استيراد الغاز من إسرائيل جريمة في حق وطن

14 يناير 2015
مصر تعني أزمة طاقة خانقة (أرشيف/Getty)
+ الخط -
لو أن وزير البترول المصري شريف اسماعيل خرج أمس لينفي ما نشر في صحف ووكالات أنباء عالمية كبرى، حول قرب استيراد مصر الغاز من إسرائيل، لما صدقته، ولقلت إن الرجل يقول كلاماً في "الهجايص" أي لا قيمة له وعكس الحقيقة، فقد سبقه نظيره الأردني، حينما خرج على الأردنيين قبل شهور، وأقسم بأغلظ الأيمان بأن استيراد المملكة الغاز من إسرائيل ما هو إلا شائعات مغرضة بعيدة عن الواقع، وتستهدف الإساءة إلى سمعة الأردن، ووضع الملك والحكومة معاً في موقف حرج أمام الشعب، لكنّ الوزير المصري خرج علينا ليقول لنا إن هناك احتمالا لاستيراد بلاده الغاز من جارتها إسرائيل، وهو ما اعتبرته وكالة "رويترز" أول تصريح لمسؤول مصري يفتح الباب أمام إتمام صفقة استيراد الغاز.

إذن استيراد مصر الغاز من الكيان الصهيوني بات أمراً واقعاً بحسب تصريحات وزير البترول، ومطلوب من المصريين الموافقة على الخطة بل ومباركتها بحجة أنها ضرورية لحل أزمة الطاقة وانقطاعات الكهرباء المستمرة، وربما يذهب المسئول المصري إلي القول بأنها ضرورية لحماية الأمن القومي المصري.

وكما خيّر رئيس الوزراء الأردني شعبه قبل أيام ما بين استيراد الغاز من إسرائيل أو رفع أسعار الكهرباء، خيّر الوزير المصري مواطنيه أيضاً ما بين استيراد الغاز من الكيان الصهيوني أو الظلام الدامس طوال الصيف بسبب انقطاع الكهرباء.

إنها عقلية مبارك نفسها ونظامه الانتهازية التي كانت تخير المصريين ما بين لقمة العيش والحرية، وما بين الحصول علي رغيف الخبز بذل وامتهان وغياهب السجون.

ولأن "كل شيء وارد" بحسب نص تصريحات الوزير المصري "وما يحقق مصلحة مصر واقتصادها ودورها في المنطقة سيكون هو الحاكم في قرار استيراد الغاز من إسرائيل" كما قال، فإن مصلحة مصر ليست هي الارتماء في أحضان عدوها التاريخي إسرائيل، بل في البعد عنها، وخاصة مع وجود بدائل أقل تكلفة لاستيراد الغاز، فما الذي يمنع مصر مثلاً من استيراد الغاز من قطر، خاصة مع التقارب الأخير، وما الذي يمنعها من استيراد الغاز من دول أخري في مقدمتها إيران وروسيا.

إنها حجة العاجز والبليد الذي يرمي نفسه وأمنه القومي وبلده في أحضان أعدائه الذين لا يفوتون فرصة في اضعاف مصر سياسيا واقتصاديا وماليا واظهارها بمظهر لا يليق بمكانتها في الأوساط الدولية.

نعم، مصر تعاني من أزمة طاقة حادة خلقها نظام مبارك بتصدير الغاز لأعدائها، لكنّ هناك بدائل للتعامل مع الأزمة، ليس من الضروري أن يكون منها استيراد الغاز من إسرائيل، لاعتباراتٍ تتعلق بالأمن القومي المصري في الدرجة الأولى وبرد فعل الشارع.

المساهمون