخليلي والسعف والجلود وغيرها من المنتجات اليدوية.
ومثلت "البمبوطية" تراثاً مهماً للمدينة استلهم منها أبناؤها أزياء ورقصات مخصصة سميت بالبمبوطية تحاكي قصص هؤلاء رجال "البمبوطية".
وأصبحت للبمبوطى شخصية خاصة بهذه المهنة وطريقته في الحركة تميزه عن باقي المهن، ومن هنا جاءت رقصة البمبوطي التي تشكل من خلال مجموعة من الحركات والخطوات تجسيداً لهذه الشخصية وهي معروفة في المدن الساحلية، وتعبر عن الواقع اليومي لأهل البحر وطقوسهم واحتفالاتهم بيوم العمل والرزق، حيث يرددون على أنغام السمسمية كلمات بسيطة ومعبرة منها "تسلم يا قنال.. يا أبو رزق حلال".

وفي عام 1989 أسست فرقة الطنبورة للفنون الشعبية بهدف جمع تراث البمبوطية وإعادة إحياء أغانيهم ورقصاتهم التي كانوا يؤدونها أثناء عملهم.

المساهمون