الأردن: "شرائح الكهرباء" تخيف المستهلكين ونواب يطالبون بكبح الفواتير

23 اغسطس 2021
خطة التسعير الجديدة جاءت تنفيذاً لمطالب القطاعات الاقتصادية (فرانس برس)
+ الخط -

تضع الكلف المرتفعة لإنتاج الكهرباء في الأردن حكومة المملكة في مأزق كبير، إذ يضغط نواب في البرلمان باتجاه إلزام الدولة بإعادة النظر في اتفاقات شراء الطاقة من الشركات الخاصة، مبررين ذلك بارتفاع تكاليفها وتحميلها للمواطنين.

وأضحت أسعار الكهرباء من الملفات الشائكة في الدولة، إذ يضغط صندوق النقد الدولي باتجاه خفض الأسعار للقطاعات الاستثمارية مقابل زيادتها للاستهلاك المنزلي، الأمر الذي دفع الحكومة قبل أيام إلى إقرار سياسة تسعيرية جديدة ترتبط بشرائح الاستهلاك، وهو ما يثير قلق الكثير من المواطنين حيال ارتفاع قيمة الفواتير، بينما تنفي الحكومة أن يكون الهدف من هذه السياسة هو زيادة الأسعار.

يقول رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب، زيد العتوم لـ"العربي الجديد " إن لجنة الطاقة طالبت الحكومة عدة مرات بإعادة النظر في اتفاقيات الطاقة، خاصة المتعلقة بشراء توليد الكهرباء من القطاع الخاص كون الكلف المترتبة على هذا الأمر مرتفعة جداً.

 دعم ثابت على الفاتورة الشهرية بقيمة 2.5 دينار (3.5 دولارات) للمشتركين الذين يتراوح استهلاكهم بين 51 و200 كيلو واط/ ساعة شهرياً.

ويضيف العتوم أن "بعض الاتفاقيات مجحفة من حيث ارتفاع سعر شراء الكهرباء من شركات التوليد، وبالتالي تحميل الخزينة أعباء كبيرة ولجوء الحكومة من حين إلى آخر إلى رفع التعرفة لتخفيض الخسائر بعض الشيء".

ووفق رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب فإن قطاع الطاقة يعاني من عدم دقة ونجاعة الاستراتيجيات التي تنظمه، مشددا على أن الاتفاقات السابقة حملت المواطن عبئاً ‏كبيراً على فاتورته الشهرية. ويؤكد أهمية وجود خطة واضحة مرتبطة بجدول زمني لخفض كلف الطاقة واستثمار الفائض من الطاقات التي ينتجها القطاع الخاص، بما ينعكس على انخفاض سعر وتكلفة الكهرباء في المملكة.

ويقدر خبراء في قطاع الطاقة ما تتحمله الحكومة من خسائر بسبب الاتفاقيات الموقعة مع شركات توليد الكهرباء ومشاريع الطاقة المتجددة سنويا بمئات ملايين الدولارات.

يقول خبير الطاقة عامر الشوبكي لـ"العربي الجديد" إن خسائر الحكومة من اتفاقيات الكهرباء تقدر بحوالي 650 مليون دولار سنوياً، مشيرا إلى أن الخطأ الذي ارتكبته الحكومات يتمثل بإبرامها عقوداً طويلة الأمد مع شركات توليد الكهرباء بالطاقة البديلة، بينما مشاريع الطاقة المتجددة في تطور تكنولوجي مستمر من ناحية تطوير خلايا شمسية بكفاءة أعلى وبتكلفة أقل، وبالتالي وجود عقود طويلة الأمد غير مجد ويسبب خسائر في ظل انخفاض تكلفة الإنتاج.

ولا يبدو أن الطريق ممهد أمام تعديل الاتفاقات طويلة الأجل مع شركات توليد الكهرباء، ما دفع الحكومة مؤخرا إلى إقرار سياسة من شأنها ربط قيمة فاتورة المنازل بشريحة الاستهلاك، في حين سيتم خفض الأسعار للقطاعات الإنتاجية.

ووفق رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن حسين اللبون، سيتم تطبيق تعرفة كهربائية جديدة خلال الثلث الأول من العام المقبل 2022، معتبرا أن "هذا الإجراء يأتي ضمن خطة تنظيم التعرفة الكهربائية، من خلال توجيه الدعم للمشتركين الأردنيين، وإزالة التشوّهات في التعرفة الحالية وزيادة الشفافية وتبسيط الفواتير لتسهيل فهمها من قبل المشتركين".

وقال اللبون في تصريحات صحافية، الأسبوع الماضي، إن "تنظيم التعرفة الكهربائية لا يعني زيادة أسعار الكهرباء، إذ إن قرابة 90% من المشتركين الأردنيين في القطاع المنزلي لن يلمسوا أي تغيير على فواتيرهم".

ووفق هيئة الطاقة سيتم تقديم دعم ثابت على الفاتورة الشهرية بقيمة 2.5 دينار (3.5 دولارات) للمشتركين الذين يتراوح استهلاكهم بين 51 و200 كيلو واط/ ساعة شهرياً، ودينارين لمن يتراوح استهلاكهم بين 201 و600 كيلو واط شهرياً، باستثناء اشتراكات عدادات الخدمات، بينما سيخضع من يتجاوز هذا الحد من الاستهلاك لشرائح تسعيرية مرتقبة.

وبالنسبة للتعرفة غير المدعومة، ستكون هناك شريحتان، من 1 إلى 1000 كيلو واط بسعر 120 فلساً لكل كيلو واط، و150 فلساً لكل كيلو واط لأكثر من 1000 كيلو واط. وجاءت خطة التسعير الجديدة تنفيذاً لمطالب القطاعات الاقتصادية بخفض كلف الطاقة الكهربائية، من أجل "زيادة تنافسيتها وتحفيز قدرتها على تحقيق النمو المستدام".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وسبق أن مارس المقرضون الدوليون ضغوطا على الحكومة من أجل رفع أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي وخفضها للقطاعات الاستثمارية، حيث أصدر البنك الدولي تقريراً نهاية مايو/ أيار الماضي، أشار فيه إلى الانعكاسات السلبية لارتفاع أسعار الكهرباء على الاستثمارات القائمة، وحذر إلى خطورة استمرار الوضع على ما هو عليه، ما يعني هروب الاستثمارات وتراجع تنافسية المنتجات الأردنية محلياً وخارجياً.

وكشف البنك الدولي أن الحكومة الأردنية ملتزمة بخطة مدتها 3 سنوات ابتداء من العام الجاري لتعديل تعرفة الكهرباء وخفض التكلفة العالية للكهرباء على الشركات.

في المقابل تتزايد تحذيرات الخبراء من أن تؤدي زيادات فواتير الاستهلاك المنزلي إلى رفع الضغوط المعيشية على الأسر خاصة في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا التي فاقمت الأعباء المالية للكثيرين.

المساهمون