أطماع روسيا الاقتصادية... بوتين يسعى للسيطرة على موارد آسيا الوسطى

11 يناير 2022
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (Getty)
+ الخط -

أنهت موسكو عام 2021 بتحشيد جيوشها على الحدود الأوكرانية وبدأت العام الجاري 2022 بدخول جيوشها إلى كازاخستان ضمن خطوة يرى محللون أنها قد تكون مقدمة لضم البلاد التي كانت جزءاً من الإمبراطورية السوفييتية إلى حين تفككها في عام 1991.

وحسب محللين في صحيفة " وول ستريت جورنال"، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعمل على استعادة نفوذ بلاده على الجمهوريات السوفييتية السابقة، خاصة كازاخستان، وبالتالي الحصول على أسواق جديدة وتعزيز استراتيجية الهيمنة على الطاقة العالمية خاصة مادة اليورانيوم.

من بين العقوبات التي يدرسها المسؤولون الأميركيون، حظر روسيا من بعض المعدات التقنية التي تدخل فيها مكونات أميركية، ومن شراء الشرائح المتطورة

ولاحظ محللون أن الرئيس بوتين خلال الـ15 عاماً الماضية تدخل عسكرياً في جورجيا وبيلاروسيا وأوكرانيا حينما ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.

والآن ربما يستغل أزمة كازاخستان التي يملك فيها أكثر من 10 قواعد عسكرية لضمها جزئياً، خاصة أنه يطالب بحكم ذاتي للأقلية من السكان الروس في كازاخستان الذين يقدر عددهم بنحو 3.5 ملايين نسمة من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة، وفقاً للتقديرات الروسية.

موقف
التحديثات الحية

تحتاج موسكو بشدة لكازاخستان الغنية بالنفط والغاز واليورانيوم والمعادن الأخرى والأراضي الزراعية لدعم الاقتصاد الروسي، ومساومة الصين على مشاريع طريق الحرير التي تمر عبر جمهوريات آسيا الوسطى إلى أوروبا.

وحسب صحيفة " إكسبرت رو" الروسية، فإن كازاخستان قد تفتح الصراع على الموارد الطبيعية النادرة في آسيا الوسطى، حيث ترغب كل من تركيا والصين وروسيا في الهيمنة على دول آسيا الوسطى التي تقع حالياً تحت النفوذ العسكري الروسي، ولكنها كذلك تتبع لمنظمة الدول الناطقة بالتركية من ناحية ثقافية، كما أنها من الناحية الاقتصادية تعد من الممرات الاستراتيجية لمبادرة "الحزام والطريق" إلى أوروبا.

تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري وأكبر سوق لصادرات كازاخستان. وبلغت التجارة بين البلدين نحو 22.94 مليار دولار خلال الـ 11 شهراً من 2021

ووفق مراقبين غربيين فإن الولايات المتحدة على الرغم من أنها تراقب تحركات الدب الروسي في كازاخستان على بعد دون الدخول طرفاً في النزاع حول موارد آسيا الوسطى بعد انسحابها من أفغانستان، إلا أنها ترى أن هيمنة روسيا على المنطقة ربما تقود إلى احتكاك بين بكين وموسكو في آسيا الوسطى، وبالتالي تخدم مصالحها في الهيمنة على "النظام العالمي".

وتعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري وأكبر سوق لصادرات كازاخستان. وحسب البيانات الرسمية الصينية، بلغت التجارة الصينية مع كازاخستان نحو 22.94 مليار دولار خلال الـ 11 شهراً من العام الماضي 2021.

وهو ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 14.7% في حجم التجارة بين البلدين مقارنة بما كانت عليه في عام 2019. وصدرت الصين نحو 12.59 مليار دولار من البضائع إلى كازاخستان واستوردت منها نحو 10.35 مليارات دولار.

كما تملك الشركات الصينية حصصاً مهمة في مشاريع الطاقة واليورانيوم الواقعة في كازاخستان.

وفي عام 2013 باعت كازاخستان حصة 8.33% من حقل كاشغان الكازاخستاني إلى شركة البترول الوطنية الصينية مقابل 5 مليارات دولار. وتستورد الصين سنوياً أكثر من 4 ملايين طن من الغاز الطبيعي من حقل كاشغان.

ويرى محللون أن الرئيس الصيني شي جين بينغ تربطه علاقات قوية مع الرئيس الكازاخي الحالي قاسم جومارت توكاييف ويدعم بقوة استقلالية كازاخستان. وبالتالي فإن خبراء أميركيين يرون أن أية محاولة من فلاديمير بوتين لضم جزء من كازاخستان سيدق أسفيناً بين موسكو وبكين.

على صعيد الحشود الروسية على الحدود الأوكرانية، بينما بدأ مسؤولون من إدارة الرئيس جوزيف بايدن وحلفاء واشنطن محادثات هذا الأسبوع في جنيف مع روسيا حول ملف أوكرانيا، قالت مصادر أميركية إن المسؤولين يدرسون فرض مجموعة من العقوبات المالية على روسيا في حال تعديها على السيادة الأوكرانية، وذلك حسب ما ذكرت مصادر قريبة من المحادثات لصحيفة " وول ستريت جورنال".

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد ذكر لقناة "سي أن أن" الأميركية، إن هنالك وسيلتين للتعامل مع روسيا، إحداهما الحوار والدبلوماسية والأخرى هي المواجهة في حال دخول الحشود العسكرية الروسية إلى الحدود الأوكرانية.

موسكو ستواجه إجراءات عقابية في حال التعدي على السيادة الأوكرانية من بينها الحد من صادرات الطاقة الروسية وقد تصل إلى حرمانها من استخدام الدولار

ويرى مسؤولون أميركيون، أن موسكو ستواجه إجراءات عقابية صارمة في حال التعدي على السيادة الأوكرانية من بينها الحد من صادرات الطاقة الروسية وقد تصل إلى حرمان روسيا من استخدام الدولار في النظام المالي العالمي.

لكن خبراء يرون أن عقوبات تصدير الطاقة الروسية ستكون لها جوانب سلبية على الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية، إذ إن ارتفاع أسعار الطاقة سيضر بالمستهلك الأميركي الذي يعاني من ارتفاع سعر التضخم وكذلك ستكون له تداعيات سلبية على الاقتصادات الأوروبية التي لديها علاقات تجارية ومالية وطاقوية عميقة مع روسيا.

ولا تزال الدول الأوروبية تعاني من ارتفاع فاتورة الطاقة على الرغم من الطقس المعتدل الذي تعيشه أوروبا في العام الجديد.

وحسب "وول ستريت جورنال" فإن من بين العقوبات الأخرى التي يدرسها المسؤولون الأميركيون، حظر روسيا من بعض المعدات التقنية التي تدخل فيها مكونات أميركية، وكذلك حظرها من شراء الشرائح المتطورة التي تستخدم في الطائرات والسلع الاستهلاكية مثل أجهزة الكومبيوتر والإلكترونيات.

وعلى الرغم من أن الصادرات الأميركية لروسيا لم تتعد 9.4 مليارات دولار في عام 2020، إلا أن حظر روسيا من الوصول إلى هذه المعدات المتطورة سيكون له تأثير سلبي على تحديث اقتصادها.