احتجاجات الأردن... كورونا يعمق الفقر والبطالة ومخاوف من اتساع الغضب

16 مارس 2021
احتجاج أمام مستشفى حكومي بعد مأساة حالات الوفاة لنفاد الأوكسجين وتردي الخدمات (فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت الاحتجاجات في الأردن خلال اليومين الماضيين اعتراضا على تردي الأوضاع الاقتصادية، واستمرار الحكومة في فرض إجراءات مشددة كالحظر الشامل والجزئي، وإغلاق العديد من القطاعات والمنشآت لمواجهة وباء كورونا.

وقد اندلعت احتجاجات في عدة مدن وبلدات مطالبة الحكومة بتحسين الوضع الاقتصادي وتوفير فرص العمل وإلغاء الإجراءات المشددة، التي يشدد المحتجون على أنها ساهمت في تعميق الأزمة المعيشية وفقدان عشرات الآلاف من المواطنين وظائفهم، وإعادة النظر بمجمل آليات العمل الحكومية.

وتفجرت موجة الغضب إثر فضيحة الإهمال في مستشفى حكومي، والتي تسببت في وفاة ما لا يقل عن ستة مرضى بفيروس كورونا إثر نفاد الأوكسجين. بينما تضرر اقتصاد المملكة بالأساس بشدة من إجراءات الإغلاق، إذ ارتفع معدل البطالة إلى مستويات غير مسبوقة وازدادت أيضا نسبة الفقر، بعد أن شهد الاقتصاد العام الماضي أسوأ انكماش في عقود.

وبحسب أحدث بيانات رسمية صدرت عن دائرة الإحصاءات العامة الحكومية الأسبوع الماضي، وصلت نسبة البطالة إلى 24.7% خلال الربع الأخير من العام الماضي بزيادة 5.7% عن نفس الفترة من العام 2019.

وقد نبه وزير العمل نضال قطامين، الذي استقال من الحكومة يوم الأحد من الأسبوع الماضي، بعد أقل من 24 ساعة على التعديل الوزاري لحكومة بشر الخصاونة، إلى خطورة مشكلة البطالة، واصفا إياها بـ"القنبلة الموقوتة" التي قد تنفجر في أي لحظة.

وقال أحمد عوض، رئيس المرصد العمالي الأردني، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار معدلات البطالة في الارتفاع مؤشر على تنامي المشكلة، خاصة مع تداعيات جائحة كورونا وخسارة عشرات الآلاف فرص العمل.

وتوقع عوض أن تواصل البطالة ارتفاعها خلال الأشهر المقبلة، بسبب استمرار الوباء وتباطؤ الاستثمار وإغلاق العديد من المنشآت والقطاعات في إطار الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا.

وأشار إلى ارتفاع أعداد الأردنيين العائدين من الخارج، ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة وبلوغها مستويات غير مسبوقة، مضيفا أن زيادة البطالة من الأسباب الأساسية لاحتقان الشباب الذين لم يعد بمقدورهم تأمين فرصة عمل، خاصة في ظل تداعيات كورونا، الأمر الذي يشكل خطراً على الأمن المجتمعي بشكل عام.

وكان البنك الدولي قد توقع أخيرا أن يزيد عدد الفقراء في الأردن جراء تأثيرات جائحة كورونا، مشيرا إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 1.3 دينار يومياً (1.83 دولار) وهو خط الفقر المدقع عالمياً، ستبلغ نحو 27% خلال العام الجاري. كما توقع ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.25 دينار يومياً إلى 19%.

وقال حسام عايش، الخبير الاقتصادي، إن الفقر والبطالة عاملان أساسيان لتغذية حالة عدم الرضا الشعبي عن أداء الحكومات المتعاقبة، وبالتالي فإن المتعطلين عن العمل والشرائح الفقيرة قابلون في أي وقت لتنظيم التظاهرات والوقفات الاحتجاجية ضد الحكومة، للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية واعتراضا على السياسات الاقتصادية وإخفاقها في التصدي للمشكلتين.

