انتعشت الحركة السياحية في إقليم كردستان العراق شماليّ البلاد مع حلول عطلة عيد الأضحى الذي تزامن مع العطلة الصيفية لطلبة الجامعات والمدارس في عموم المحافظات العراقية، ما ساهم في توجه أنظار الكثير من العائلات والوفود والمجموعات السياحية باتجاه محافظات الشمال بحثاً عن الراحة والاستجمام في المواقع السياحية المتعددة في الإقليم.
وبدأت تحضيرات الكثير من الشركات السياحية المحلية مع بدء العطلة الرسمية التي أقرتها الحكومة العراقية لمدة أسبوع كامل، بدءاً من يوم الثلاثاء الماضي، باتجاه الإقليم وزيارة المنتجعات والمصايف، استثماراً لعطلة العيد، وهرباً من حرارة الصيف اللاهب في المحافظات وسط العراق وجنوبه، بالإضافة إلى رغبة الاستمتاع بالمناظر التي تتميز بها محافظات الإقليم (أربيل، السليمانية، دهوك)، ما يزيد من الفرص الاقتصادية وإنعاش حركة السوق.
وقالت رئيسة هيئة السياحة في إقليم كردستان العراق، أمل جلال، إن هيئتها بالتعاون مع عدد من مديريات وهيئات السياحة شكلت عدداً من الفرق ولجان المتابعة والتفتيش لغرض تهيئة البيئة المناسبة لاستقبال السياح من داخل العراق وخارجه.
وأضافت جلال، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن السياح القادمين إلى الإقليم من محافظات العراق كافة، ومن دول الخليج والبلدان العربية والأوروبية، وجدوا البيئة الآمنة والمواقع السياحية المهمة، فضلاً عن التسهيلات الأمنية والاقتصادية من قبل حكومة الإقليم التي وضعت ضمن أولوياتها النهوض بالقطاعات الاقتصادية السياحية والصناعية والزراعية.
وأكدت أن الإقليم يمتلك مقومات سياحية كبيرة من خلال التنوع السياحي المتمثل بالسياحة الصيفية والدينية والعلاجية والتاريخية، فضلاً عن الطبيعة الجغرافية والتضاريس الخلابة التي تتميز بها محافظات الإقليم.
وأشارت إلى أن أعداد الوافدين تتضاعف بشكل كبير خلال الموسم الحالي قياساً بما شهده العام الماضي 2022، وأن أعداد السياح المُقدرة في عطلة عيد الأضحى بحدود 400 ألف سائح.
ودعت جلال إلى ضرورة النهوض بالواقع السياحي في إقليم كردستان العراق، من خلال فتح مجالات الاستثمار وتطوير البنية التحتية والموارد البشرية والدعاية السياحية اللازمة، لغرض فتح آفاق استثمارية سياحية تُضاف إلى جهود الإقليم في إقامة العديد من المشاريع.
وأشاد عدد من أصحاب شركات السياحة في العراق بالتسهيلات التي تقدمها حكومة إقليم كردستان العراق خلال المواسم السياحية على مدار العام، ما فتح المجال لزيادة عدد الرحلات اليومية باتجاه محافظات الإقليم، على الرغم من ضعف البنى التحتية التي تشهدها المواقع السياحية. وقال ياسر صبري، صاحب شركة للسياحة والنقل، إن هناك بحدود 250 شركة سياحية تعمل في وسط العراق وجنوبه، وتنظّم الرحلات السياحية إلى محافظات الشمال خلال فترة عطلة عيد الأضحى.
وبيّن صبري، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنهم بدأوا بتنظيم رحلات وقوافل إضافية نظراً للإقبال الكبير على السياحة في الإقليم من قبل المواطنين، مع صعوبة الحصول على حجوزات فندقية في مراكز المدن بسبب الزخم الحاصل خلال فترة العيد.
وأضاف أن أهم المواقع السياحية التي تدفع السياح للتوجه إليها هي قلعة أربيل وسط المدينة ومناطق شقلاوة وعقرة وراوندوز وسيدكان بمحافظة اربيل، فضلاً عن مصيف أحمد آوا وعدد من المصايف الأخرى في محافظة السليمانية، بالإضافة إلى مصايف شاوا وسرسنك وزاويتة وسولاف وقلعة العمادية في محافظة دهوك.
ووفق صبري فإن المبالغ التي يمكن أن يصرفها السائح في الإقليم ليست بالكبيرة مقارنة بما يمكن أن يصرفه السائح خارج العراق، حيث لا تتجاوز تكلفة السائح الواحد 100 دولار فقط تشمل النقل والإقامة ووجبة إفطار صباحي لمدة أربعة أيام. وبيّن صبري أن عطلة عيد الأضحى هذا الموسم تزامنت مع العطلة الصيفية للجامعات والمدارس، ما أتاح الفرص لكثير من العائلات لاستثمار العطلة والذهاب للسياحة والاستجمام.
واعتبر الخبير الاقتصادي، كوفد شيرواني، أن قطاع السياحة يعد إحدى أهم الركائز الاقتصادية التي يعتمد عليها الإقليم في محاولة لتجنب خطأ الاعتماد على إيرادات النفط التي تشكل اختلالاً في الهيكل الاقتصادي للبلد. وأوضح شيرواني، لـ"العربي الجديد"، أن المكاسب الاقتصادية لقطاع السياحة تصل إلى 10 في المائة من إجمالي إيرادات الإقليم، إلا أن الحكومة تعمل على رفعها من طريق فتح مجال الاستثمار السياحي للمستثمرين المحليين والأجانب، من خلال وضع تسهيلات كبيرة تتعلق بمنح الأراضي وإعفاءات جمركية وتسهيلات إدارية، بهدف تعزيز قدرة الاقتصاد السياحي لدى الإقليم.
وأضاف أن الإقليم بحاجة إلى استثمارات وخبرات كفوءة متخصصة لإدارة هذا القطاع وتنشيطه وتكوين شبكة من العلاقات مع بقية البلدان للتعريف بالواقع الاقتصادي السياحي في المنطقة والطبيعة الخلابة التي يتميز بها الإقليم لتكون مناطق جذب للسياح. وبحسب شيرواني فإن إيرادات الإقليم من السياحة يمكن أن ترتفع إلى 25 في المائة خلال السنوات المقبلة، بفضل الخطط الاستراتيجية التي تعمل عليها حكومة الإقليم بهدف تقليل فرص الاعتماد على إيرادات النفط والتخلص من تقلبات أسعار الطاقة.