أزمة وقود تخنق مدن شرق أوكرانيا

23 مايو 2022
محطة وقود في أوديسا (Getty)
+ الخط -

يشكو الشاب أندريه البالغ من العمر 26 عاماً والمقيم في مدينة أوديسا الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، من نقص الوقود، والطوابير في محطات التموين، متخوفاً من أن يؤدي استمرار هذا الوضع إلى ارتفاع أسعار وقود السيارات بشكل مبالغ فيه، ما سيؤثر حتماً بأوضاعه هو وغيره من السائقين.

يقول أندريه الذي يعمل سائقاً لصحافيين أجانب في أوديسا وميكولايف (شرق)، في حديثه إلى "العربي الجديد": "نعاني من النقص في الوقود والديزل، وأصبحت هناك طوابير حتى لشراء الغاز. ذات يوم لم أتمكن من مَلء سيارتي، فشعرت بقلق بالغ من أنني لن أستطيع مواصلة عملي الذي يعتمد على توافر الوقود مباشرةً، ومنذ ذلك اليوم، بدأت البحث عن سبل بديلة للحصول على الوقود عبر مختلف المجموعات على تطبيق تيليغرام وغيره".

مع ذلك، يقلل من احتمال اختفاء الوقود بشكل كامل، مضيفاً: "أعتقد أنه سيكون هناك دائماً احتياطي من الوقود لوسائل النقل العام على الأقل والنقل العسكري... ألاحظ أنه أحياناً تُغلَق محطات التموين التي يتوافر فيها الوقود أمام المواطنين العاديين، ليقتصر التموين على وسائل نقل خاصة، إلا أن هناك مدناً مثل سومي لم يعد يتوافر بها الوقود قط، أو إذا توافر يكون مقابل أسعار خيالية، ولا يمكن استبعاد تكرار هذا السيناريو في أوديسا أيضاً".

وتفاقمت أزمة نقص الوقود في أوديسا وغيرها من مدن شرق أوكرانيا، إثر استنفاد الاحتياطات في المخازن، وانقطاع حركة الاستيراد من بيلاروسيا وروسيا من الشمال والشرق وعبر الموانئ، وتدمير مصفاة كريمنتشوك، مع استمرار الإمدادات عبر الحدود الغربية للبلاد فقط من بولندا ورومانيا ومولدوفيا والمجر وسلوفاكيا.

إثر هذا الوضع، ازدادت المسافة التي تقطعها ناقلات الصهاريج من 300 كيلومتر كحد أقصى إلى ما بين 800 و1000 كيلومتر، ما ترجم ارتفاعاً في أسعار الوقود في أوديسا بمقدار يصل إلى الضعفين، متجاوزة الحد الأقصى لأسعار الوقود التي حددتها الحكومة الأوكرانية بـ37.4 هريفنا (1.25 دولار) لليتر أو 39.5 هريفنا (1.35 دولار) للفئات الراقية من الوقود.

ورصدت "العربي الجديد" خلال جولة بين محطات التموين في أوديسا، ارتفاعاً حاداً لأسعار جميع المحروقات واختفاءها من بعض المحطات أو فرض الحد الأقصى للكميات المبيعة للفرد الواحد.

وفي كلمة مسجلة، وعد عمدة أوديسا، غينادي تروخانوف، بتقليص النقص في الوقود خلال أسبوع أو أسبوعين، لكن مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات أوروبية، داعياً المواطنين إلى الحد من الاعتماد على سياراتهم الخاصة واستخدام وسائل النقل العام.

وتعليقاً على هذا الوضع، قال مسؤول المشاريع الخاصة في مركز بسيخيا العلمي التقني، غينادي ريابتسيف: "على مدى الحرب، شنّت روسيا بضع عمليات قصف مكثفة ومدمرة على مواقع البنية التحتية الحيوية في مجال الطاقة من المصانع والقواعد النفطية... دُمِّرَت احتياطيات هامة من الوقود".

مع ذلك، أقرّ ريابتسيف بتساهل الدولة مع تجار الوقود في زمن الحرب وتخاذلها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع ارتفاع الأسعار، مضيفاً: "بدلاً من مساءلة اللاعبين في السوق وفق قوانين زمن الحرب، قدمت الحكومة تنازلات لهم لأسباب غير واضحة من طريق زيادة الربح المضمون للشركات بنسبة 40%، والآن تحصل الشركات الموردة لمنتجات النفط إلى أوكرانيا، الكبرى منها على الأقل، على مبالغ أكبر مقابل بيع الوقود حتى مقارنة بوقت السلم".

واعتبر أنه لا يمكن تدارك الوضع إلا باتخاذ إجراءات حازمة، قائلاً: "يجب الإسراع في اعتماد أشد الإجراءات للحد من جشع بعض اللاعبين في السوق، وإذا لم يفوا بوعودهم، يجب فرض إدارة حكومية مباشرة على الشركات التي تعتبر أن ملء جيوبها أهم من النصر في الحرب".

وفي العاصمة الأوكرانية، علّق رئيس الغرفة الإنسانية لمقاطعة كييف، أليكسي كوليبا، على الوضع مع الوقود، قائلاً: "هذا الوضع لا مفر منه ما دامت الحرب مستمرة. سيكون الاتحاد الأوروبي هو المورد الوحيد للوقود، وبالتالي ستكون أسعار الوقود قريبة منها في الدول المجاورة".

وسبق للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن علّق على نقص الوقود في أوكرانيا، قائلاً: "نشهد طوابير وارتفاعاً في الأسعار بمحطات التموين في العديد من مقاطعات بلادنا. يستهدف الغزاة (الروس) البنية التحتية لإنتاج المحروقات وتوزيعها وتخزينها. حاصرت روسيا موانئنا أيضاً، ولذلك لا حلول فورية لسداد النقص".

وتعتمد أوكرانيا في الوقت الحالي على استيراد وقود السيارات من ليتوانيا وبولندا، حيث لا يقلّ سعر الوقود من فئة 95 أوكتان، عن 1.5 يورو لليتر.

وقبل الحرب، كانت أوكرانيا تستهلك نحو 11 مليون طن من مشتقات النفط سنوياً، نصفها تقريباً كان من روسيا، وثلثها من بيلاروسيا.

وانخفض الإنتاج الأوكراني من تكرير النفط بمقدار خمسة أضعاف، مقارنة بعام 2008، حين كانت البلاد تغطي احتياجاتها من الوقود والديزل والزيوت.

وعند بداية عهد استقلال أوكرانيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، كانت ست مصافٍ أوكرانية تنتج نحو 50 مليون طن من مشتقات النفط سنوياً.

المساهمون