وأضاف عايش لـ"العربي الجديد" أن "ما يشهده الأردن حالياً أمر متوقع وتم التنبيه إليه عدة مرات، ما يستدعي العمل بمنهجيات ناجعة لوقف تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع نسب الفقر والبطالة، فضلا عن ضرورة اتخاذ خطوات إضافية لحماية المال العام ومحاسبة الفاسدين، وخاصة في القضايا الكبرى المتورطة فيها شخصيات معروفة ولم تغلق ملفاتها حتى الآن".

وتسببت الظروف الاقتصادية الصعبة في تزايد حالات التعثر المالي في المملكة خلال الأشهر الماضية. واستنادا إلى بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي ومؤسسات مالية أخيراً، فإن عدد المتعثرين مالياً يتجاوز مليون شخص مدينين لبنوك أو جهات أخرى بموجب شيكات بدون رصيد.

وحسب تقرير حديث للبنك المركزي، فإن قيمة الأقساط المؤجلة من قبل البنوك للأفراد والشركات خلال الفترة من مارس/ آذار وحتى يونيو/ حزيران 2020، بلغت حوالي 1.7 مليار دينار (2.4 مليار دولار)، منها 573.18 مليون دينار للأفراد، و1.11 مليار دينار للشركات. ويقدر إجمالي مديونية الأفراد بحوالي 15 مليار دولار.

وكانت الحكومة قد زادت ساعات الحظر من السادسة مساء وحتى السادسة صباحاً من كل يوم وفرضت حظراً شاملاً يوم الجمعة، وهو ما اعترضت عليه القطاعات الاقتصادية والمواطنون بشدة.

وخلال اليومين الماضيين، تم خرق الحظر الليلي من قبل المتظاهرين وسط المطالبات بإلغاء الغرامات المالية المترتبة على عدم الالتزام بتنفيذ الأوامر الحكومية في هذا الشأن، حيث تبلغ قيمة الغرامة 140 دولاراً في حدها الأعلى.

وشملت الاحتجاجات ضد القيود الحكومية مختلف القطاعات، فقد ألقت الجائحة بظلال سلبية واسعة على مختلف الأنشطة، لا سيما السياحة التي هوت عائداتها بنحو 75% العام الماضي وفق البيانات الرسمية.

وقال صلاح البيطار، رئيس جمعية الفنادق في محافظة العقبة، لـ"العربي الجديد"، إن خمسة فنادق أغلقت أبوابها نهائيا حتى الآن وسرحت أكثر من 550 عاملا خلال الأسابيع الماضية، في حين تحوي هذه الفنادق ما يقارب 1130 غرفة فندقية في مختلف التصنيفات، لا سيما غير الشاطئية.

وأشار البيطار إلى أن الحركة السياحية بالعقبة في تراجع بسبب الجائحة، خاصة بعد الإغلاقات المتكررة للأنشطة الاقتصادية، مطالبا بدعم القطاع السياحي للحفاظ على ديمومته وعدم إغلاق المزيد من الفنادق وتسريح موظفيها.

كما امتدت حالة الحنق إلى قطاع النقل العمومي، إثر قرار الحكومة الأخير تخفيض السعة المقعدية المسموح بها في وسائل النقل العامة الى 50% بدلاً من 75%، على عمل حافلات النقل العاملة على الخطوط الداخلية والخارجية، حيث نظم عشرات السائقين احتجاجات في مناطق مختلفة من الأردن على هذا القرار.

وكانت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب قد طالبت الحكومة مؤخراً باتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لحماية القطاعات الاقتصادية المتعثرة بفعل أزمة الوباء، وضرورة صياغة خطة طارئة لإنقاذ القطاعات التي تساهم بنسب تشغيل وطني مرتفعة، وعدم تركها فريسة للإفلاس مع ضرورة الربط الزمني بين دعم القطاعات والمدد المتوقعة لتخفيف القيود على حركة المنشآت والأفراد.

وانعكست الأزمة على الأداء المالي للدولة، إذ من المتوقع أن تسجل الموازنة للعام الحالي عجزاً بقيمة 2.05 مليار دينار (2.89 مليار دولار) بعد المنح، بينما تمثل الضرائب غالبية الإيرادات المقدرة بقيمة 11.1 مليار دولار، رغم التأثيرات السلبية الواسعة على دخل الكثير من المواطنين.

المساهمون